رغم أنها آلة بسيطة في شكلها، إلا أنه تتوفر فيها إمكانيات تمكن العازف من الوصول لأعلى مراحل أداء عزف منفرد تميز به الشاب "عبود الحلبي" يبعث من خلاله، في بلاد الاغتراب، رسائل من الشوق والحنين لأهله وأصداقائه، فيها نغمات وألحان تعبر عن ذائقة طربية أصيلة.

أَسرَارُ آَلَةِ النَّايِ وَجَمَالِيَّتِهَا

بدأ "عبود الحلبي" العزف على آلة الناي لما فيها من مكانة بين عشاق الطرب والغناء والموال؛ ويضيف العازف لـ"مدونة الموسيقا": «سبب اختياري لهذه الآلة، هو جدّي الذي كنت أشاهده وأراقبه باستمرار هو يعزف على آلة الناي، فبدأت أحب هذه الآلة وأتعلق بها تدريجياً، وكان جدي أول من شجعني على التعلم عليها، فهي لا تقلّ أهمية عن أي آلة موسيقية أخرى، وبدأت التعلم على هذه الآلة بمفردي من دون طلب أي مساعدة من أحد عام 2007، كنت دائماً حريصاً أن أعتمد على نفسي في مرافقة هذه الآلة والبحث عن أسرارها وجماليتها كونها آلة نفخية شرقية، التي لم أكن على علم بأي من تفاصيلها لولا الموسيقي "زياد قاضي أمين" الذي يعود الفضل له في مساعدتي والتعرف على الناي بعد تدريب وتعلم مستمر، حتى أصبحت واحداً من طلّابه، وسابقاً لم يكن يتوفر لدي أي فرصة للتسجيل في معهد موسيقي أو متابعة أحد العازفين، وذلك بسبب ضغوطي الدراسية وكنت أحاول إظهار موهبتي لمن حولي فقط، من أقربائي وأصدقائي في المدرسة ضمن إمكانياتي، شاركت في مسابقة غنائية في المدرسة بحلب، وحصلت على المرتبة الأولى، حتى وصلت لمرحلة أنني بحاجة لاكتساب الثقافة الفنية وتطوير حتمي لأدائي الموسيقي، ما دفعني لتعلم أصول الغناء والقدود والموشحات على عدة مراحل، في مدرسة الأستاذ صباح فخري».

اغتِرَابِي أَغنَى مَوهِبَتِي

يتابع العازف "عبود الحلبي" حكايته: «أعمل حالياً لوضع بصمة خاصة مؤثرة لي لدى المتابعين لموسيقاي أينما كانوا، وتمكنت من خلال سَفَري إلى العراق، ومدينة "أربيل" تحديداً، من اكتساب الكثير من الخبرات الفنية والموسيقية بالإضافة أنني تعرفت على المقامات العراقية والمواهب الفنية الموجودة في العراق، كما رافقت الملحن العراقي "كوكب حمزة" الذي التقيت به في مقهى للموسيقيين وعندما سمع صوتي في الغناء وعزفي على آلة الناي صمم على نشر موهبتي بالمحافظة على الهوية الشعبية والعربية من خلال إيمانه بأن آلة الناي جديرة بالاهتمام ويجب إعادة إحيائها كما كانت في السابق منذ عشرات السنين وغيرها الكثير من الأشياء، كما تعرفت على بعض الملحنين والموسيقيين مؤخراً وبكل متابعة وإصرار بدأت بالعمل مع كبار الفنانين العراقين لتنمية موهبتي وصقلها، وإضافة مخزون ثقافي وموسيقي تراثي جديد يغني تطلعاتي وذلك بهدف الاستمرارية وإشباع الذائقة الفنية، وأول مشاركة غنائية كانت في محافظة طرطوس عام 2014، حيث حصلت فيها على المرتبة الأولى ضمن مسابقة للغناء والموسيقا، ومن خلال هذه المسابقة بدأ ظهوري أمام الناس، فقد رافقت بعدها الكثير من النجوم السوريين في عدة حفلات ومهرجانات غنائية، إلى أن أصبحت آلة الناي عشقاً أبدياً بالنسبة لي، والمرافق الوحيد لصوتي أينما كنت وفي أي مناسبة».

1- عازف الناي الشاب عبود الحلبي
2- عبود الحلبي مع مجموعة من آلات الناي والكَوَلا المحببة لديه

تَعلِيمُ النَّايِ عَبرَ الإِنتَرنِت

لايخفي "الحلبي" اعتماده على "السوشل ميديا" والإنترنت في عملية التعليم من خلال عرض حلقات فيديو مصورة لتعليم الطالب ولتطوير الموسيقا بشكل أسهل، ويلجأ حالياً إلى تجهيز عدة مشاريع موسيقية في مدينة أربيل العراقية ويردف قائلاً: «أعمل في هذا الوقت على تجهيز وافتتاح معهد لتعليم الموسيقا التراثية والعربية تتناسب مع الذوق العام وتعليم الغناء والإيقاع بالاضافة لتعليم العزف على الناي وآلة "الكَوَلا" في أربيل بالإضافة لإنشاء فرقة موسيقية، بالإضافة لإعطائي دروساً عملية تطبيقية عبر شبكة الإنترنت، بهدف إبعاد الطلاب عن حالة الدروس الروتينية وإجراء تمارين على عدة معزوفات وللتعرف أكثر على الطرب العربي الأصيل عبر تقديم مجموعة الأغاني التي تتناسب مع العزف الموسيقي على آلة الناي».

تظهر إمكانيات العازف "عبود الحلبي" بشكل لافت ومميز عبر قنوات السوشل ميديا، تفيد الفنانة "شام شواخ" وتتابع قائلة: «أتابع بكل اهتمام أعمال صديقي الفنان "عبود الحلبي" فهو شخص متمكن موسيقياً ويمتلك عزفاً منفرداً مسترسلاً وجميلاً ومتقناً، وبدأ ينال شهرة تدريجياً من خلال المعزوفات التي ينشرها عبر الإنترنت، عدا عن اكتسابه خبرات موسيقية مهمة عبر مشاركته لأعمال فنانين سوريين كثيرين منهم وفيق حبيب، وحسام جنيد، والفنانة العراقية رحمة رياض.. أتمنى له كل التوفيق».

الناي آلة موسيقية شرقية قديمة جداً، ولها تاريخها العظيم، يقول الموسيقي "جمال شبر" ويتابع: «تكمن أهميتها أنها آلة روحانية وقريبة جداً للانسان، وأيضاً آلة أساسية في الموسيقا العربية والتخت الشرقي ونادراً ما نجد عازف ناي متمكناً، إلا إذا كان لديه حب وشغف لهذه الآلة الجميلة، وعازف الناي "عبود الحلبي" كان له بصمة جميلة في هذه الآلة من خلال عمله مع الكثير من الفنانين من "سورية والعراق ولبنان".

كما أسس عبود اسماً جميلاً في "سورية والعراق" من خلال ثقافته الموسيقية وإحساسه الراقي وتواضعه مع الآخرين. حيث إنه درس أصول الغناء والقدود والموشحات في مدرسة الأستاذ الكبير "صباح فخري"، ودرس آلة الناي ومناهجها عند الأستاذ العظيم "زياد قاضي أمين"، والعازف عبود يسعى للخير دائماً ولنشر حب الموسيقا بين قلوب الناس».