تعدُّ حلب قطباً موسيقيّاً عريقاً، لذا كان لابن حلب "صلاح نامق" النصيب في أن يتعلم الموسيقا الشرقية والمقامات من منبعها، دفعه شغفه للتعمق أكثر بأنواع الموسيقا والانتقال إلى دمشق ليصقل معرفته أكثر ويتعرف على الموسيقا الغربية كون اختياره كان لآلة التشيللو، وتابع مسيرته في البحث وسافر إلى مدينة "جنوة" الإيطالية لينال درجة الماجستير بالعزف على آلة التشيللو.
البِدَايَةُ
ولد "صلاح نامق" ضمن عائلة موسيقية حلبية كان لها دور كبير في تشجيع موهبته الموسيقية ويقول لـ"مدونة الموسيقا" عنها: «ولدت ضمن أسرة موسيقية، وكان يتواجد في منزلنا عدّة آلات موسيقية "عود، غيتار، أورغ"، وكنت أراقب والدي وهو يدندن على آلة العود بشكل دائم، الأمر الذي حرك فضول الطفل لدي تجاه الموسيقا، وفي عمر الثلاث سنوات لاحظ أهلي موهبتي الموسيقية وبدؤوا بالعمل على صقلها وتنميتها خاصة وأن أختي الكبرى كانت أول من بدأ بتعلم الموسيقا، لألتحق فيما بعد أنا وأخي بالمعهد العربي للموسيقا، ويتم قبولي في المعهد بعمر عشر سنوات، وكانت الدراسة في أول عامين من المعهد عبارة عن تعلم الصولفيج والنظريات الموسيقية، لأنتقل إلى مرحلة انتقاء الآلة الموسيقية وأقرر تعلم العزف على آلة الكمان لكن بعد شهرين ونصف تحولت إلى تعلم العزف على آلة العود التي لم تستطع أن تستهويني لأقرر بعدها انتقاء آلة التشيللو بعد أن قام الأستاذ "سركيس كوشكريان" الذي كان يدرب أخي بدعوتي لحضور صف التشيللو، وتبدأ بعدها قصتي مع هذه الآلة التي واظبت على دروسها بإشراف الأستاذ "كوشكريان" والبروفيسور الروسي "قسطنطين بوبوف" في حلب، وألتحق لصف الأستاذ "أثيل حمدان" في دمشق، ومازالت آلتي حتى اليوم».
عَن آَلَةِ التّشيِلّلو الوَتَرِيَّةِ
كان لصلاح تجارب مع عدّة آلات موسيقية وجميعها آلات وترية، وعن الآلات الوترية يقول: «لا يمكن القول إن عزف الآلات الوترية أسهل من باقي الآلات، لكن سهولة واستساغة الألحان الصادرة عنها هو ما يجعلها مميزة عن غيرها، فالألحان التي تصدرها صوتها يشابه الأصوات البشرية وذلك لأن شكل أوتارها يشبه شكل الحبال الصوتية عند البشر، إضافة إلى أنها عمود الفرق الموسيقية، ولا يمكن لفرقة أو أوركسترا أن تتشكل من دون وجود آلات وترية في صفوفها، فهي التي تمنح الألحان العذوبة والجمال، وتشكل مع بقية الآلات كالإيقاعية والنفخية وغيرها نسيج موسيقي يمنح اللحن كماله وجاذبيته، وتعتبر متممة لباقي الآلات والعكس أيضاّ باقي الآلات متممة لها».
