بصوته الرخيم والجميل وغناءه القدود والتراث والموال وجمعه بين الطرب القديم والحديث بأسلوب رشيق وأصيل وضع المطرب " شادي جميل" نفسه في مصاف عمالقة الغناء المحلي والعربي، وبما قدمه خلال مسيرته الطويلة من أغان مميزة وناجحة ضربت له موعداً مع الشهرة والنجاح من خلال وقوفه على المسارح مع تسابق كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة على بث أرشيفه الغنائي، ليزيد ذلك من مكانته الفنية ومحبة الجمهور لعطائه. الكلمات المفتاحية: زهير النعمة، شادي جميل، جلال جوبي، تراث حلب، القدود الحلبية

بدايات واعدة

ولد المطرب "جورج جميل جبران" والمعروف بالوسط الفني باسمه الشهير بـ"شادي جميل" في مدينة "حلب" بعام ١٩٥٥، بدأت موهبته الغنائية منذ نعومة أظفاره حيث امتلك "شادي" صوتاً جميلاً من خلال تواجده بمدرسته الإبتدائية، ثم إنضمامه لفرقة تراتيل الكنيسة وهناك تعلم الغناء ضمن جوقة الكورال في الأعياد والمناسبات، ليتابع طريقه بالانتساب للمركز الثقافي والالتحاق بالقسم الموسيقي فيه ليتلمذ على يد كبار الملحنين أمثال " نديم الدرويش" و"بهجت سليمان" وخلالها تعلم غناء القدود والموشحات إضافة لتعلمه أصول رقصة "السماح" وبعد ذلك توسعت ثقافته الموسيقية ولتكون بداية مشواره الفني في منتصف الثمانيات بغناء وتقليد المطرب الراحل "صباح فخري" ومع نجاحه بهذا النوع من غناء التراث المتمثل بالموشحات والقدود والموال والدور وجمع في دراسته الألحان البيزنطية وأحكام التجويد الأناشيد الصوفية، وضع "شادي" ذاته في الطريق الصحيح مستفيداً من جمال صوته وأحساسه وثقافته وحسن مخارج ولفظ الحروف لديه.

مع "مدونة الموسيقا"

تواصلت "مدونة الموسيقا" مع الفنان "شادي جميل" إلى "اليونان" مكان زيارته الحالية، فقال لنا: «في البداية أحب أن أشكر مدونتكم ولفتتكم الجميلة نحو مسيرتي الفنية الطويلة وأعتبر ذلك بمثابة تكريم ووسام ليس لي فقط وإنما لقيمة ومكانة الفن الحلبي والسوري في المحافل العربية والعالمية»، وأضاف: «في البدايات عارضني والدي بشدة لاتباع طريق الفن ونصحني بمتابعة دراستي رغم أن والدي ووالدتي كان صوتهما جميلاً ولكن دون اظهارهما للعلن وأنا أيضاً رفضت فكرة أن تتبع ابنتي طريق الغناء وطلبت منها التوجه نحو دراستها فقط. حرصت خلال مسيرتي الفنية الطويلة والتي قاربت ال ٤٠ عاماً على غناء الموشحات والقدود الحلبية والموال ونهلت وتعلمت ذلك من كبار مطربيها العملاقة وهم أصحاب فضل علي، وتابعت مشواري بطرح البومات غنائية جديدة بالتعاون مع كبار الشعراء والملحنين السوريين الذين اثبتوا مكانة كبيرة في الحفاظ على التراث الحلبي بأشعارهم والحانهم، ولا بد لي من شكر من علّمني تجويد القرآن الكريم "حسن حفار" و"مصطفى البصال" و"عبد الرحمن مدلل" وشكر أيضاً الجمهور الذواق الذي دعمني وشجعني على متابعة مشواري أينما كنت وحللت».

