بدأ "بلال النمر" نزول السلالم للوصول إلى معهد الموسيقا القابع في قبو أحد أبنية أحياء جرمانا، ليصعد بعدها ويبدأ مسيرته الموسيقية في معهد صلحي الوادي، لتؤهله موهبته الاستثنائية وتدريبه الجاد للدراسة استثنائياً في المعهد العالي للموسيقا بعمر صغير، وينتقل بعدها إلى أوروبا ويبدأ مسيرته الموسيقية المستمرة حتى اليوم.
البِدَايَةُ فِي المُوسِيقَا
كانت عائلة "بلال النمر" المشجع والداعم الأول له منذ طفولته، والسبب الأول في الإقدام على تحقيق النجاحات التي لاتزال تلازمه لليوم، وعن بدايته مع الموسيقا ودعم أهله يقول لـ"مدونة الموسيقا": «ليس من السهل على صبي في عمر صغير العيش بعيداً عن كنف والديه ولكن منذ الطفولة وكان أهلي ساعين إلى تقديم الدّعم والتشجيع لأحقق النجاح، فوالديّ أرادا أن أتعلم الموسيقا وكانا لي الداعم المعنوي والمادي والدائم والمستمر، الأمر الذي زاد من إصراري للخوض في غمار هذه الرحلة الموسيقية».
ويتابع الحديث عن مسيرته الأولية في تعلم الموسيقا: «بدأت تعلم الموسيقا في معهد يقع قريباً من سكني في جرمانا وكان الأستاذ "نديم حسني" المعلم الأول الذي لم يبخل بأي معلومة موسيقية، والذي نصحني فيما بعد بالبحث عن مكان أكثر احترافية لتعلم الكمان بعد أن لمس الموهبة لدي، وفي عام 2007 شاركت بمسابقة قيثارة الروح للموسيقا الكلاسيكية وحصلت على المركز الأول، لأتقدم بعدها إلى معهد صلحي الوادي ويتم قبولي للانضمام إلى صفوفه، وأنال المرتبة الثانية في مسابقة معهد صلحي الوادي لآلة الكمان بعد أن حُجِبَت المرتبة الأولى الأمر الذي أعطاني فرصة السفر إلى اليونان والعزف هناك عن طريق التبادل الثقافي في البحر المتوسط (ECUME)، لأتابع دراستي في المعهد العالي للموسيقا مع الأستاذ "علي مختار"، كما استفدت خلال دراستي من خبرة الخبراء الفرنسيين "صوفي باديول، وميشيل ديوران مابير لأحصل فيما بعد على دعوة للدراسة في فرنسا، كما كان للعديد من الأساتذة التأثير الكبير والإيجابي على مسيرتي التعليمية كـ"أندريه معلولي، عبير الجابي، جوان قره جولي، عدنان فتح الله وميساك باغبدوريان».
مَسِيرَتُهُ المُوسِيقِيَّةُ فِي فَرَنسَا
انتقل "بلال" إلى فرنسا في عمر صغير بعد أن حصل على دعوة دراسية، ليبدأ بمسيرة موسيقية حافلة بالإنجازات فقد انضم إلى صفّ الأستاذة "صوفي بادويل" في معهد "داريوس ميو" في مدينة (Aix-en-Provence) عام 2010، لينتقل في عام 2012 بعد الموافقة على الطلب الذي قدمته الأستاذة "سوزان غسنير" إلى المعهد الموسيقي الإقليمي في باريس (Conservatoire à Rayonnement Regional). وفي عام 2013 حصل على الشهادة الثانوية العلمية من مدرسة راسين في باريس وإلتحق في العام التالي بالمعهد العالي للموسيقا في باريس (CNSMD).
ولم يكتفِ بشهادة المعهد بل تابع دراسته وحصل على شهادة الماجستير في الموسيقا عام 2020، كما نال درجة دبلوم الفن للتفسير المعاصر (Diplome d’Artist Interprète - Contemporain) من نفس المعهد عام 2022، ومن أهم الأساتذة الذين كان لهم أثرهم خلال دراسته "سوزان غسنير، كريستوف بواجيه، رولان دوغاري، أوليفيه شارليه.
