بأصابع ذهبية ومهارة موسيقية برع وتميز "غسان عموري"(تولّد 1968) بالعزف على آلة القانون مستمداً معرفته الفنية من خلال سهرات وجلسات والده الفنان القدير "محمد عموري" إضافة لدراسته وحفظه وسماعه العزف على أصوله من شيوخ الكار الحلبيين.

بأصابع ذهبية ومهارة موسيقية برع وتميز "غسان عموري"(تولّد 1968) بالعزف على آلة القانون مستمداً معرفته الفنية من خلال سهرات وجلسات والده الفنان القدير "محمد عموري" إضافة لدراسته وحفظه وسماعه العزف على أصوله من شيوخ الكار الحلبيين.

ومتأثراً بمكانة الموسيقا العربية من خلال الموشح والقد والموال والدور، لتمنحه مقدرته الفنية جواز سفر إلى مختلف دول العالم، والمشاركة بحفلات ومهرجانات دولية، نال على أثرها الكثير من الجوائز والتكريم وفي أكثر من مناسبة لجودة وبراعة وعذوبة عزفه.

عازف القانون الحلبي غسان عموري

"مدونة موسيقى" استضافته للحديث عن سيرته ونشأته الفنية وتعلقه بالعزف على آلة القانون، فقال: «أجواء الفن وتعلقي بالموسيقى ليست غريبة عن ذاتي وكياني، فوالدي فنان معروف ومشهور على مستوى مدينة حلب وكان بارعاً بالعزف على آلة العود ومدرباً للغناء والصولفيج، وفي منزلنا العربي تحديداً بحيّ "قارلق" القديم كانت تتجمع وتلتقي النخب الموسيقية الحلبية الأصيلة لتقديم حفلات وسهرات طربية لغناء الدور والموشحات والموال ورقصات المولوية والسماح... كل ذلك أنطبع بمخيلتي وأنا طفل بعمر لم يتجاوز العشر سنوات. أذكر منهم الفنان الراحل "محمد خيري" و"كامل نصار" و"فؤاد خانطوماني" وغيرهم الكثير».

رشاقة وتركيز

ويضيف: «نحن عائلة فنية بالفطرة، فأخي عامر من أمهر عازفي العود بفرقة الفنان الكبير صباح فخري، وبحكم البيئة الفنية المتوارثة في منزلنا وحياتنا كنت أجلس بجانب ضيوفنا الكبار واستمع لهم بإنصات. أعجِبتُ وتأثرتُ بعازف القانون شكري أنطكلي من خلال براعته بالعزف على آلة القانون، وزاد تعلقي بالقانون لقوة صوته ولفرض إيقاعه ونغماته بين الآلات الموسيقية، ويحتاج العازف على هذه الآلة للرشاقة والتركيز والانتباه أثناء ملامسة ريشة أصابعه الأوتار الثمان وسبعون، لتكتمل بعدها معرفتي الفنية بدراسة النوته والتأليف الآلي والعزف، وتتلمذت بشكل أكثر على يد عازف القانون الشهير الراحل حسان تناري، وبداية خطواتي المنفردة كانت وأنا بعمر عشرين عاماً بتشكيل فرقة موسيقية خاصة بي أسميتها بوقتها فرقة "الفاربي" وكان رئيسها ومشرفاً عليها العازف محمد قدري دلال مع عازف الكمان عبد الحليم حريري».

يتابع بعدها الموسيقيّ "عموري" مشواره الفني بعد عودته من أداء خدمة العلم بتشكيل فرقة "شيوخ سلاطين الطرب" بوجود أكثر من خمس وأربعون عازف، وإقامة حفلات مهمة بدار "الأوبرا" بـدمشق و"صالة الأسد" في حلب، ومن خلال تقديم حفلات للقدود الحلبية بمصاحبة المطربين أمثال "سمير جركس" و"حمام خيري" و"نور منها" و"نهاد نجار" وغيرهم كثر، ولاقت هذه الفرقة صدى وإعجاب المتابعين بما تقدمه من أصالة وموشحات وقدود، والانطلاقة الحقيقة له كانت برحلات خارجية والمشاركة بمهرجانات "قرطاج" وتحديداً بمدينة "جرش" الأردنية وبمشاركة ستة عشر عازفاً من مختلف الدول العربية، ثم التوجه نحو المغرب والجزائر وأوروبا والأمريكيتين، حيث كانت مهمة الفرقة تقديم اللون الطربي العربي للجمهور والجاليات العربية هناك.

