أقيمت في قاعات كنيسة الصليب المقدس أمسية عزف على "البيانو" أحياها طلاب الموسيقية وعازف البيانو "نور كويفاتي"، قدموا خلالها مقطوعات لعدد من المؤلفين الموسيقيين العالميين، من بينهم "لودفيج فان بيتهوفن، فولفغانغ أماديوس موزارت، فريديريك فرانسوا شوبان، بيلا بارتوك، لودوفيكو إناودي". أما الطلاب المشاركون فهم: "ماري يونس، إيلينور ابراهيم، أليانا الخوري، جيدن بيطار، ليليت مسوح، ميرا بيطار، نوح الشيخ، ياسمين العلي، آدم الشيخ، كارلا كبوشة، فيديل الحارث، فيليب الشماس، بشارة سياف".

بين البسيط والمعقد

مدرّسة آلة "البيانو" في معهد صلحي الوادي "نور كويفاتي" تحدثت لـ "مدونة الموسيقا" عن الطلاب الذين شاركوا في الأمسية، مشيرة إلى أن أعمارهم تراوحت بين خمسة وستة عشر عاماً، وبالتالي هناك عدة مستويات، من مبتدئين جداً إلى طلاب سنة سابعة في معهد "صلحي الوادي"، تقول: «الطلاب الصغار "خمس وست سنوات" لأول مرة صعدوا إلى المسرح ليعزفوا، ومضى عليهم سنة كاملة وهم يدرسون العزف على آلة "البيانو"، وبما أنه ليس هناك من معاهد تستقبل هذه الأعمار الصغيرة فهم يأخذون دروسهم في المنزل، أما الطلاب الأكبر فسبق أن عزفوا في حفلات. والعدد الإجمالي للمشاركين ثلاثة عشر طالباً، منهم ثمانية من طلابي في معهد صلحي الوادي، والبقية طلابي من خارج المعهد».

وحول آلية انتقاء القطع الموسيقية ومدى تلاؤمها مع مستوى الطلاب والسوية العمرية لكل منهم، أكدت أن هناك من عزف مقطوعات لموسيقيين عالميين، في حين عزف الأطفال الصغار مقطوعات بسيطة، فكان الخيار يتناسب مع مستوى الطالب، كلما كبر الطفل كلما تعقدت المقطوعة أكثر، تقول: «الترتيب الذي وضعته في البرنامج يبدأ من المبتدئ جداً إلى المتقدم، وقد لاحظ الحضور تصاعداً في مستوى ما قُدّم من مقطوعات، وفي نهاية الحفل قدمت مقطوعتين من عزفي، كمشاركة مع طلابي، لأقول لهم أنه كما أن كلاً منهم قد حضّر مقطوعتين ليعزفهما، أنا أيضاً حضّرت مقطوعتين لعزفهما».

الموسيقية وعازفة البيانو نور كويفاتي مع طلابها على المسرح
الموسيقية وعازفة البيانو نور كويفاتي

أدق التفاصيل

الطالب بشارة سياف

خلال البروفا ركزت الموسيقية "نور كويفاتي" في ملاحظاتها على أدق التفاصيل بما فيها أهمية الابتسامة وتحية الجمهور، وكيف عليهم أن يتصرفوا في مختلف الحالات التي قد تواجههم على المسرح، عن ذلك تقول: «من الطبيعي أن يشعروا بالارتباك، فسبق أن عزفت في الكثير من الحفلات، وعند صعودي إلى المسرح أشعر بالتوتر، لأن المسرح والعزف أمام الجمهور أمر ليس بالسهل وله هيبته، ولكن الصعوبة في كيف يسيطر العازف على توتره، ولا يسمح له أن يؤثر على التحضير الذي قام به للوصول إلى هذه اللحظة. فأنت هنا تواجه جمهور ينظر إليك وينتظر أن يستمع لما ستقدمه. وقد كانت تجربة جديدة للصغار، وخبرة تضيف الجديد للأكبر سناً».

وفيما يتعلق بتدريب الصغار جداً خاصة أنهم عزفوا بكلتا اليدين، تقول: «من الضروري التعليم بكلتا اليدين حتى من هذا العمر، فعندما أبدأ مع طالب مبتدئ تكون المقطوعة بسيطة فيعزف باليدين الصوت نفسه، ولكن بعد فترة قصيرة تبدأ كل يد تعزف غير الأخرى ويكون هناك حالة من فصل الحواس، فالموضوع يأتي بالتدريج». وتوضح أن "البيانو" يختلف عن "الأورغ"، فـ "البيانو" يُعزف عليه بكلتا اليدين، أما "الأورغ" فيمكن العزف عليه بيد واحدة بحيث تكون اليد الثانية حرة للتحكم بالصوت أو نوعيته.