وخلال إقامته في فرنسا تمكن من الحصول على ثلاث منح، منحة (SYLFF FOUNDATION) اليابانية، منحة (FONDATION DE FRANCE)، منحة (FONDATION GOÉLAND) لينتقل بعدها إلى برلين في ألمانيا ويكمل مسيرته الفنية والدراسية، كما حصل على الجنسية الفرنسية الفخرية.
أَهَمُّ المَحَطَّاتِ
تخلل مسيرة "بلال" العديد من المشاركات المهمة وقف فيها على مسارح محلية وعالمية، وعزف العديد من الحفلات سواء مع الأوركسترات أو عزف منفرد "صولو"، فكان أول صولو عزف منفرد له في سورية مع أوركسترا معهد صلحي الوادي للموسيقا العربية بقيادة المايسترو "عدنان فتح الله"، وشارك بالعديد من الحفلات مع أوركسترا وزارة التربية، كما قدم حفل صولو في مكتبة الأسد بعد عودته من المنحة الفرنسية في صيف 2010.
أما مسيرته في أوروبا كانت المشاركة أربع مرات مع أوركسترا شباب البحر المتوسط (MYO) بعد دعوة تلقاها من المايسترو "فرانسوا إكزافيه رُوت"، وشارك أيضاً في 2013 مع (MYO) لكن بقيادة "آلان ألتينوغلو" حيث كان (Concertmaster)، وفي نفس العام تمت دعوته إلى مهرجان (Festival de Pâques) في دورته الأولى، وتلقى هدية كانت عبارة عن كمان من صنع "بيير بارتيل".
أما المشاركات المميزة في العزف كانت مع "رونو كابيسون، وأيلين غريمو، وفي أوركسترا باريس بقيادة "بافو يارفي" وأوركسترا حجرة باريس، وقدم حفل صولو عام 2020 كونشيرتو تشايكوفسكي مع أوركسترا (Aix-en-Provence) بقيادة "جان فيليب دامبروفيل"، وعزف في نفس العام مؤلَّفة لـ"بير بوليز" في قاعة أوبرا برلين برعاية (Young Euro Festival).
ولم يتوقف عن تقديم الموسيقا حتى في فترة جائحة كورونا فقد تواجد وبالرغم من العقبات إلى جانب (Renaud Capuçon) و(Ismael Maragain) في أوبرا غارنييه حيث نَقَلت (Medici.TV) هذا الحفل وكان برعاية روليكس، وعزف في عام 2021 كونشيرتو باخ لآلتي الكمان (Bach Double Violin Concerto) مع رونو كابوسون في (Festival de Pâques) ومع أوركسترا موتزارت باريس، وشارك أيضاّ في حفلة مع "ايمانويل بايوه" في "فيستيفال صالون بروفانس".
مَشرُوعُ مُؤَسَّسَةِ أوغاريت
يسعى "بلال" إلى تقديم العون والمساعدة لكل الموهوبين والموسيقيين المغتربين وخاصة السوريين، لذلك قام بإطلاق مشروع مؤسسة أوغاريت التي تحدث عنها: «أعمل من خلال مؤسسة أوغاريت على تقديم الدعم للموسيقيين بشكل عام والسوريين خاصة بمشاريعهم الموسيقية، كما أهدف من خلال هذه المؤسسة على التبادل الثقافي بين سورية والغرب للاستفادة من الخبرات الأجنبية ودعم المواهب السورية، وأول مشاريع المؤسسة هو دعم المؤلف نديم حسني الذي كان له دور مهم في بداية مسيرتي الموسيقية الذي سيكتب ثلاثي للبيانو والكمان والتشيللو، مقطوعة صولو للكمان، وسوناتا الكمان وبيانو».
ويتابع الحديث عن أعماله الأخرى، فيقول: «عملت على إقامة ورشة عمل مع معهد صلحي الوادي عبر السكايب أردت من خلالها تبادل المعرفة والمعلومات عن الموسيقا بشكل عام وعن آلة الكمان مع مجموعة من الشباب السوري المحبّ للموسيقا وللكمان، وكان لي مساهمة في إقامة مهرجان في جنوب فرنسا استمر لثلاثة أيام في عام ٢٠٢٢، ويتم التحضير ليعود المهرجان بدورته الجديدة في عام ٢٠٢٤ أيضاً في جنوب فرنسا».