عرف بإبداعه على الآلات الإيقاعية منذ الصغر، وتطورت موهبته بالدراسة الأكاديمية والمشاركات المتنوعة حتى استطاع أن يكوّن شخصيته الموسيقية المميزة التي تظهر عند ضبطه للإيقاع محاولاً ترسيخ مبادئ مدرسته الخاصة عبر نقل تجربته وتعليمها للآخرين.

الجَوُ الأُسَرِيِّ المُوسِيقِيِّ

"مدونة الموسيقا" تواصلت مع عازف الإيقاع "محمد شحادة" الذي يحدثنا عن موهبته بقوله: "بدأت العزف في سن الثالثة وشاركت في السادسة على المسرح في أول حفل على آلة الدرمز الخاصة بي مع فرقة موسيقية كاملة، حيث نشأت في جو فني موسيقي، والدي "موفق شحادة" من أهم عازفي الإيقاع في سورية، وكنت دوماً أعيش في جو الموسيقا التي يعزفها، وأفكاره الموسيقية التي يتبادلها مع أصدقائه الموسيقيين في البروفات، وكنت أتعلم منه من كل النواحي وتطورت موهبتي من خلال إحساسي الدائم بإيجاد طرق جديدة في عزف الإيقاع، بعيداً عن الطريقة التقليدية، إلى أن تعرفت إلى العازف العالمي "روني براك" الذي اعتبره عرابي في الموسيقا والذي يملك فكراً متفرداً واستثنائياً في الإيقاع، واتبع هذه المدرسة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، حيث التقيته وحققت حلمي بالعزف معه، وأصبحنا أصدقاء وأصبح التواصل بيننا يومياً ومن خلال هذه المدرسة تطورت موهبتي ووجدت طريقي أو نمطي الموسيقي الخاص، ولكي يكون لي منهاجي الخاص ومدرستي الخاصة أسست أكاديمية "Groove" للإيقاع وأنشأت جيلاً مهماً من العازفين المنتشرين حالياً في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تدريس مادة الإيقاع أون لاين لكل المهتمين بها في جميع أنحاء العالم، لأصل لكل الأشخاص الذين يتعلمون وفق منهاجي الخاص ودراستي في كلية التربية الموسيقية... كل ذلك ساهم في صقل موهبتي بالدراسة الأكاديمية، ثم حصلت على الشهادة الجامعية وتخرجت منها عام 2008».

شَجَاعَةُ عَازِفٍ

حول اختياره آلة الدرامز وتميز عازف الإيقاع عن غيره يقول: "أحببت الإيقاع من خلال والدي كما أن الإيقاع هو الفن الأول في العالم وكل ضربة تعزف على الآلة تختلف حسب مكانها من هذه الآلة، وأستطيع أن ألعب على النغمات في كل مساحة منها، وكل صوت يخرج منها يأخذني لمكان بعيد وله قصة مميزة عندي، وأصوات الإيقاعات هي أغنى الأصوات الموسيقية، فعازف الإيقاع يمكنه عزف الطبل، أو الدرامز أو الرق أو بركاشن غروب، ومنها أصوات الشجر والمياه والنار وكل هذه الإيفكتات إلى جانب الطبول الإفريقية وغيرها، أرى أن عازف الإيقاع عازف شجاع لأنه يجب أن يكون ملماً بكل هذه الآلات التي يحتاج تعلمها لكثير من الوقت، وأن يعرف الستايل الخاص بكل منها، وأحياناً نرى موسيقيين يعزفون كل الآلات الإيقاعية لكن بنفس الطريقة، بينما لكل آلة إيقاعية مكانة معينة وخصوصية في التعامل معها، ومكان تعزف فيه مثل آلات الأصابع أو اليدين والأكواع، وبالتالي من الشجاعة اختيار الإيقاع، كما أن تكلفة الحصول على جميع هذه الآلات مرتفعة ورغم ذلك أملك عدداً كبيراً منها وأستطيع أن أغطي 80% من أصوات الإيقاع الموجودة في العالم».

