تجربة جديدة خاضها مئة مشارك تقريباً تحت قيادة الخبير المتخصص في تقنيات الصوت وغناء الجوقات "ريبال الخضري"، ضمن ورشة عمل متخصصة بالصوت والغناء الجماعي "شاماري"، أقيمت بالتعاون مع "المعهد العالي للموسيقا" و"دار أوبرا دمشق"، والتي تعتبر نواة لطموح أكبر بكثير.
مشروع لتطوير الصوت
للتعريف عنه وعما يحمله مشروعه المرتبط بالصوت وتدريب "الجوقات"، تحدث "ريبال الخضري" لـ "مدونة الموسيقا"، قائلاً: «تخرجت من "المعهد العالي للموسيقا" عام 2010 وكان لدي إحساس دائم أن ما تعلّمته جيد ولكنه محدود، وبسبب الظروف فترة النظام البائد اضطررت إلى مغادرة البلد، وبدأت الاتجاه بشكل أكبر نحو "الفوكال تيكنيك" أي "تقنيات الصوت" لقدرات الحنجرة، وكيف تعمل الحبال الصوتية وما مكوناتها، فتطورت بهذا المجال، الأمر الذي ساعدني لأن أستلم قسم الغناء في "الكونسرفتوار" الأردني لعدة سنوات، وبعد انجاز العديد من الحفلات والمهرجانات في أوروبا، شعرت أنه حان الوقت لأقيم ورشات عمل أساعد فيها المغنين كي لا يمروا بالصعوبات التي مررت بها عندما بدأت، خاصة فيما يتعلق بغناء "الكورالات" لأني أرى أنها الأهم، ويكفي أن "ننظف الأذن والصوت" ونشتغل على "التكنيك الفوكل" ونقدم ما هو بسيط».
ويشير إلى أن السعادة التي كان يراها على الوجوه عندما يقدم ورشات عمل تتعلق بالصوت جعلته يرغب برؤيتها على الوجوه في الدول العربية، وهذا ما حدث حيث أقام ورشات في كل من "الأردن ودبي ومصر وتونس"، ولاقت نجاحاً كبيراً، كما أنجز أعمالاً في "اسبانيا وفرنسا والمانيا" يصفها بالعظيمة، وهي التي جعلته يعمل مع مبدعين حازوا على جوائز العالمية كجوائز الـ "غرامي" أو غيرها.
اطلاق "شاماري"
وحول تجربته في سوريا، يقول: «كان لدي رغبة قوية على مدى تلك السنوات أن أعمل شيء في سوريا، خاصة أنني أعرف مستوى قدرات "الفوكال"، فنحن تعلمنا على يد الأساتذة الروس منذ أكثر من 15 سنة، ولكن بعد أن غابوا هبط المستوى، فكان لدي رغبة أن أفتش عن طريقة لأطور هذا المشهد، ولكن منعي من دخول البلاد جعلني غير قادر على ذلك، رغم أنني دخلت العام الماضي إلى "سوريا" لأشارك في حفل مع المايسترو "ميساك باغبودريان"، وبعد أن سقط النظام كانت لدي رغبة قوية أن آتي إلى "سوريا"، وهذا ما حدث وقابلت مدير دار الأوبرا الأستاذ "ميساك"، وتكلمت معه عن الورشة ورغبتي بإنجاز "شاماري"، فشجع الفكرة ».
وفيما يتعلق بـ "شاماري" ورؤيته حول المشروع، يقول: «"شاماري" عبارة عن جمع لكلمتي "شام" و"ماري"، لم تكن الفكرة موسيقية فقط، وإنما هي تجربة اجتماعية أيضاً، بحيث يطور المغنين أصواتهم وقدراتهم ومعارفهم، ويطورون أيضاً خبراتهم الحياتية التي تفيدهم بالصوت والموسيقا والعديد من الأمور الأخرى. وكانت فكرة الورشة أن نجمع المغنين المتدربين مع بعضهم البعض، وننجز معاً ست بروفات، لنرى ما النتيجة التي يمكن التوصل إليها، وبالفعل استمرت الورشة بطريقة رائعة والجميع كانوا ملتزمون بها».
ضمت ورشة العمل التي أقامها خبير الصوت "ريبال الخضري" مجموعة وصفها بـ "الشغوفة"، وكانت من مختلف الأعمار والمستويات، فيها طلاب موسيقا وآخرون ليس لهم علاقة بالموسيقا ولكن يعملون على أذنهم وصوتهم، كان فيها طلاب هندسة وطب وسيدات وموظفات..، ما يعكس الغنى والتنوع فيها.
رفع المستوى الثقافي
يشير "ريبال الخضري" إلى أن الورشة خلقت سؤالاً حول أهمية وجود خبير حقيقي يشتغل على الصوت، يقول: «خبرة تعلّم "الغناء" لم أحصل عليها بسهولة، فبعد أن تعلمته من خبراء آخرين وأطباء حنجرة، عملت عدة سنوات مع أشهر كورال أطفال في العالم "فيينا بويز كواير" والذي يعود تاريخه إلى عام 1498. وتم اعتمادي رسمياً لترجمة مناهجهم للعالم العربي، وقد ترجمتها أنا ومكتب برلين، كما عملت مع "جوردي سافال" على ورشات عمل مع الأطفال، وهو حائز على جائزة "غرامي"، وبالتالي ليس أي شخص أخذ دروس غناء يستطيع أن يغني، فالأمر لا يتعلق بمدة زمنية "عام أو عامين"، وإنما المسألة مرتبطة بتطوير قدرات».
وفي العودة إلى الورشة التي أقامها في سوريا، أكد أن نتيجة الورشة لا يريدها أن تكون مجرد "كورال" فقط بقدر ما يطمح لأن تكون مؤسسة تعنى بالصوت وتطويره وبـ "الكورالات"، تساهم برفع المستوى الثقافي.
توّج الجهد الذي استمر بحماس شديد خلال مدة ورشة العمل، بحفل لـ "الكورال" أقيم في "دار أوبرا دمشق" بعنوان "وجوه" وبقيادة "ريبال الخضري"، حيث قدموا فيه مجموعة من الأغنيات التي غلب عليها الطباع التراثي، وكانت هناك فقرة للأطفال المشاركين في الورشة، كما قدم الكبار مجموعة منتقاة من الأغاني، منها ما هو عالمي كحال أغنية "غزالة غزالة" التي غُنّيت بلغات كثيرة، و"سانتا ماريا" التي تعتبر من كنوز الموسيقا الغربية، كما قُدّم اللحن الكندي "تانغو ايفورا" ووضِع عليه كلام لأبي قاسم الشابي.