1- الفنان الحلبي شادي جميل

تعاون مثمر مع الكبار

2- المايسترو جلال جوبي مع الفنان شادي جميل

تعاون "شادي" بشكل ناجح في مشواره الفني الطويل مع كبار الشعراء والملحنين المحلين والعرب أمثال الشاعر الراحل "عمر البابا" وصفوح شغالة" و"عبد الرحمن الحلبي" و"انطوان مبيض" و"نظمي عبد العزيز" و"فتحي الجراح" و"نهاد نجار" و"عدنان أبو الشامات" و"سليم سروة" و"ميشل عوض" و"إيلي شويري" و"محمد قدري دلال" و"أمين الخياط" و"مازن الأيوبي" واللبناني "جورج ميردوسييان" ولتكون بداية شهرته بأغنية "يارب يا عالي شوف عبدك" ثم أغنية "عايل ماني عايل أسمر يابو الجاديل" والأغنية الشهيرة "أسمك يا شهبا يا شهبا إنكتب مجد وحضارة.. حضارة وأدب" من كلمات وألحان "عمر البابا" والأغنية الشهيرة الأخرى "قوموا لنرقص عربية ونفرجي ها العالم فنا نحن شباب الحلبية خلقت ها الرقصة إلنا" من كلمات الشاعر "صفوح شغالة" وألحان "نهاد نجار" ثم أغنية "رشرش حبك يا جميل" من كلمات الشاعر "عمر البابا" وألحان "فتحي الجراح" وأغنية "لا ريم ولا غزلان" وأغنية "يم المحرمة" وأغنية "إنسى غرامك راح سيب العتب دشرى" وأغنية "يا خاين العشرة" و"طول البنية" و"قالولا لونك أسمر" وموال "ياما عيوني بكيت يوم الودعت" و"ياهل رحلتوا عودوا" و"يا سايق الهجن أمشي على هونك خليني اودع الولف"... وهكذا تتالت أغانيه الناجحة تباعاً لتصل إلى أكثر من مئة أغنية جمعت ما بين التراث الحلبي السوري القديم والحديث بأسلوب أحبه وتقبله الجمهور كثيراً.

الغناء في دول العالم

أحيا وغنّى المطرب "شادي جميل" الكثير من حفلاته الغنائية في العاصمة اللبنانية "بيروت" التي أحبها وأقام فيها الكثير من الوقت، وزار أغلب الدول العربية وأوروبا والأمريكيتن وغنى للجاليات العربية واستضافته عدة محطات وإذاعات ووسائل إعلام وتحدث فيهما عن مشواره الفني وانطلاقته ونال عدة أوسمة وتكريمات محلية وعربية على نجاحه في الحفاظ على هواية الأغنية السورية والعربية.

3- صورة نادرة تجمع الشاعر عمر البابا مع المطرب شادي جميل

شهادة الموسيقار جلال جوبي

تواصلت "مدونة الموسيقا" مع الموسيقار جلال جوبي المقيم حالياً في "السويد" والذي يعتبر بمثابة الصديق الشخصي للمطرب "شادي جميل" فقال للمدونة: «شادي جميل فنان أثبت ذاته الفنية بجدارة في في عالم الغناء المحلي والعربي وكشهادة للتاريخ يعتبراً واحداً من أهم المطربين الذين حافظوا على هوية التراث الغنائي الأصيل، وضع لذاته هدفاً وجاهد في سبيل تحقيقه بالإرادة والعزم والتخطيط الصحيح وكان له ما أراد بعد مشوار طويل واجه خلاله الكثير من الصعاب والتعثر وأحياناً المحاربة. في سن مبكره من عمره دخل مدرسة العشق للفن الحلبي وغنى فن الموشحات والأدوار والقدود والقصائد والمواويل والقدود وسط وجود كبار وعمالقة الطرب الحلبي في وقتها أمثال الأساتذه "محمد نصار" و"علي عبد الجليل" و"أحمد الفقش" ومحمد خيري و"مصطفى وماهر" وصولاً إلى "صباح فخري" و"محمد خيري" . فبدأ بحفظ جميع ما كان يسمعه من "صباح فخري" هذا بالأضافه إلى الألحان الكنسيّة التي كان يتعلمها من خلال دوامه في الكنيسه بالترتيل أيام الأحد والأعياد، وهذا ما أثار أنتباه الناس لذلك الصوت الجميل الذي أمتلكه في عالم الغناء، وبدأ نجمه بالسطوع في سماء "حلب" وبعدها إلى كل المحافظات السوريه واستطاع أن يثبت وجود لنفسه بمهارة وجدارة في عالم الغناء. كانت أولى الأغاني التي أشتهر بها القد الحلبي وهي "يا رب يا عالي شوف عبدك".