1- عازف الإيقاع محمد شحادة
2- محمد شحادة في إحدى حفلاته

التَّنَوُعُ بِالأَنمَاطِ المُوسِيقِيَّةِ

3- الموسيقي غابي صهيوني

وعن مشاركة الـ"دي جي" في حفلاته يقول: "في الفترة الأخيرة لاحظت أنه بالإمكان أن يرافقني "دي جي"، وتطورت الفكرة ليكون معي فرقة موسيقية من العازفين تعزف بشكل مباشر، بالإضافة إلى دي جي، وهذا الأمر جعل لي هوية خاصة ووجدت شخصيتي الموسيقية التي لم ألمسها في العزف مع عدة فرق موسيقية أو مغنٍ محدد، بل أحسست أنه يجب أن تكون لدي استقلاليتي من خلال فرقتي الموسيقية وأن أحيي حفلات موسيقية خاصة بي، وأصبح لدي جمهور داخل وخارج سورية وأشعر بالسعادة للإقبال على حفلاتي التي أحرص فيها على تقديم عدة أنماط موسيقية خلال الحفل الواحد منها (هاوس، ديب هاوس، شرقي، خليجي، مصري)، وكافة الستايلات التي تحتاج لمخزون موسيقي لدى العازف ليكون ملماً بها ويتمكن من عزفها بالشكل الصحيح".

مُشَارَكَاتٌ عَدِيدَةٌ

وعن مشاركاته يتابع العازف "شحادة" بقوله: "شاركت بعدة حفلات محلية وعربية منها افتتاح "الدوحة" عاصمة الثقافة العربية عام 2005، وفي عام 2004 شاركت بمهرجان "مراكش" للموسيقا الجامعية ومثلت من خلاله كلية التربية الموسيقية جامعة "حمص"، وأول مشاركاتي كانت في ملتقى الأطفال العرب المنعقد في "الشارقة" عام 1995 ولقاء سمو السلطان "محمد القاسمي" وزوجته "جواهر" وأحرزت مركزاً متقدماً لبلدي سورية، وفي عام 1996 شاركت في بعثة تونس لتبادل الخبرات وعزفت في حفلات كثيرة في "المغرب"، "تونس"، "الجزائر"، وشاركت بالأسبوع الثقافي الجزائري بأربع ولايات، وشاركت في "الإمارات" بعدة حفلات في القرية العالمية وفي حفلات مهمة جداً مع الأسبوع الثقافي لزكي ناصيف في الجامعة الأميركية في "بيروت" مع عازف الناي اللبناني "مسلم رحال"، وشاركت بدار الأوبرا مع العازف "طارق صالحية"، ومع عازف العود "كنان ادناوي" ومع كورال "حمص" و"حلا نقور"، ومع كورال "حلم وحنين" في "صافيتا"، وأحاول انتقاء الموسيقيين الذين أرتاح بتقديم الموسيقا معهم وأنتقي تلك التي تشبهني، شاركت بأوركسترا كلية التربية الموسيقية، وفي عدة فعاليات منها مع المطربة "ليندا بيطار"، بالإضافة إلى أكثر من عمل موسيقا تصويرية منها "حرملك"، "مسافة أمان"، "ضبو الشناتي"، "سوق الحرير"، "جوقة عزيزة" مع الموسيقي "إياد الريماوي"، حيث أعتبر عازف الإيقاع الأساسي في فرقته وأفتخر به كموسيقي وسفير لـ"سورية" إلى العالمية، وأشعر بالانتماء لموسيقاه التي يعزفها وهو السند بالنسبة لي حيث شاركت في حفل مسرح دمر المكشوف معه، وأخرى في قلعة "حلب" وحفلة في "اللاذقية" كما شاركت بأعمال تلفزيونية في "كاش مع باسم" وبفرقة "زلزال الكاش"، و"ضربة حظ" مع الفنان "عاصم حواط" وغيرها".

التَّدرِيسُ وَالقُدوَةُ

يقول العازف "شحادة": "عملت مدرساً في معهد "البيت العربي للموسيقا" في "اللاذقية" بمعهد "تيمبو" لصديقي "غابي صهيوني" وهو من أهم المؤلفين في "سورية" وأنشأت جيلاً من الموسيقيين إلى أن درست في معهدي الخاص، ومثلي الأعلى في الموسيقا هم ثلاثة: أولهم والدي العازف الموسيقي "موفق شحادة" الذي علمني الإيقاع، والعازف الموسيقي "روني براك" والذي كان النافذة الكبيرة لأرى الإيقاع، والموسيقي "إياد الريماوي" الذي فسح لي المجال لأضع كل هذه المعلومات في موسيقا تشبهني".

