"نهاد سلطان" مطرب شاب مندفع وشعلة نشاط، اقتبس حب الإنشاد والفن من حضور الزوايا بجامع "قارلق" ومن سماع صوت خاله المنشد "عبد القادر درعوزي"، وتابع مشوار الفني وهو بعمر عشر سنوات بتعلم أصول الغناء والتلحين لمدة ثمان سنوات على يد أستاذه "محمد عموري" الذي أعجب بنباهته وفطنته وسرعته الفائقة بحفظ القدود والموشحات والأدوار ما جعله يُدرّسه من دون دفع الرسوم، كتشجيع لموهوبته الفنية وسرعة تقدمه بالحفظ.
وعن ذلك يقول المطرب "نهاد" لـ"مدونة الموسيقا": حرص مدرسي الملحن "محمد عموري" في بداياتي على تعليمي قراءة النوتة من السلم الموسيقي، وكلما كنت أطلب منه الغناء كان يقول لازال الوقت مبكراً وكل ما هو مطلوب منك الآن حفظ الصولفيج والنوتة وكلمات الموشحات، وبعد فترة نضج طويلة أعطانا (أنا وابنه العازف) ثمانية موشحات للشيخ "عمر البطش" وطلب منا حفظها، حيث إن الراحل البطش في آخر أيامه مرض وأصيب بفقدان النظر ولم يتح له المرض الوقت المناسب لتسجيلها على أسطوانات.
الغِنَاءُ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ
بعد مرحلة دراسة طويلة استمرت لأكثر من عشر سنوات عرض علي الغناء فوق مسرح نادي الضباط. ارتبكت وترددت في تلبية الطلب، حيث إنها المرة الأولى التي سأقف فيها فوق المسرح للغناء، لكن رئيس الفرقة في وقتها الموسيقار "عبد الباسط بكار" شجعني وقال لي: اصعد وغنّ ولا تخف، سنكون معك لحظة بلحظة! وغنيت موشحين من مقام الهزام الأول "أيها الساقي إليك المشتكى"، والثاني "جادك الغيث إذا الغيث همى" ومن هناك كانت انطلاقتي للغناء؛ وبعدها سافرت إلى لبنان لإحياء عدة حفلات.
أَلبُومٌ مِن سِتِّة أَغَانٍ خَاصَّةٍ
في لبنان تعرفت على الشاعر الغنائي "عبود حميد" وكان من محبي اللهجة الحلبية وأعطاني ست أغان، وقمت بتلحينها وتسجيلها على حسابي، وكانت بعناوين: "فكر وعيد حساباتك" وهي أول أغنية محلية من مقام زنجران، وباقي الألبوم "جرحك حلب"، "مو ندمان"، "مافي وفا كلو ببيع"، "العب غيرها ياشاطر"، و"عا البال".
تم تسجيل الألبوم في استديو "وضاح كوريني" والتوزيع الموسيقي "عبد الحليم حريري"، ورغم أن قالب وطابع الألبوم عاطفي لكني حافظت فيه على الأداء باللهجة والهوية الحلبية، ولاقى الألبوم نجاحاً كبيراً وأذيعت أغانيه في محطة "أرابيسك" وهناك ثلاث أغانٍ جديدة قادمة من كلمات الشاعر "صفوح شغالة" ومثلهما للشاعر "مضر شغالة".
غِنَاءُ القُدُودِ وَالمُوَشَّحَاتِ
ورغم تميز المطرب "نهاد سلطان" بالغناء العاطفي المتنوع أيضاً ولكبار المطربين العمالقة أمثال "عبد الحليم وأم كلثوم وفريد وعفاف راضي" وغيرهم في حفلاته الخاصة والعامة، لكنه يعترف أن جذوره الفنية نابعة من حبه وعشقه لغناء القدود والموشحات أولاً، ويعتبرها مدرسة الأصالة والطرب، ويضيف: من يتقن غناء التراث الحلبي بإحساس مرهف ومخارج حروف سليمة يصبح الطريق أمامه أسهل وتذلل أمامه الكثير من العقبات، وأنا أحفظ أكثر من ٧٥ موالاً ما بين شرقاوي وسبعاوي، غنيت بعضها في عام ٢٠١٧ على مسرح قلعة "حلب"، وعلى مسرح نقابة الفنانين وأعدت غناء ما كتبه الشاعر "عمر البابا" للمطربين الحلبيين بالتعاون مع الموسيقار "عبد الحليم حريري"، وتابع: متعة أي مطرب تكون بالغناء على خشبة المسرح حيث يكون الجمهور هو الفيصل وصاحب الحكم بالنجاح أو الفشل.
مَشرُوعٌ قَادِمٌ
ويختم المطرب "نهاد سلطان" حديثه لـ"مدونة الموسيقا" بالقول إنه لازال في بداية طريقه الفني الطويل، والخطوة القادمة له ستكون إحياء وتسجيل المجموعة الكاملة لأغاني المطرب الراحل "محمد خيري" تكريماً لعطائه ومكانته الفنية.
شَهَادَاتٌ فَنِّيَّةٌ
"غسان عموري" قائد فرقة موسيقية وعازف القانون قال: "نهاد" مطرب مجتهد درس وتعب على نفسه حتى وصل لما وصل إليه، يتمتع بصوت جميل وقوي، ينتظره مستقبل واعد، نجح في ألبومه الجديد الخاص، وتلك خطوة تحسب له في رصيده الفني.
الدكتور الباحث "محمد البابا" قال: المطرب "نهاد" صوته قريب من القلب وممتع للحضور، محاولاته الفنية موفقة ومستمرة بإحياء أغاني كبار مطربي وشعراء "حلب" السابقين ومنهم والدي الشاعر الغنائي الراحل "عمر البابا"، أتوقع له مستقبلاً فنياً مشرقاً والطريق لازالت أمامه طويلة.
الدكتور الباحث "أيمن سيد وهبة" قال: يعدّ صوت المطرب "نهاد" واحداً من أفضل الأصوات الشابة القادمة على الساحة الفنية، وسيزيد نجاحه عندما يحافظ على اختياراته لأغانٍ ونغمات تناسب صوته القوي ومقدرته الفنية.
حمدي قواف متابع للشأن الفني بحلب قال: حضرت أكثر من حفلة للمطرب "نهاد سلطان" وكان موفقاً ومقنعاً بأدائه وصوته الجميل على خشبة المسرح، له مستقبل مشرق إن عرف كيف يوظف إمكاناته الفنية في المكان المناسب وبالتعاون مع أشخاص مخلصين، لأن طريق وأجواء الفن قد تكون صعبة بعض الشيء وفيها الكثير من المفاجآت.