أسامة ناصر مطرب شاب موهوب شأنه شأن الكثير من أهالي وأبناء "حلب" المولعين بالطرب الأصيل منذ الطفولة. فكيف إذا كان والداه هما قدوته ومن عشاق الغناء والطرب والفن. فوالدته الحمصية مغرمة بالطرب الحلبي وتملك صوتاً جميلاً وتغني بالحفلات العائلية، ووالده يملك كماً كبيراً من أشرطة الكاسيت لكبار مطربي "سورية" والوطن العربي.

ورغم أن الطريق أمام الشاب "أسامة" كان ممهداً وسالكاً، لكن من جانب آخر له عواقب الحذر والتروي والخشية من الوقوع بالهفوات والمطبات التي يحاسب عليها كل من قرر دخول عالم الفن، ففي مدينة "حلب" دخول الفن والغناء فوق مسارحها وجمهورها له شروط وضوابط فنية صعبة ومتعارف عليها ولايجوز القفز فوقها أو تجاوزها، من أهمها امتلاك الصوت الجميل والموهبة والمقدرة التي يُقرّها الكبار، ومن ثم صقل تلك الموهبة بمتابعة الدراسة الموسيقية والتعلم لدى شيوخ الكار.

صقل الذات فنياً

وليطور "أسامة" موهبته الفنية التحقَ بدورة لتعلم الصولفيج الموسيقي وغناء الموشحات والقدود والموال مع العزف على الإيقاع والعود لمدة عام لدى العازف "محمد قصاص"، وتابع دراسته العملية بالانضمام لفرقة كورال المطرب "حمام خيري" وسافر معه كثيراً.

1- المطرب أسامة ناصر مع شقيقه عازف العود سمير ناصر

يقول "أسامة" لـ "مدونة الموسيقا": أعتبر تلك المرحلة من أهم مراحل حياتي الفنية وفيها تعلمت أشياء جديدة ساعدتني وطورت من مهاراتي الفنية والغنائية. وتلك التجربة مهدت لي الانضمام لكورال أكبر وأعظم مع الراحل الكبير "صباح فخري".

الفرصة الذهبية مع الراحل الكبير

وصف "أسامة" فترة عمله والتحاقه بفرقة كورال الفنان "صباح فخري" بالفرصة الذهبية وعن تلك التجربة يتابع "أسامة" القول: بترشيح من ابن عمي عازف الرق "علي ناصر" طلبني الراحل "صباح فخري" مع ستة مطربين من زملائي للحضور لمنزله من أجل اختيار اثنين مِنّا لمرافقته بكورال حفلاته، وبدأ الاختبار من الفنان "صباح" بالطلب من كل واحد منا وبشكل منفرد الغناء حسبما يطلبه هو، ومن أيّ علامة موسيقية يرغب، ووقع الاختيار علي بغناء موشح "ملأ الكاسات" من تفريدة الصبا. وعاد وطلب مني غناء الموشح من بيات الصول. وانتهت المقابلة ولم يعلم أحد منا نتيجته. ليخبرني ابن عمي بعد أسبوع ويبارك لي بنجاحي بالمقابلة والاستعداد لمرفقة الراحل بكورال حفلاته، وباكورة العمل كانت بمطعم ومسبح "تورينغ". لم أصدق نفسي من الفرحة أنني أصبحت من فرقة شيخ الطرب. وتابعت المشوار برفقته محلياً والسفر معه نحو "البحرين" ودول أخرى كثيرة، ومع ذلك كنت أحاول استغلال أي وقت لأحياء حفلات صغيرة خاصة بي. وبقيت مع الراحل فترة زادت عن ست سنوات. وفيها تعلمت معنى الطرب الحقيقي ومرافقة الكبار .

2- المطرب أسامة ناصر

أغنية حلبية خاصة

3- المطرب حمام خيري

وأثناء التحاقي بخدمة العلم وتحرير مدينة "حلب" قدمت أغنية خاصة على مقام الحجاز بعنوان "هي حلب" من كلمات "هادي بكار" وألحان "وضاح كورني" تم تكريمي فيها.

مرحلة فنية جديدة

ويتابع "أسامة": بعد تسريحي من خدمة العلم وفي عام ٢٠١٩ بدأت مرحلة الانطلاق والغناء بشكل شخصي لإثبات حضوري في الوسط الفني، من المشاركة بالمهرجانات والدعوات والحفلات الخاصة والأعراس وفي أغلب المحافظات السورية من دون استثناء، وأهم تلك الحفلات التي شاركت بها كانت في عام ٢٠٢١ بذكرى الانتصار والتحرير وبمشاركة المطربين الحلبين "مصطفى هلال" و"رامز سلطان" و"أحمد خيري" و"عمر سرميني" والمطربة "شيرين" و"رنا معوض" و"شام".

4- المطرب صفوان العابد

لون غنائي خاص

يتميز "أسامة" كما يقول بغناء الموال السبعاوي والقدود والموشحات، إضافة لغناء الطرب القديم للسيدة "أم كلثوم" و"كارم محمود" و"عبد الوهاب" ويؤدي كل تلك الأغاني بإحساسه وطابعه الخاص الذي يحاول ألّا يقلد به أحد.

حفلات رمضانية في "تونس"

سافر "أسامة" في شهر رمضان المنصرم وبترشيح من زميله عازف القانون "مروان ذاكري" وبرفقة زميله المطرب "أحمد بدور" إلى "تونس" لإحياء سهرات طوال الشهر الكريم، ومن دون استراحة حتى وصل عددها إلى أكثر من عشرين حفلة متتالية. تم خلالها غناء الموشحات والقدود الحلبية مع الموال السبعاوي، ومقاطع من الطرب العربي القديم. ونالت تلك الحفلات إعجاب الجمهور التونسي الحاضر بشدة والذي أثنى على ما كنا نقدمه معترفاً بعلو ومكانة وقيمة الطرب الحلبي والسوري بالمحافل العربية ومتمنياً استمرارها من دون انقطاع.

شهادات فنية

المطرب "صفوان العابد" أثنى على صوت وأداء ومقدرة المطرب "أسامة ناصر" بالغناء واصفاً إيّاه بالشاب المثقف فنياً وموسيقاً والذي يستطيع الغناء بعدة طبقات بدون نشاز حيث يملك صوت طروباً وجميلاً مطواعاً. وطلب منه الشغل على ذاته أكثر وفي محطات تناسب صوته ومقدرته ويمكن له أن يتألق فيها أكثر وأكثر، حيث لازال لديه الكثير الذي لم يظهر بعد. وختم بالإشادة بأخلاقيات وحسن تعامل "أسامة" مع زملائه والمحبين والجماهير بالوسط الفني.

المطرب "حمام خيري" قال: "أسامة" عمل في فرقتي لفترة طويلة وكان بمنتهى الخلق وحسن التعامل مع الجميع. عرف كيف يوظف تلك الفترة لتطوير ذاته فنياً. يملك صوتاً قوياً وجميلاً في غناء القدود والموشحات والموال والطرب القديم. طور نفسه موسيقياً، يجيد العزف على آلة العود ببراعة ومهارة. له مستقبل فني مشرق .

بقي أن نقول أن المطرب "أسامة ناصر" من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٨٣ يحمل إجازة في علم الاجتماع، ويعمل حالياً في مديرية التربية.