يُعدّ معهد فريد الأطرش في السويداء المؤسسة العلمية الموسيقية التي تحتضن المواهب الطفولية من عمر خمس سنوات وصولاً إلى 12 عاماً وتقوم بتدريبهم وفق منهج علمي وضعه أساتذة مختصون في علم الآلات الموسيقية، ليشكل ظاهرة فنية تحتاج إلى الوقوف أمامها عند كل منجز إبداعي لها، بعد أن تحولت من حلم إلى واقع.

الفِكرَةُ وَالإِحدَاثُ

تكّون الحلم بعد وجود المواهب التي انتزعت لحظات الإعجاب من موسيقيين مختصين، وبات من الضروري رعايتها وإعداد جيل فني على أساس علمي سليم ونشر الثقافة الموسيقية، ذلك ما أوضحه الموسيقي "معين نفاع" مدير معهد فريد الأطرش بالسويداء لـ"مدونة الموسيقا" وتابع: سعينا من وراء افتتاح هذا المعهد إلى تنمية الجوانب الابتكارية والجمالية عند الأطفال من مبدأ تفهم عوالمهم الذاتية وأحاسيسهم البريئة، والمعهد افتتح بعد أن لمست الجهات المعنية وجود مواهب حقيقية، من أجل الوصول إلى تطور فني خضع الطالب المتقدم لامتحان قبول، وهذا يسهل له في المستقبل فرصة الدخول إلى المعهد العالي للموسيقا بدمشق، وكانت فكرة إحداث المعهد تعود إلى عام 2002 حيث طرحتُ فكرته على المايسترو الراحل "صلحي الوادي"، إلا أنّ معاناته مع المرض أخرت إحداثه وافتتاحه، قبل أن تساهم مديرية المعاهد الموسيقية في وزارة الثقافة، باتخاذ قرار بإقامة معاهد موسيقية في بعض المحافظات، وإطلاق أسماء بعض الموسيقيين والمطربين البارزين عليها.‏

لقد أحدثت وزارة الثقافة معهد فريد الأطرش بتاريخ 26 تشرين الأول 2009 والذي كان حلم أهالي "السويداء" وموسيقييها بحيث عملت على إعادة إكساء المبنى وتأثيثه وتجهيزه بالآلات الموسيقية الثمينة، ومساحته لا تتسع لأغراضه بعد أن بلغ عدد الطلاب أكثر من 350 طالباً وهم في تزايد، ولعل ما قدمه من مواهب مهمة باتت اليوم أساتذة في المعهد العالي للموسيقا وعازفين مهرة على مسارح عالمية، يتطلب تسهيل العمل فيه من خلال إحداث الشواغر وتأمين الاعتمادات اللازمة للنجاح رغم أن مديرية الثقافة بالسويداء لا تدخر جهداً بتغطية النفقات، لذلك نتطلع إلى إنشاء مبنى خاص بالمعهد على أرض من أملاك الدولة في "السويداء" تتسع لكافة الطلاب.

1- معهد فريد الأطرش للموسيقا في السويداء

مُوَاصَفَاتُ وَشُرُوطُ المَعهَدِ

2- الأستاذ معين نفاع مدير معهد فريد الأطرش للموسيقا في السويداء

يشير "معين نفاع" مدير المعهد إلى أن المعهد عبارة عن طابق واحد مستأجر ومؤلف من أربع قاعات دراسية وغرفتي إدارة ومسرح يتسع لــ35 مقعداً، وفيه ست آلات من البيانو، وكونترباصاً واحداً وخمس عشرة سيبة نوتة، يقوم المعهد بالإعداد لمهارة العزف والصولفيج بإشراف أساتذة مختصين وعمل المعهد على استقدام خبير روسي هو الأستاذ "فيتالي كيرداكين".

وعن شروط القبول تابع "نفاع": اعتمدنا نظاماً داخلياً خاصاً بالمعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة، ومن ضمن الشروط أن المعهد يستقبل الأطفال من سن السابعة إلى عمر الثانية عشرة، كما يخضع الطالب لامتحان قبول لتحديد مستويات الكبار من الراغبين ببلورة ميولهم الفنية في العزف والغناء، خاصة أن معظم الآلات الموسيقية الأساسية متوفرة، إذ لدينا خطة تمكننا من توزيع الطلبة على مجمل الآلات، وهذا يتوافق مع الأسس المنهجية الهادفة إلى نشر ثقافة الآلات في المجتمع، ولقد اكتشفنا أن الطالب الذي لا يستوعب آلة معينة في البداية، يمتلك القدرة على العزف عليها والتعلق بها مع الزمن، حتى أن الأهل يتكيفون ويحبون الآلة التي اخترناها لهذا التلميذ أو ذاك.‏

الصُّعُوبَات

وأشار الموسيقي "سمير نور الدين" الأستاذ في المعهد إلى أن هناك مجموعة من الصعوبات التي تعترض خطوات التدريس في المعهد: وهي ناتجة عن هزال المكافأة المالية التي يتلقاها أساتذة المعهد، الذين يتحملون عناء القدوم من "دمشق" أو من محافظات وأماكن بعيدة، ويتكبدون خسائر في سبيل إيصال رسالة فنية، وذلك بنقل العلوم الموسيقية وتقنيات العزف.‏

معظم الكادر التدريسي إما من العاملين في الدولة أو طلاب المعهد العالي للموسيقا، وهم من أبناء المحافظة، وفقاً للقانون العاملين الأساسي الموظف الذي يعمل لدينا خارج أوقات دوامه يتقاضى 1680 ليرة سورية، محسوماً منها الضريبة الدخل 5%، بحيث يبقى 1590 ل.س وهذا لا يغطي مواصلات يوم واحد داخل المحافظة، وحين طلبنا أن يتواجد الخريجون وذوي الخبرة اعتذر الكثيرون منهم بسبب الأجر الزهيد، ولابد من ندب مدرسين لمادة الموسيقا من وزارة التربية، أو إجراء مسابقة لخريجي المعهد العالي وكلية التربية الموسيقية، بعد رفع الأجور والتعويضات.

أَنشِطَةُ المَعهَدِ

بينت الدكتورة "تيماء الجرماني" وهي مدرسة في المعهد أن المعهد شكّل من طلابه العديد من الفرق منها فرقة "الحجرة، والفرقة الشرقية، والتشيللوهات، والغيتارات، والنفخيات الخشبية، وفرقة كورال، وأوركسترا شرقية تضم المدرسين والمتميزين من طلب المعهد"، إضافة أن المعهد يقدم حفلات على المدار العام في معظم المراكز الثقافية ويشارك في حفلات الطلبة المتفوقين سنوياً في دار الأوبرا بدمشق.