تعيد "مدونة الموسيقا"، وفي إطار محاولتها لحفظ الذاكرة الموسيقيّة السوريّة، ولملمة المبعثر والمتناثر منها، إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على مدونة وطن eSyria مدعمةً بفيديوهات صوّرها فريقُ عمل المدونة آنذاك، ولم تنشر لأسباب فنيّة.
لم يكن يعتقد يوماً أن الموسيقا ستصبح كل شيء في حياته، فقد تحولت لهاجس، كما أن لها الفضل في تعريف الناس به، وهو الذي عشق الوحدة والانفراد بنفسه لساعات طوال.
هذا ملخص ما تركته الموسيقا من تأثير لدى العازف "علي عادل شاهين" الذي تحدّث لمدونة وطن eSyria في 11/10/2012 فقال: "كثيراً ما شعرت بأنني أعزف في صحراء خالية من البشر، أبحث عن مستمعين جيدين، كما أنني لا أبحث عن مصفقين، الليل صديق وفي للموسيقي، وغالباً أعزف الحزن وأنهي بمعزوفة "رقصة ستي". أرادني أخي الأكبر حسين عازفاً متمكناً، نزلت عند رغبته، والتحقت بدورات تعليمية على يد أساتذة يشهد بكفاءتهم منهم "جمال خربيط" أثناء الدراسة في المرحلة الإعدادية، ولاحقاً صقلت موهبتي بإشراف الموسيقي "سعد فوزي"، وكان والدي مستخدماً في مدرسة، وكان أخي الأكبر حسين قد استعار من المدرسة آلة عود لمدة شهر تقريباً قدمه لي لأتعلم العزف عليه، وجدت بعض الصعوبة، لكنني وجدت أنه بإمكاني تجاوز هذه المرحلة بنجاح، من هنا كانت البداية ولأخي الأكبر فضل في ذلك، حالي كحال كل صاحب موهبة كانت الحفلات المدرسية المناسبة التي انطلقت من خلالها، وهذا الشيء أعطاني دافعاً وشجعني على المضي في هذا الطريق".
ومتى تمكنت الموسيقا من عاشق لها لا بد أن تلعب دوراً في طريقة حياته، وهنا قال: "لم أكن أعتقد يوماً أنها ستصبح كل شيء في حياتي، حقيقة لقد تحولت إلى هاجس، فقد قدمتني للناس وأنا غالباً ما كنت أحب الانفراد بنفسي، الموسيقا حالة من التواجد ضمن أناس يحبون العيش في فرح، كذلك تحولت هذه الحالة إلى مهنة أكسب رزقي من خلال الحفلات التي كنت أشارك فيها مع بعض الموسيقيين أصدقائي".
يتابع: "اتخذت هذه الموهبة مصدراً للرزق، كل هذا قبل دخول آلة "الأورغ" عالم الحفلات والذي أستطيع القول إنه قضى على الموسيقا والموسيقيين معاً وحولهم إلى عازفين شبه هواة مكانهم المهرجانات والتي هي قليلة جداً وليست في متناول العازف البعيد عن العاصمة".
من هنا لا بد أن نسأله عن نظرته لواقع الموسيقا في سورية فقال: "مما لا شك فيه هناك فنانون عظام خرجوا من هذا البلد، وخير مثال على ذلك الفنان الكبير فريد الأطرش، وهذا رد على كل من يقول إن الموسيقا السورية لم تصنع اسماً بارزاً، كذلك أذكر أمير البزق محمد عبد الكريم العبقري الصغير، من هنا أقول إن سورية هي نبع الفن وفيها انطلقت أول مقطوعة موسيقية".
يتابع: "ما يميز الموسيقا السورية أيضاً بعض الآلات التي ما إن تسمعها حتى تقول هذه موسيقا سوريّة، وأخصّ الآلات الإيقاعية التي غالباً ما تبدأ بها أغاني أيام زمان".
لكن "علي" ميّال إلى الوقوف على أطلال الموسيقا فيجد نفسه وعينه تدمع على أيام خلت ليقول في خلده: «ماذا تريد من الموسيقا يا علي؟»، ونحن نسأله ذات السؤال، فيجيب قائلاً: "كنت أحلم وما زلت حتى يومنا هذا أعيش الحلم، أحلم بأن أكون عازفاً متألقاً يبرهن على موهبته دون حاجته إلى المال، الفقر يحدد الاتجاهات، وهذا من شأنه أن يضيع الكثير من الفرص، أحلم دائماً بأن أكون فناناً عربياً، ما ينقصني هو الدعم أو اليد التي يمكن أن تمنحني الفرصة، لكنها لم تظهر حتى اللحظة، ولكنني أحاول أن أكون متفائلاً".
ويضيف: "قصدت الإذاعة وتقدمت إلى اللجنة الفاحصة وأذكر منهم المرحوم عدنان أبو الشامات، وأذكر أن أحد أعضاء اللجنة لم أعد اذكر اسمه قد تناول "العود" وعزف قليلاً، فزال شعوري بالخوف؛ لأنني أدركت أن إمكانيتي أفضل مما قدمه عضو اللجنة، كان ذلك في العام 1990".
وينهي قائلاً: "ضغوط الحياة أبعدتني عن دخول عالم التلحين فكان همي الأول والأخير، ربما لأنني لم أستطع سوى احتراف الحزن في العزف، وأنا بكل جوارحي أبحث عن علامات موسيقية مبتهجة، أتمنى أن ألتقي بها".
الموسيقي "نزيه عيسي" المتابع لكل ما يقدّمه عازفو الموسيقا في سلمية يجد أن إمكانيات "علي شاهين" في العزف يمكن أن تتطور بشكل سريع، مضيفاً: "كذلك عليه العمل على الخروج من العزف السماعي، مع الاعتراف أنه يجيد نقل المعزوفة كما هي، وأحياناً يضيف عليها شيئاً من إحساسه، نحن نركّز دائماً أن على الموسيقي بنوعيه العازف والملحّن أن يكون متمكناً من "النوتة الموسيقية"، مع كل هذا يبقى لريشته لون مميز بإمكانها التطور إلى أفضل وبأسرع وقت ممكن".