أحبَّ الغناء مبكراً، وقلّدَ المطربين الكبار وهو في مقتبل العمر، نشأ في عائلة فنية موسيقية تعشق الفن وغناء القدود والموشحات، وتحضر وتشارك في أداء الحفلات الطربية التي كانت تقام في المقاهي والبيوت العربية الحلبية..

كلّ ذلك مهّد وأفسح الطريق بقوة لولادة صوت حلبي شاب وجميل فرضَ اسمه ووجوده على ساحة الغناء، هو المطرب زاهر بيرقدار.

عن مسيرته وبداياته تحدث لـ"مدونة الموسيقا" قائلاً: "أنا لست غريباً عن الفن والغناء والقدود الحلبية، فالفن متوارث لدينا فجدي "زاهد" عازف العود الشهير والمعروف بفنه ورشاقة عزفه على آلة العود والذي رافق كبار فناني "حلب" خلال حقبة والستينيات والسبعينيات في حفلاتهم وسفراتهم، مثل الفنان "صباح فخري" و"محمد أبو سلمو" و"محمد خيري" و"محمد نصار"، وأعمامي من أشهر عازفي الكمنجة في حلب وسورية، وبدوره والدي "محمد" كان حاضراً ومتابعاً وشاهداً على تلك الحقبة الفنية الغنية، ولم يخرج عن مقومات هذا الوسط، وكان يجيد العزف على الرق، وانضم للفرق الموسيقية بالمدينة..

1- زاهر بيرقدار

وعندما جاء الدور علي وجدت الطريق سالكاً، وله الأرضية المتوفرة للغناء والإبداع لغناء الموشحات والقدود ومن حسن حظي أنني حملت اسم جدي نفسه "زاهد بيرقدار" الموسيقار المعروف بالفن والاسم والفعل، وبدايتي بالغناء كانت من المدرسة الابتدائية والمشاركة بالحفلات والرحلات إلى مدينة "اللاذقية" فكنت أغني لهم طوال طريق السفر أغاني حلبية مثل "يامسعدك صبحية" و"ابعتلي جواب" و"يا مال الشام" و"مالك ياحلوة مالك هو الدلال غير حالك"، وأخلق جواً جميلاً في الحافلة بمشاركة زملائي الطلاب والمعلمين، وحتى السائق كان يطرب معنا ويشاركنا الغناء، وتابعت الطريق بحضور حفلات المدينة الطربية والتعلم من المطربين، وحفظ طريق غنائهم وتقليدهم والمشاركة بوصلات قصيرة إن أتيحت الفرصة لي، وصقلت موهبتي وأنا بعمر خمسة عشر عاماً بالالتحاق بمعهد "حلب" الموسيقي للشبيبة لمدة عام لتعلم الصولفيج والغناء والعزف والإيقاعات على آلة الرق على يد الفنان المطرب "أحمد خياطة"؛ وصقلتني وأكسبتني هذه الدراسة الكثير من أصول تعلم الغناء والقدود والموشحات، ما سهل انضمامي لفرقة كورال "حلب" الوطني، وكذلك الجمعية المتحدة للأدب والفنون والغناء، ومنحتني الجمعية الكثير من فرص الغناء خلال الحفلات في مناسبات وأعراس وحفلات ومهرجانات ومطاعم.

ويضيف "بيرقدار": تابعت تعلمي الفني والغنائي بدروس خاصة من خلال الاستعانة بكبار المطربين والقامات الحلبية، وكانت تقدم لي الكثير من المساعدة والدعم الفني والمعنوي وتصحيح المطبات لتلافيها لاحقاً، وأفضل حفلاتي كانت في عام 2018 بمناسبة تحرير "حلب"، والتي أشاد بها جميع الحضور، وكانت بالغناء لمدة ثلاث ساعات متواصلة بمهرجان "خان الوزير"، وفيها غنيت الكثير من الموشحات والقدود الحلبية والتراث القديم، تلتها حفلة ناجحة أخرى بمديرية السياحة بالمشاركة مع المطربين "عمار قلعة جي" و"ماهر سرميني" والكثير من حفلات التخرج الجامعية والوطنية، ليتم تكريمي بعدها من عدة وسائل إعلام محلية مثل مجلة "فنون" ومديرية الثقافة في حلب.

2- زاهر بيرقدار

وتابع يقول: لا شك أن رحلة الفن والغناء طويلة ومتجددة وبحاجة لمواصلة العلم والاستماع لنصائح كبار الفنانين، وأعتز وأفخر بشهادة المطربين الكبار لي مثل "صباح فخري" و"صفوان العابد"؛ إذ إنهم أشادوا بصوتي وما أقدمه من غناء بعد سماعهم لي، طالبين مني الاستمرار بثبات وخطا واثقة وزيادة المعرفة.

وختم "بيرقدار" حديثه لـ"مدونة موسيقا" قائلاً: مسيرتي الفنية بالغناء مستمرة ولن تتوقف، وبعد كل حفلة أتعلم شيئاً جديداً، والفن والموشحات والقدود الحلبية ثروة وقيمة فنية كبيرة يجب علينا جميعاً توثيقها والحفاظ على معالمها، ونحن جميعاً مقصرون بحق هذا الكنز الفني الدفين والعظيم، وتمنى أن تسود المحبة والأخلاق والتنافس الشريف بين الجميع، بعيداً عن الشللية والمحسوبيات التي تأخر وتضر بالغناء، ولاشك أن مدينة "حلب" تعتبر بحق منبع الأصالة للفن والغناء الذي يجب أن ينهل ويتزود منه الجميع لتطوير مستوانا الغنائي والفني.

شَهادَاتٌ غِنائِيَّةٌ

المطرب "عمار قلعة جي" أشاد بصوت ومكانة وتواضع وأخلاق زميله "زاهد بيرقدار" الفنية، ومحبة الجميع له بالوسط الفني ومتوقعاً له مستقبلاً غنائياً واعداً إن توفرت له وسائط المساندة الحقيقة والدعم المعنوي.

المطرب "أحمد خياطة" قال: "زاهد" مطرب شاب واعد ومتواضع؛ صوته جميل يجيد التنقل بين المقامات بسلاسة، دراسته ساعدته على تطوير ذاته، برع بغناء القدود والموشحات الحلبية، وأمامه مستقبل فني مشرق.

بقي أن نذكر أن المطرب "زاهد بيرقدار" من مواليد مدينة "حلب"، لعام 1982.