المَحَطَّاتُ المُوسِيقِيَّةُ
تنقل "صلاح" بين حلب والشام وإيطاليا وعاش الكثير من التجارب الموسيقية التي كان لها أثرها في مسيرته الموسيقية التي يتحدث عنها: «أعتبر انتهائي من الدراسة في المعهد العربي للموسيقا في حلب عام 1999 والانتقال إلى دمشق عام 2002 من المحطات المهمة، كما أن قبولي في المعهد العالي للموسيقا عام 2002 كان أمراً مهماً بالنسبة لي أيضاً فقد تمكنت من تعلم الموسيقا الشرقية الأصيلة في حلب وكنت محظوظاً بالمشاركة بالعديد من الحفلات الخاصة بالموسيقا الشرقية هناك، وساعدني انتقالي إلى دمشق في تعلم الموسيقا الغربية، وتعمدّت التأخر في التخرج من المعهد العالي للموسيقا لأني عملت على تطوير مهاراتي في العزف، لأتخرج من المعهد ولدي خبرة كبيرة بالعزف، فقد سافرت في تلك الفترة إلى دبي بين عامي 2006 و 2007 وأعتبرها محطة مهمة جداً موسيقياً فقد تعمقت أكثر بالموسيقا الشرقية فقد فتحت هذه التجربة مجالات وأفكار كثيرة، ومنها قررت أنني لن أكتفِ بالعزف بل سأتجه نحو التوزيع وتقديم الإنتاج الموسيقي لذا أعتبرها نقلة نوعية في حياتي».
أما عن الدراسات العليا ونيل شهادة الماجستير يقول: «في عام 2013 بدأت المراسلة مع معهد "باغانيني" في مدينة "جنوة" الإيطالية وتمكنت من الحصول على فيزا نظامية للسفر ومتابعة دراستي في المعهد لأحصل على شهادة الماجستير بالعزف على آلة التشيللو والموسيقا الكلاسيكية، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم أسعى للبحث عن كل جديد في الموسيقا، أما أهم المحطات التي عشتها في إيطاليا كانت في فترة الكورونا حيث تمكنت من العثور على عنوان استديو يقدم دروات تعليمية لتعليم المكس والماستر والإنتاج والتحقت به لأطور خبرتي في هذا المجال خاصة وأنه كان يستهويني منذ زمن، فقد قمت بتوزيع أكثر من عمل وأغنية في سورية، وتابعت به أيضاً في إيطاليا حيث عملت موسيقا تصويرية لمسرحيات وعروض رقص وعروض مسرحية من دون كلام والكثير من الأعمال في هذا المجال، وأعمل حالياً على إقامة ندوات ومحاضرات للتعريف بالموسيقا الشرقية والمقامات في المعاهد العالية للموسيقا "تشايكوفسكي واليساندريا" في إيطاليا».
الحَفَلَاتُ وَالمُسَابَقَاتُ
شارك "صلاح" في العديد من الحفلات والمسابقات فقد فاز عام 2004 في المسابقة الفردية وكان عازفاً منفرداً في الحفلة الموسيقية مع الأوركسترا الوطنية السورية في قصر العظم بدمشق، وفاز عام 2011 بمسابقة العزف المنفرد لعزف عمل ريكوييم بوبر لثلاثي التشيللو في دمشق وفي الفترة الواقعة بين 2005 و2014 كان عضواً في عدة فرق موسيقية وفرق مثل الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية، إضافة لكونه قائد قسم التشيللو في الأوركسترا العربية للموسيقا الشرقية السورية وأيضاً عازف التشيلو الثاني في فرقة Violoncellissimo.
كما شارك في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية وعزف على العديد من المسارح الدولية منها ألمانيا وإيطاليا والدنمارك وإسبانيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة وعُمان ومصر وقطر وتونس.
بدأ عام 2014 دراسته للحصول على درجة الماجستير في أداء التشيلو في معهد باغانيني للموسيقا في مدينة "جنوة" الإيطالية وأصبح عضواً في أوركسترا كيافاري الفيلهارمونية حيث شارك بجولة في إيطاليا، وشارك لعامين على التوالي 2018- 2019 كعازف تشيللو وموزع موسيقي في حفلات "الحب في سورية" مع فرقة "أثروديل" في مدينة برشلونة الإسبانية.
عمل على تأليف وتوزيع وأداء العديد من المقطوعات الشرقية 2011- 2017 من بينها أعمال مسرحية في سورية وإيطاليا، وكان عازف التشيللو الاول في الأوركسترا الفيلهارمونية السورية للمغتربين (SEPO) وعازف التشيلو الرئيسي في خماسي دمشق الوتري، ويعتبر أيضاً موسيقي حجرة نشطاً، وقد فاز بالجائزة الأولى في مسابقة فالنتينا أبرامي السنوية لموسيقا الحجرة في "جنوة"، وظهر مع بيانوتريو في العديد من الحفلات في إيطاليا.