أحيا كورال "مشتى الحلو" أمسية موسيقية عبقت بأصوات فتيّة متفاوتة الأعمار، ضمن مهرجان "دلبة مشتى الحلو" الثالث عشر، الذي أقيم تحت شعار "الزيتون.. جذور الحياة"، حيث قدّم الكورال باقة من الأغاني الجماعية والإفرادية، لامست وجدان الحضور، وأكدت على رسالة نشر الفرح وتلاحم الأرض والفن.

الخطوة الأولى

حول بداية كورال "مشتى الحلو" وكيف كانت الانطلاقة الأولى، تحدثت لـ "مدونة الموسيقا" مؤسسة وقائدة الكورال "مرام حرش" خريجة "كلية الصحافة والإعلام" من جامعة دمشق، ابنة جوقة "الفرح"، وخريجة "معهد صلحي الوادي"، قالت: «لأننا نحب الغناء والفرح، ونحب منحه للأطفال، كانت الانطلاقة في مشتى الحلو في عيد الميلاد 2014 حيث أحيينا حفلة العيد فيها، ليدهشنا تجاوب وشغف الأطفال الذين شاركونا الغناء بمحبة مما شكّل حافزاً مهماً لتأسيس الكورال في العام نفسه».

وتشير إلى أن الكورال يتألف من أطفال المشتى وبعض القرى المجاورة، جمعهم حب الغناء والموسيقا، ويختلف عدد الأعضاء من عام لآخر نتيجة السفر أو لأسباب أخرى. وتشير إلى أقسام الكورال الثلاثة، وهي: "الجوقة الصغرى" وتضم 50 طفلاً، و"الجوقة الكبرى" وتضم الشباب والجامعيين وعددهم 15 شاباً وشابة، أما القسم الثالث فهو "النادي الموسيقي" المؤلف من العازفين الذين كبروا في الكورال، وتتنوع أصواتهم بين "سوبرانو وآلتو"، كما تتنوع أصوات "الجوقة الكبرى" بين "سوبرانو أول وسوبرانو ثاني وآلتو". مع التأكيد على أن الغناء الجماعي هو أساس الكورال، لكن مع وجود أصوات مميزة، تُمنح لها فرصة الغناء الإفرادي لإبراز جمال صوتها.

كورال مشتى حلو

مراحل تطور الكورال

مرام حرش وأعضاء كورال مشتى حلو

بعد مرور عشر سنوات من التدريب واكتساب الخبرات، تطور الكورال، واختلف تناغم الأصوات وأسلوب الغناء الذي خلق تآلفا موسيقياً للأصوات فيما بينها، وأتاح القدرة على غناء صوتين في جوقتي الكورال، بالإضافة إلى التأقلم مع أصوات أخرى، هذا التطور فتح المجال أمام كورال "مشتى الحلو" بالمشاركة مع فرق كورال أخرى كجوقة "الفرح"، التي أحيت معه ثلاث حفلات مشتركة، ونوهت "حرش" إلى وجود عازفين كبروا مع الكورال واختاروا آلاتهم الموسيقية كـ "البيانو والعود والغيتار والطبلة"، ومعظم الأعضاء اتجهوا إلى دراسة الموسيقا والعزف على النوتة الموسيقية عوضاً عن الاعتماد على العزف أو الغناء السماعي.

مهرجان المشتى

حول مشاركة الكورال في الأمسية المشتاوية، أشارت "حرش" إلى التفاعل الكبير بين الكورال والحضور، موضحة أن الهدف لم يكن الاستماع فحسب، بل مشاركة الحضور بالغناء والتفاعل المباشر، واستطاع الكورال تحقيق ذلك، وتابعت قائلة: «أهم عناصر النجاح كان اختيار الأغاني المناسبة، حيث حرصت على انتقاء القديم منها نوعاً ما، مثل أغاني "الرحابنة وزكي ناصيف" شرط أن تكون مألوفة، وذات ذوق موسيقي عالٍ، وتم الاعتماد على نظام "المدلي" لخلق جو حماسي وإلغاء طابع الملل، ما جعل الأمسية تفاعلية وناجحة».

وعند سؤالنا لها بترشيحها أكثر أغنية تعبّر عن حالة وروح "مشتى الحلو" و"الكورال" معاً، أجابت: «أغنية "بيبقى ناس" للفنانة "عبير نعمة"»، وختمت كلامها بالتأكيد على الرسالة التي يقدمها الكورال في مسيرته، وهي أن الغناء يهب الفرح، وأضافت «نحن اليوم بأمس الحاجة إلى الفرح فالفن هو الوحيد القادر على منحنا طاقة متجددة، وبث السعادة والأمل بداخلنا في جميع الظروف».

تدريب متواصل

ضمن السياق نفسه تحدثت المهندسة "لينا ديب" وهي من منظمي مهرجان "دلبة مشتى الحلو" وعضو في مؤسسة "الملتقى الثقافي، قائلة: «جاء "الكورال" نتاج تدريب وتعب متواصل وتراكمي، واستطاع عكس روح المنطقة وثقافتها».

وأشارت إلى التطور اللافت بالمستوى والأداء، والاستفادة من تجارب كورالات وجوقات موسيقية متنوعة، مما خلق هذا التناغم الجميل، أما عن اختيار الأغاني، فتقول: «كان اختيار الأغاني موفقاً وترك انطباعاً جميلاً لدى الحضور وتفاعلاً واضحاً ظهر عبر مشاركتهم للكورال في الغناء، كما نوهت إلى التسهيلات المتزامنة في إجراءات المهرجان من الموافقات وغيرها، والتعاون الإيجابي مع الجهات العامة، ليقدم المهرجان بكافة نشاطاته رسالة سامية فحواها الحب والفرح والسلام».

تفاعل الحضور

الشاب "سامي منصور" القادم من دمشق، والحريص على حضور المهرجان سنوياً، يقول: «منذ اللحظة التي وصلت بها إلى مكان الأمسية في دار كنيسة "مار الياس"، أحاطت بي رائحة الأصالة، فقد كان المسرح مفتوحاً على المنظر الطبيعي، مما ضاعف من جمالية الحفل»، وأكثر ما لفت انتباهه تنوع الجمهور من حيث الأعمار المتفاوتة وخاصة الفتيّة، والانسجام بين أعضاء الكورال واختيار الأغاني القديم منها والعصري، مما يرضي كافة الأذواق، وأشار إلى أداء الكورال المبدع أثناء غنائهم للرحابنة، واقترح تسجيل الحفلات وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي، ليراها من لم تسمح له الظروف بالحضور، وتخصيص فقرة موسيقية بدون غناء لعرض براعة العازف.

وببراءة وخجل تتحدث "ليال عبدلله" 13 عاماً، مُعبّرة عن سعادتها لحضور الأمسية والغناء مع الكورال في معظم أغانيه، وأشارت إلى جمال المكان الذي شكل لوحة متكاملة مع الكورال، وعند سؤالها كيف تحفظ هذا النوع من الأغاني التي رددتها خلال الحفل، أجابت: أنها من بيت يبدأ صباحه بصوت فيروز، تأكيداً على ان المنزل هو الأذن الموسيقية التي تصنع ذائقة الطفل الموسيقية والتربوية، تأمل ليال أن تنضم قريباً لأعضاء الفرقة، وهي تدرس حاليا الموسيقاً وتتدرب على آلة الكمان.