المايسترو جوبي يجيب على سؤال "مدونة الموسيقا"، لكن لماذا هذا القد بالذات؟

ويقول: «عندما أنتبه "شادي جميل" إلى ناحية قل ما تلفت أنتباه أحد وخاصة ببداية مشواره الفني. كما طرق باب المواد الغنائيه التي كانت محفوظه على رفوف المكتبات و(قدُّ) "يا رب" هو من التراث الحلبي المنسي فبذكائه استطاع أن يخرجه للعلن ليكون البدايه الموفقه وبدأت الحفلات تتوالى شيئاً فشيئاً وبدأ اعجاب الناس يتصاعد شيئاً فشيئاً حتى غدا "شادي جميل" معروفاً بالوسط الفني ولديه جمهوره. لو ظل "شادي جميل" يغني ما غناه السلف ممن سبقوه لكان الناس سيقولون نعم صوته جميل واقرب مقلد لصباح فخري».

أعمال غنائية خاصة

أدرك أنه يجب أن يكون له أعمال وأغان خاصة به بكلام معاصر ولحن معاصر لكنها ضمن نسيج الفن الحلبي، فعكف على التعامل مع الشعراء والملحنين الحلبيه الذين أعطوه فنا يشبه القدود الحلبيه تماماً حتى ليخال للمرء الالتباس بين أغانيه الخاصه والقدود فكانت أغنيات "يا أم المحرمه" و"كنت بزماني" و"قالولا لونك أسمر" و"سلطان العاشقين" و"عايل" و"ياحبيب" و"راجع حساباتك" و"اسمك ياشهبا" و"إنسى غرامك راح" و"ليش أنا حبك جنون" وأغنية "قوموا لنرقص عربية"، و"شهبا وش عملو فيكي" التي غطت على كل أعماله.

هذا من ناحية القدود وطبعاً العدد أكبر من ذلك بكثير، أما في مجال الموشحات فقد كان لتعامله مع المرحوم الفنان الكبير "عدنان ابو الشامات" أثراً كبيراً في مجموعة من الموشحات الدنييه التي سجلت كلها في إذاعة "دمشق" ، وله من ألحان الدكتور "محمد قدري دلال" وصلات من الموشحات التي تعد درراً في عالم التلحين ، كما أخذ من الفنان الكبير "نديم الدرويش" عدة الحان أذكر منها "شام المجد" من كلمات "عمر البابا".

المايسترو جوبي يتحدث عن بداية التعاون مع الفنان جميل فيقول: «وفي عام ٢٠١٤ تم التعاون الفعلي بيني وبين الفنان "شادي جميل" وكنت رئيساً للفرقه الموسيقية ومسؤولاً عاماً لكل البرامج التي سيقدمها من حفلات ومهرجانات ولقاءات تلفزيونية، فكان "مهرجان قلعة الحصن" والمهرجانات التي كانت تقام في "وادي النصارى" وحفلات "حلب" و"حمص" و"طرطوس" و"اللاذقيه" و"دمشق" وأنحاء "سورية" بشكل عام وجميع حفلات "لبنان"

أما عن اللقاءات التلفزيونيه فكان لنا حلقة ببرنامج حرب النجوم وحلقة مميزه مع الاعلامي المميز "زاهي وهبه" في برنامجه "بيت المبدعين العرب"، ولقاءات عديده على هامش حفلات الاوبرا في "مصر" و"سورية" ، وكانت لنا جولات عديده في "أمريكا" و"أوروبا" و"كندا".

وعلاقتي بالفنان "شادي جميل" تعدت جميع الحواجز منذ دخولي فرقته الموسيقيه فقد حرصت على استقطاب أكبر العازفين للعمل سوية، وباختصار هو فنان من طينة الكبار أخلص لفنه بتواضع وشموخ فأحبه واحترامه الجميع ».