القرية التي وُلد فيها كانت الداعم الأكبر والمحفز لتكون بوابة العبور إلى العالميّة، لا ينسى فضلها ويذكر جميلها حتّى اليوم، يعاهد نفسه أن يعود إليها يوماً يحتفي على مسرحها ويغني ويعزف فوق ترابها الغالي.

الفنان "إبراهيم كيفو" الذي تقلّد العالميّة بعد جهد ومثابرة، وسنين من العمل في الجانب الموسيقي، في بداية حديثه مع "مدوّنة الموسيقا" يخبرنا أنه يحنُّ لقريته، ويذكر حجم فضلها عليه، فيقول: «بدأت وتطورت علاقتي مع الفن من خلال قريتي "دوكر" التابعة لناحية "عامودا" في محافظة "الحسكة" فالقرية يسكنها أكراد إيزيدية، لذلك الموسيقا مقدسة عندهم، شجعوني الكبار والنساء والشباب والصغار، قديماً وفي أماكن أخرى كان التوجه للموسيقا يشعرك بخجل وتردد، أما بقريتي هناك تشجيع وتحفيز، كان قدري رائعاً، في عمر 10 سنوات عندما تأثرت وتابعت الحفلات، وتأثر كبير بالفنان الكبير الراحل "سعيد كاباري" وأغلب فناني المنطقة الشعبيين، شغف هائل ومراقبة حركاتهم بالعزف، وتجوال معهم هنا وهناك لمتابعة الحفلات وأنا طفل».

عندما حظي بالدعم والتشجيع، انتقل لمرحلة أخرى، بدأ يصنع آلات موسيقية من أدوات بسيطة جداً لتوالف البيئة، طورها أكثر من مرة، لكنها جدون مستوى الطموح، فهي توالف البيئة، وعمره لا يساعده لصنع آلة موسيقية مناسبة، حتّى تلك الآلة التي جلبها له شقيقه الأكبر، لم تكن مناسبة لينطلق بها، وأخيراً تمكن والده من شراء آلة موسيقية من قرية مجاورة بمبلغ كبير حينها تحديداً عام 1976، كل التفاصيل التي مرت لم تكن أكثر من عامين.

1- الفنان إبراهيم كيفو

عندما كسب الآلة المناسبة باشر بالعزف والغناء لأهل قريته ومقربيه، وأكمل دراسته في الصف السابع بمدينة "الحسكة" يقول عن تلك المرحلة: «مع وصولي "للحسكة" لإكمال الدراسة، قدمني السيد "جميل برو" للمشاركة في إنجاز حفلة فنية في نادي رياضي، ثم جاء دور السيد "عصام المانع" أخذني للمشاركة بمهرجان فني مركزي في المركز الثقافي عام 1979 كان أول لقاء مع الجمهور وأنا صف سابع، كانت انطلاقة جيدة، حفزني للمضي قدماً الجمهور الذي وجدني لأول مرة، بعدها تابعت بالمهرجانات المحلية في مختلف مناطق المحافظة، وشاركت على مستوى القطر في "دمشق وحمص واللاذقية" ومحافظات أخرى ضمن مهرجانات مركزية، حتّى وصولي بالدراسة للمعهد الموسيقي بحلب».

جائزة أورنينا!

أشرف على دراسته نخبة من الأساتذة الكبار في المعهد الموسيقي، منهم وأهمهم وهو مَن ساعده بالتطور والمضي نحو مراحل أكثر تقدماً الموسيقيّ الكبير "نوري اسكندر" حيث شارك معه بمهرجانات مختلفة، أهمها مهرجانات الأغنية السورية باحترافية كبيرة، خلالها حصل على أهم جائزتين للأغنية السورية أيام الفنان الكبير "دريد لحام" مدير المهرجان في قلعة "حلب" حسب كلامه وأضاف كيفو: «تعد من المهرجانات العظيمة على مستوى القطر، ضيوفها من الوطن العربي والعالم، حصلت بالدورة الرابعة للأغنية السورية على جائزة "أورنينا" لأفضل أداء غنائي تراثي بأغاني جزراوية، بفقرة بانوراما الأغنية السورية، بعدها في الدورة الخامسة جائزة "أورنينا الذهبية" لأفضل أداء ولحن وكلمات عن أغنية "مسا الخير" حتى الآن تعرض على القناة السورية، طبعا عملتها بلهجة يفهمها كل أبناء الوطن، اشتهرت الأغنية كثيراً، وانتشرت على نطاق واسع، من ذلك الوقت وتم منحي اللقب الأجمل والأغلى من جمهوري بأني سفير الأغنية الجرزراوية».