الطالب فيديل الحارث

وحول التدرج في تعليم الأطفال، تقول: «أبدأ مع الصغار جداً بمعزوفات يعرفونها ومألوفة بالنسبة إليهم، ونيسر رويداً رويداً، وتزداد المعزوفات صعوبة وتعقيداً، والموضوع يحتاج إلى الإصرار والمثابرة، وليصل الطالب إلى مرحلة يعزف فيها أمام الجمهور، ينبغي أن يكون هناك جهد مشترك منه ومن الأستاذ والأهل».

أول مرة على المسرح

ولدى سؤالها "عند صعود طلابك إلى المسرح هل يحضر إلى ذهنك أول مرة صعدتِ فيها إلى المسرح وعزفت؟.. تجيب: «كل واحد فيهم يذكرني بنفسي، فأول حفلة صعدت وعزفت فيها لم ينبهني أحد لموضوع تحية الجمهور. ولكن عندما يكبرون ويكملون طريقهم في الموسيقا والعزف، سيلمسون كيف يتطورون، وتبقى البدايات ذكرى جميلة، خاصة الحفلة الأولى، فالأمر بحاجة إلى تراكم، وكل حفلة تمنحك درساً جديداً، فعلى كل منهم خلال العزف أن يعزل نفسه عن الجمهور كله. وهو أمر ليس بسيطاً».

الموسيقية وعازفة البيانو نور كويفاتي مع الطالبة ليليت مسوح

وفيما يتعلق بآلية تحضير برنامج لحفل "بيانو" متفاوت المستويات ويمكنه جذب الجمهور، خاصة أن الآلة هنا ليس معها آلات مرافقة لتشكل خلفية أو سند لها، تقول: «تحضير مثل هذا البرنامج أمر صعب، فقد بقيت فترة اختبر كل طالب لأجد أكثر مقطوعة هو متمكن منها ليعزفها على المسرح. وبما أنها حفلة أطفال سيكون الجمهور متحمساً لهم، ولكن الموضوع يكون أصعب بكثير في حالة عازف "الصولو" الذي أمامه ستون دقيقة فقط وعليه أن يشد الجمهور خلالها، عندها سيكون الخيار مدروساً بعناية شديدة، فالقطع البطيئة لا تكون وراء بعضها وإنما يتم التوزيع بينها وبين القطع السريعة، فترتيب البرنامج يكون حسب الإيقاع وتنوعه. والهدف ألا يحدث ملل عند الجمهور. وهو أمر سعيت إلى تحقيقه هنا. حتى أنني عزفت في النهاية مقطوعة مألوفة للحضور، ولم أختار الصعب والغريب، بل ذهبت باتجاه أن أعزف كما الطلاب، معزوفة بطيئة وأخرى سريعة».

حفل "صولو"

وتشير عازفة البيانو "نور كويفاتي" في حديثها لـ "مدونة الموسيقا" إلى أن آخر حفل قدمته كان في دار الأوبرا عام 2022، وأنها كانت تحضر فيما بعد لحفل آخر لكن الظروف لم تساعدها، كاشفة عن تحضيرها لحفل "صولو" ستحييه بعد أربعة أشهر من الآن.

الطالبة ميرا بيطار

وحول خيارها في العزف على المسرح، بأن تقدم "صولو" أو ترافقها آلات أخرى سنيدة لآلة "البيانو" الأساسية، تقول: «في ثقافة مجتمعنا بشكل عام، الناس لا يستهويهم سماع آلة واحدة، ويفضلون أن يكون هناك عدة آلات، ومما لا شك فيه أنه كلما كثر عدد العازفين كلما أنشد الجمهور أكثر. ولكن بالنسبة إلي فإنني أستمتع بعزف "الصولو"، وحتى الآن أحييت أربع حفلات "صولو" وكل منها كانت أفضل من التي قبلها، وآخر ما قدمته كان في دار الأوبرا ووصلت حينها خلال العزف إلى مرحلة انفصلت فيها عن الواقع وبت كأنني في عالم آخر، وقال الحضور وقتها أنهم لم يشعروا أن البرنامج قد مضى». وأكدت "كويفاتي" أنه من خلال الموسيقا هناك طاقة تصل من العازف إلى الجمهور، فعندما يكون العازف مستمتعاً بما يقدم فمن يسمعه سيستمتع معه.

وعن التزام العازف بالنوطة ومتى يمكنه الخروج عنها، تقول: «دائماً هناك مفاجآت قد تحدث على المسرح، لا بل قد يخرج العازف عن النص، ولكن دربت الطلاب أنه ممنوع الخروج عن النوطة، فالنوطة ذاتها والسرعة نفسها، وعلى العازف أن يؤدي الرسالة بأمانة، ولكن يمكنه تقديم النص بأسلوبه وطريقته وروحه».

الطالبة كارلا كبوشة
الطالب فيليب الشماس
الطالب جيدن بيطار
الموسيقية وعازفة البيانو نور كويفاتي مع طلابها على المسرح