كيف كانت الأمهات تغني لأطفالهن أغاني النوم وهم في المهد
باركت الأم أحلام أبنائها الصغار بأغان تراثية عرفت بأغاني المهد، ذات المفردات الشعبية البسيطة القريبة والمداعبة لشغاف القلب، حتى أن صداها ما زال يُسمَع رغم مرور الزمن، فهي أغاني ناعمة، بسيطة، رقيقة، ومملوءة بالحب والأمومة وروحها، وبالإحساس الذي تجلى بموسيقا لحنية هادئة رافقت كل لفظة، وكل حركة سرير أو كل أرجوحة طفل، وداعبت مشاعره وأحاسيسه وهدأت من مراسه وآلامه وأخلدته للنوم العميق.
تميزت أغاني المهد الخاصة بالأطفال وفق ما أكدته المعمرة "عليا شداد" من ريف "طرطوس" بأنها أغاني تتوافق مع عمر الطفل، فهي لم تكن تغنّي لطفلها "محمد" ذو الأشهر القليلة ما كانت تغنيه لأبنها "سهيل" ذو الثلاثة أعوام تقريباً، وقالت لـ"مدونة موسيقا": «أذكر أنه حين كان ولدي "سهيل" بعمر ثلاثة سنوات وأغني له أغنية "عاليادي اليادي" كان يهدأ ويسترخي ويخلد إلى النوم بسرعة، بينما أخيه "سهيل" ذو الأشهر القليلة يبقى مستيقظاً حتى أغني له أغنية "هي يالله حمود ينام"، فهي أقرب إليه ولعمره الصغير وفق ما تعلمتُه من والدتي قبل وفاتها، وقد صدقت من خلال سنوات خبرتها وتربيتها لنا والطقوس التراثية التي تعلمتها من جدتي أيضاً».
وكذلك كانت هناك أغان مهد تُغنى خلال ساعات النهار دون سواها من بقية ساعات اليوم، بحسب الباحث التراثي "حسن إسماعيل"، مثل أغنية "ليا وليا يا بنيّة" بكون وقع موسيقاها اللحنية ومفرداتها التراثية أقل هدوءاً من بقية أغاني المهد، خاصة وأنها لا تحمل مفردات طفولية، ويمكن توظيف أسماء الأطفال فيها، ومفرداتها عامة وشائعة، وموسيقاها اللحنية أو الإيقاع الصوتي فيها ناعم ورقيق وهادئ ويتناغم مع هز السرير الخشبي أو الأرجوحة المتدلية من السقف الخشبي يميناً ويساراً.
ويضيف: «في أغان المهد الناعمة يمكن أن تغير الأم التي اعتادت على الغناء لأبنائها بمفردات الأغنية أو تختار ضمنها كلمات تشعره بأنه المقصود، كأن تُدخِل اسمه أو اسم "دلعه" ضمن الأغنية، فيستمع للمفردات دون أن يدرك معانيها، لكنه يبدأ بالهدوء والاسترخاء لموسيقا الكلمات التي يسمعها من والدته التي باتَ يدركُ في صميمه بأنها جزء منه وهو جزء منها!».