ورث حب الغناء على الربابة من والده، وتفرد بلونه الخاص من تمازج اللهجتين العراقية والسلمونية، فغنى "السويحلي" و"الشريقي" و"العراقي"، وسجلت أغانيه في الإذاعة من عام 1962حتى 1985، وفي 1974 سجلت "شركة الأهرام" حفلاته على كاسيت، ولاقت رواجاً وشهرة في الأسوق، وبقي يغني حتى توفي سنة 2007.
ورث حب الغناء على الربابة من والده، وتفرد بلونه الخاص من تمازج اللهجتين العراقية والسلمونية، فغنى "السويحلي" و"الشريقي" و"العراقي"، وسجلت أغانيه في الإذاعة من عام 1962حتى 1985، وفي 1974 سجلت "شركة الأهرام" حفلاته على كاسيت، ولاقت رواجاً وشهرة في الأسوق، وبقي يغني حتى توفي سنة 2007.
نَشأَتُهُ
"محمد حديد" المولود في بري الشرقي 1938 في عائلة كان الأبُ "صادق" يغني ويعزف على آلة الربابة، وعلّم جميع أفراد عائلته الغناء "نزار" و"أديب" و"محمود" و"أكرم" و"فاطمة" و"وصال" و"سلام" و"ماجدة"، ولكن "ابنه "محمد" تفرغ للغناء سماعياً من دون علم بالمقامات.
حِكَايَةُ الشُّهرَةِ
لم يفكر المطرب الراحل "محمد حديد" يوماً بالشهرة أو المال؛ فقد كان يساعد والده في التجارة، ودرس وحصل على "السرتفيكا" (شهادة إتمام المرحلة الابتدائية) وعمل بعدها معلماً في ريف "الرقة" و"مدينة الثورة" والغاب"، ثم أدى خدمة العلم في البحرية في "اللاذقية"، وبعدها تطوع في "الهجّانة" لمدة بسيطة لأنه ما لبث أن تركها ليلتحق بدورة للشرطة في "حلب" عام1962 مدتها ستة أشهر، وبعدها ذهب إلى "دمشق" شرطياً يعمل على الآلة الكاتبة، وأثناء خدمته سجّل أغانيه في الإذاعة والتلفزيون السوري في "برنامج الفلاحين".
انتِشَارُ أَغَانِيهِ عَلَى الكَاسِيت
الفنان "صادق" ابن المطرب الراحل "محمد" قال لـ"مدونة الموسيقا": "انتقل والدي إلى منطقة الرحيبة في ريف دمشق، وبدأ الغناء في الأعراس والحفلات الخاصة، ثم إلى "تل منين" وفي عام 1974 في إحدى حفلاته كان هناك مندوبون عن شركة الأهرام التي كانت تسجل لجميع المطربين حفلاتهم آنذاك، فسجلت له إحدى حفلاته، وبيعت في الأسواق ولاقت طلباً كبيراً ورواجاً وحققت مبيعات كبيرة، ثم بدأت الشركة تشارك في معرضها السنوي بتسجيلات حفلاته غناءً وعزفاً على الربابة لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل إلى "الغوطة" و"النبك" وكل ريف "دمشق".
شُهرَتُهُ فِي المَنطِقَةِ الوسطَى
وتابع "صادق" 1965 حديثه: ثم عاد عام 1985 إلى مسقط رأسه في "بري الشرقي" بعد أن حقق شهرة كبيرة وانطلق منها إلى ريف "سلمية" وريف "حمص" و"محردة"، والريف الشمالي والمنطقة الوسطى، لكنه توقف عن الغناء لفترة وجيزة ثم عاد وظلّ يغني حتى توفي في عام 2007.
شاركتُ والدي في حفلاته منذ 1990 حيث كان لي وصلة غنائية مدتها نصف ساعة أقدم فيها اللون الغنائي نفسه ولكن بطريقة مختلفة، فأنا عازف غيتار وأورغ، وأيضاً أخي الصغير عشق الموسيقا وهو عازف أيضاً .