الفيوجن وَوَرشَاتُ العَمَلِ

يرى العازف "شحادة" أن موسيقا الفيوجن هي من أصعب الأنواع الموسيقية يتوجب على العازف فيها المزج بين الأنماط الموسيقية كالمزج بين الشرقي والغربي، وعليه عزف الستايلات المتنوعة في الإيقاع ويقول: "أحاول قدر الإمكان المزج بين الشرقي والغربي لإرضاء ذوق الجمهور بطريقة مميزة أطبع فيها بصمتي الخاصة، أعزف الفيوجن الذي يعتمد على الجاز اوريانتال جاز، وهاوس، ديب هاوس، التركي مع العربي القديم مع الروك، وأستطيع تقديمها في عرض واحد يرضي جميع الأذواق، وشاركت في العديد من ورشات العمل المهمة منها مع فرقة "غريس"، ومع التريو الفرنسي للجاز، وأخرى مهمة مع أهم عازف عود في العالم "يوردال" في "حمص" بمهرجان "مارليان" الثقافي وفي كلية التربية الموسيقية".

جَوَائِزٌ وَصُعُوبَاتٌ

حاز "شحادة" في طفولته على الريادة على مستوى القطر في مسابقات الرواد، وعلى جائزة في ملتقى الأطفال الأول المنعقد في "الشارقة" عن فئة التميز والإبداع، وحقق المركز الأول في "تونس" في الأسبوع الثقافي التونسي عام 1996، ولاحقاً حصل على وسامين للمشاركة في مهرجان "برج وبحر" وعلى المجموعة الكاملة لإياد الريماوي والتي يعتبرها بمثابة وسام بالنسبة له، وغيرها الكثير.

وعن الصعوبات التي تواجه الموسيقي السوري يقول "شحادة": "هناك صعوبة في الحصول على الفيزا للمشاركة بالأسابيع الثقافية العربية والعالمية، وهي مشكلة حقيقية تعوق نشر موسيقانا خارج البلد، وحالياً أحضر لأسطوانتي الخاصة الأولى من ألحاني وتوزيع الموسيقيين الذين شاركتهم بالعزف على مدى 32 عاماً، وأعاني من عدم وجود سبونسر أو منتج يساعدني في إصدار ألبومي الخاص، ونحن بحاجة لإنتاج موسيقا حقيقية مع التشوه السمعي الخطير، لاسيما أننا نمتلك تراثاً موسيقياً عريقاً من كل المحافظات السورية، والمدارس الموسيقية متنوعة بين الشامية، الجزراوية، الساحلية، وغيرها".

ويختم حديثه لـ"مدونة الموسيقا" بأنه يحب أن تكون الموسيقا التي يعزفها جزءاً من المستوى المطلوب الحفاظ عليه.

رَأيٌ مُوسِيقِيٌّ

من جهته "غابي صهيوني" ملحن ومؤلف موسيقي يقول: «تربطني بالموسيقي "محمد شحادة" صداقة تعززها الموسيقا، برزت موهبته منذ الطفولة، تعلم الإيقاع بشكل جيني بسبب والده الرائع الأستاذ "موفق شحادة" وعاش في يفاعته وشبابه في بيت موسيقي وحالياً يدرس في معهد "غروف" الذي أنشأه ويبذل جهده لإنجاحه، وأثناء دراسته في كلية التربية الموسيقية مارس العزف على جميع الآلات الإيقاعية، يتميز بقدرته في العزف على جميع الآلات الإيقاعية، كما أنه يفهم الآلات الموسيقية التي ترافقه ويستطيع تحقيق الانسجام بينها وبين الآلات الإيقاعية، هو مستمع جيد للموسيقا بكل أنواعها وهو من العازفين الذين نفتخر بهم في بلدنا، وقادر على أن يكون عالمياً، يستطيع العزف بشكل منفرد أو مع الفرق الموسيقية، يستحق لقب موسيقي شامل".