يتابع العازف عمّوري: «حصرت مهمتي بالتوزيع الموسيقي وتعليم العزف على القانون على طريقة الريشة الحلبية السورية، وقمتُ ولا زلت بتدريس مادة القانون في معهد "صباح فخري" منذ أربعة عشر عاماً، وخلال الحرب انتقلتُ إلى مدينة اللاذقية، ودرّستُ آلة القانون في عدة معاهد فنية فيها، ولا زال لي حتى الآن ارتباطات ومواعيد للإشراف على الطلبة الدارسين هناك. حالياً أقوم بالتدريس في معهد "شباب العروبة"».

وعن أهم حفلاته قال: «أفتخر بكل عمل فني موسيقي لاقى رضى واستحسان الجمهور، وأعتزّ بانضمامي لفرقة الفنان الكبير صباح فخري، وسفري معه في أكثر من عشرة حفلات بـدبي ومدن أخرى وتبقى حفلتي برفقة المطرب حمام خيري في باريس في معهد العالم العربي هي الأكثر توهجاً، ومع الفنان عصمت رشيد وياسر مظلوم من حمص والمطربة كنانة القصير، ومشاركتي بحفلة الفنانة الكبيرة سعاد محمد في عام 1980 عندما غنّت بمدينة حلب، وتم تكريمي من قبل وزارة الثقافة، وخلال حفلة قلعة حلب و"مهرجان الباسل للفنون"، وهناك العديد من الجوائز التي حصلتُ عليها على مدار أكثر من أربعين عاماً».

وعن الفن والموشحات الموسيقية يضيف عموري: «لاشك أن لمدينة حلب الفضل الكبير فهي منبع وحافظة أصالة التراث الموسيقي في الوطن العربي والعالم. منها تخرج وتعلم كبار الملحنين السوريين والعرب أمثال بكري الكردي وعمر البطش وأبو كامل نصار وصبري مدلل ومجدي العقيلي وهؤلاء هم من علّمَ أداء الدور والموشح والقدّ للعالم، وهم من قام بسماع المطرب المصري الكبير "محمد عبد الوهاب" عندما جاء لمدينة حلب قبل صعوده للمسرح وأشادوا فيه وبفنه وصوته! وبغيره من الفنانين والفنانات العرب الكبار، ولازال حتى الآن النجاح الفني لأي مطرب ينطلق من مدينة حلب وشيوخ الكار والسمّعية الباقين على قيد الحياة أمثال الدكتورة "ربا رستم" و"ماهر موقع" و "عبد اللطيف شمسه" و"غسان موالدي"».

وعن صناعة آلة القانون يقول: «كما هي مدينة حلب شهيرة بالطرب، كذلك بصناعة الآلات الموسيقية ومنها القانون على يد شيخ الصناع "محمد ظن" و"زميله "مروان مشو" و"نبيل قسيس" الذي هاجر إلى السويد ويقوم بالتصنيع هناك».

ولا يزال عموري يذكر أول قانون اشتراه من السوق المحلي بمبلغ "سبعة آلاف ليرة سورية" بينما يتجاوز سعره اليوم المليون ليرة سورية!

شهادات

المطرب "سمير جركس" وصفَ العازف غسان عموري بـ"الموسيقيّ الخبير وقائد فرقة ناجح ومتمكن من قدراته الفنية، وبأنه صاحب خبرة طويلة رافق أغلب المطربين المحليين، وله بصمته المحترمة، وباعه على الساحة الفنية والموسيقية".

فيما قال عنه عازف القانون "مروان مشو": «أنا وغسان عموري زملاء في دورة واحدة (يقصد أيام الخدمة العسكرية الإلزامية) عملنا وسافرنا كثيراً في رحلات فنية محلية وخارحية. غسان عازف قانون بارع وماهر، حافظَ بشكلٍ متمكّنٍ على كافة المقامات والقدود والموشحات والطربيات، بل هو عامل مهم في نجاح أي حفلة فنية يتواجد فيها».