دِرَاسَةٌ أَكَادِيمِيَّةٌ لِأَغَانِي "محمد حديد"
دكتور الموسيقا "رامي شاهين" وفي أطروحته قال: "محمد صادق حديد" لم يرث عن والده فقط غناء الريف الشريقي الفاصل بين حياة البدو وحياة الحضر وهو أسلوب مخضرم بين البيئتين، بل ورث أيضاً التقنيات والأداء الذي ميز والده صادق حديد! هذا الأداء المميز الذي يجمع بين اللون البدوي مضافاً إليه الطابع العراقي الحزين والموال الجبلي، بالإضافة إلى التفرد في ابتكار أسلوب جديد يميز "حديد" عن غيره، وما قدمه "حديد" الأب والابن من جديد إلى الموسيقا هو الاهتمام بطبيعة الصوت وهو مايقل سماعه في الموسيقا العربية، أي الأمواج الصوتية أو خامة الصوت التي تتناسب بشكل كبير مع آلة الربابة عند الغناء بشكل "يونيسون" و"مونوفونيك" أي عزف نفس الصوت في الغناء وعلى آلة الربابة من دون وجود "هارمونيات" إضافية أو ما يدعى بـ"تعدد الأصوات"، فأحياناً يكون لدينا شعور أن الصوت البشري وصوت آلة الربابة صوتٌ واحدٌ متداخل فلا يمكننا في بعض المقاطع الغنائية التمييز بين الصوتين كأنهما جسد واحد وروح واحدة.
وأضاف الدكتور شاهين: ما يغلب على غناء "حديد" هو أسلوب غناء "جنس من أجناس المقام"، ما يقدم له إمكانية أكبر لإبراز قدراته في الزخرفة والغناء لفترة طويلة، ويستخدم "حديد" في ذلك "مقام الصبا" الذي تختلف أبعاده الميكروتونية عن مقام الصبا المستخدم في المدن السورية بشكل عام، وهو من مميزات الموسيقا البدوية في بادية الشام".
شَاعِرُ الكَلِمَاتِ
وأضاف الشاعر الشعبي "محمد رحمه" 1946 عن المطرب الراحل "حديد" قائلاً لـ"مدونة الموسيقا": "عرفته منذ عام 1981 حيث أخذ بعضاً من أشعاري الشريقي، والنايل، والعتابا، واللالا، والقصيدة الشعبية، وأحببت التعامل معه فهو إنسان هادئ، متواضع لطيف مبتسم دائماً، محب للحياة، مبدع في الغناء والعزف على الربابة وكأنهما توءمان، تحلو السهرات بحضوره المميز الذي لم يسبقه أحد له، ولم يستطع أحد أن يصل بعده حتى الآن لذاك المستوى وذاك التفرّد، وإذا قلنا "سلمية" الأديب "محمد الماغوط" فيحق لنا أن نقول أيضاً "سلمية" المطرب الشعبي "محمد صادق حديد" لأنه ترك بصمته "السلمونية " في الغناء الشعبي الجميل لزمن طويل قادم".
عَاشِقُ أَغَانِيهِ
المحامي الأستاذ "ظافر حيدر" من قرية "بري الشرقي" يرى أن ربابة المطرب الراحل "محمد صادق حديد" لها وترٌ واحد ولكنْ في حنجرته تبدّت أوتارُ كثيرة حنونة، ولو بحثتم عن منزله لوجدتموه في قلوب أهل "بري الشرقي"، فللعتابا عنده عذوبة ممزوجة بين نقاء الفصحى وطراوة اللهجة البدوية "اللي جنبات غزلها غزلان وبُطْم بلعاس" كما غنّى الراحل "حديد" الذي رحل جسداً وبقي هرماً شامخاً كعتابا تنتظر.
خذي مثلاً:
"أمس لمّا ضعون الوِلف رحلوا
عَ دربْ الـ مارِجِع إنسان رحلو
برق دلال عمري تحت رحلو
عِنْدما أفَلْ نجمو... وغاب"
نعم يرقُّ قلب كل من أحبّ الراحل "حديد".