2- إيراهيم كيفو في إحدى حفلاته

بعد أن شارك عمراً طويلاً في مختلف المهرجانات الغنائية والفنية في القطر، أبرزها مهرجانات الأغنية السورية، انطلق للمسارح العربية والعالمية، يحدثنا عنها: «بدءاً من عام 2002 شاركت مع الموسيقي "نوري" وفنانين آخرين من المعهد وهم: "نعمة عمران، باسم الخوري، لؤي حناوي، ديما أورشو"، تجولنا العالم مع فرقة فنية لمسرح "هولندا"، بأكثر من 30 عرضاً موسيقياً في مختلف الدول منها: "أثينا، امستردام، كولن، بلجيكا" على مسارحها العالمية، بعدها شاركت على الصعيد الشخصي، بتلقي الدعوات من المسارح الأوربية والعالمية، في تلك الدول يقدموني ممثل الأغنية الجزراوية، وفي "فرنسا" عندما قدموني في بيت الثقافات العالمية عرضوا لي قرص CD يعدونه من أهم الأعمال الثقافية الموجودة على مستوى القطر، فيها خمس لغات محكية بلغات الجزيرة "العربي، الأرمني، السرياني، والأشوري، والكردي" والتراتيل الدينية، ولأني الوحيد من يقدم تراتيل اليزيدية».

يعزف الفنان العالمي "إبراهيم كيفو" على مختلف الآلات الموسيقية كالبزق والطنبور والعود والجمبش والبغلمة، و الكمنجة الفلكلورية، ويؤكد بأن البداية الناجحة والتحفيز يؤدي لنتائج طيبة، هو لا ينسى جائزة أحسن عازف بزق في الثمانينيات أثناء مشاركته في مهرجان على مستوى القطر بمدينة "حمص" وهو طالب.

طبعاً يشير إلى مشاركته بمهرجانات عالمية في "دمشق" في دار "الأوبرا" عازفاً ومغنياً ومحاضراً، ومشاركة مهمة عندما اختيرت "دمشق عاصمة للثقافة العربية"، بمهرجان كبير في كلية الفنون الجميلة.

له مشاركات أخرى عديدة وكثيرة في دول عربية وأجنبية، يقول عنها: «وقفت على مسارح عربية عديدة منها، مسرح بيت الدين في "لبنان"، وهي من أهم مهرجانات تلك الدولة، وفي "الكويت" و"الإمارات" و"إقليم كردستان العراق"، و"الأردن" مع فرقة "سويسرية"، ومشاركات ومهرجانات على مستوى العالم مثل "كازاخستان، اسبانيا، فرنسا، السويد، المانيا"، على أهم المسارح العالمية، ولي خلال مسيرتي جوائز وشهادات كثيرة أبرزها: تكريم وتقدير من اتحاد كتاب العرب فرع "الحسكة"، من نقابة المعلمين بالحسكة أيضاً، من مؤسسات مجتمعية عديدة، من مؤسسات إيزيدية في العالم، ..جائزة الشاعر الكردي الكبير "جكر خوين"، غيرها الكثير».

الأمل الباقي!

أمله وشغفه وحلمه أن يعزف ويغني في أي بقعة وزقاق في دمشق، والأمل بأن ينطلق منها إلى قريته الريفية البسيطة ويغمي لأهله وناسه هناك، سيحقق حلمه ولن يطول هذا الحلم حسب كلامه، فالجمهور الكبير الذي يملكه هو رأسماله وأكبر رصيد له، وهو على تواصل يومي معهم بكل أشكال وطرق التواصل الاجتماعي وقنوات وإذاعات العالم المهتمة بمجال الفن حسب ما أضافه.

الفنان العالمي "إبراهيم كيفو" مصدر فخر واعتزاز لفناني البلد، وللجزيرة السورية خاصة، هذا ما قاله الفنان "بهزاد حسن" من أبناء مدينة "القامشلي" وأشار بأنه قامة فنية كبيرة، من يغني بكل لغات أهل الجزيرة، ويستحق أن يكون سفيراً بامتياز، حسب "بهزاد".