يتميّز صوت المطرب الحلبي الشاب "محمد لبابيدي" بالقوة والنقاء والصفاء، حفظ القدود والموشحات مبكراً، وصقل موهبته بالتمرين والحفلات المدرسيّة والجامعيّة، وثبتها أكثر من خلال الدراسة بمعاهد "حلب" الموسيقيّة وعلى يد عدد من أهل الاختصاص.
بداية المشوار
عن بداياته الفنيّة يتحدّث المطرب "محمد لبابيدي" لـ "مدونة الموسيقا" قائلاً: «ولدت عام ١٩٨٨ في "حي سليمان الحلبي"، والمعروف عن أهالي الحي حبّهم للحفلات والغناء والطرب والأعراس بشكلها التقليدي مع الأهازيج، لذلك لم تكن تلك الأجواء غريبةً عني، فوالدي صاحب صوت جميل، وتقدّم لاختبار الأصوات في برنامج غنائي بإذاعة "دمشق" وكان في مقدمة الناجحين مع المطربة "فاتن الحناوي"، لكنه لم يستمر في هذا المجال لأسباب عائلية، إلا أن صوته الجميل بقي راسخاً في مخيلتي».
ويتابع: «مثل كل الأطفال الذين يحبون الغناء مبكراً حفظت الكثير من قصائد الإنشاد الدينية والطربية، وأول أغنية حفظتها كاملة دور "إيمتى الهوى"، إضافة إلى بعض المقاطع من أغاني التراث السوري والحلبي، مثل "ليمونة عا الليمونة، قدك المياس، أول عشرة محبوبي". وكنت أغني في المنزل والمدرسة والحفلات والسهرات مع الأهل والأقارب، والجميع يشيد بموهبتي وجمال صوتي، وتلقيت الكثير من المساندة والدعم من والدي الذي كان يزودني بالإرشاد والنصح».
الدراسة والإنشاد
يشير "لبابيدي" إلى سعيه لتطوير موهبته، يقول: «التحقت بمعاهد "حلب" الموسيقية لأتعلّم أكثر فدرست لمدة ثلاثة سنوات "النوتة" وأصول الغناء على يد المطرب "صفوان العابد" الذي اهتمّ بموهبتي وساعدني في كيفية أداء وحفظ المقامات والانتقال من مقام لآخر بسلاسة ومتعة، وخلال دراستي الموسيقية شكلّتُ فرقة خاصّة للإنشاد الديني، وأقمنا حفلات عدّة لاقت رضا واستحسان المتابعين. لكن اللحظة الفارقة كانت عندما أدينا وصلة إنشاد في "جامع نفسية" بحضور المنشد الكبير "حسن حفار" الذي استمع إلينا جيداً وأثنى على عملنا وأعطانا بعضاً من نصائحه».
ويوضح أنه في السنة الأولى من دراسته بكلية الاقتصاد بجامعة حلب غنى في حفلات ضمن مسرح الجامعة. ولكن بسبب ظروف الحرب عام ٢٠١٥ ووفاة والده توقف عن الغناء والدراسة وغادر نحو "تركيا".
أمل العودة
ويلفت "لبابيدي" إلى أنه في تركيا كان متأثراً بأجواء الحرب في سورية خلال تلك المرحلة، ولم يمارس أي عمل فني حتى عام ٢٠١٧، حيث بدأ يستعيد عافيته وحبّه للغناء من جديد، يقول: «أقمنا حفلات الإنشاد، وجلنا في أغلب المدن التركية، وشكّلت لهذا الأمر أكبر فرقة موسيقية، وغنينا الإنشاد والتراث الحلبي من قدود موشحات ومواويل وأغانٍ لـ "أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، سعاد محمد" وغيرهم من عملاقة الغناء العربي».
ويؤكد في حديثه لـ "مدونة الموسيقا" أنّه يحلم بالعودة قريباً إلى الوطن ولمدينته "حلب"، لمتابعة دراسته الجامعية والغناء فوق مسارح المدينة وفي أرجاء سورية كلّها.
مستقبل واعد
أشاد المطرب "أحمد أزرق" بموهبة وصوت وأداء "محمد لبابيدي" ووصفه بالمطرب الموهوب صاحب الصوت القوي والواثق من نفسه، وأنّ المستقبل أمامه إن حافظ على مستواه وتابع دراسته وتطوير ذاته، ففي جعبته الكثير من النواحي الإيجابية التي ترفع من شأنه في الوسط الفنيّ.
أما عازف ومدرس مادة آلة العود "ماهر نعناعة" فقال عن المطرب "محمد لبابيدي": «حضرت له أكثر من حفلة في "تركيا" وكان مميزاً بحضوره وغنائه التراث السوري والحلبي على المسرح، ويمتاز بصوت قوي وجميل يُطرب الحاضرين والمتابعين له، وعليه أن يزيد من ثقافته ودراسته الموسيقية أكثر حتى لا يفوته شيء، وأرى أنّ له مستقبلاً فنياً واعداً».