هو من الشعراء الذين تجاوزوا بعمرهم الفني يوبيلهم الذهبي في تكريس التراث الشعبي بعزفه على آلة الربابة، وهو المولود في جبل العرب قرية المزرعة التي تبعد عن مدينة "السويداء" حوالي ثمانية عشر كيلو متراً، حيث نشأ وترعرع في منزل مضافة والده المجاهد "أبو كنج هايل الحسين" والمعروف بدقة ملاحظته وفراسته، هو من حفظة التراث تاريخاً وتوثيقاً شعراً وحكايا والذي عرف بلقب شاعر الجبل إنه الشاعر الشعبي "فهد الحسين".
حول بداية عزفه على الربابة وهو في منتصف عقد الثاني من عقوده السبعة أوضح الشاعر "فهد الحسين" لموقع eSyria قائلاً: «أنا من مواليد قرية جرت بها معركة من أشهر معارك الثورة السورية الكبرى بموقعة سجلها التاريخ علامة ناصعة في التاريخ المعاصر وهي "المزرعة" في عام 1940 نشأت بها، وتعلمت بمدارسها حتى الإعدادية، إذ كبرت هوايتي مع آلة الربابة التي أقمت معها علاقة عشق طويلة الأمد، قبل أن ألتحق بصفوف الجيش العربي السوري».
وأوضح كيفية تطور عزفه على آلة الربابة بقوله: «مذ كنت في الخامسة عشرة من العمر، عملت على صقل موهبتي وميولي للموسيقا والعزف مع الأيام ويعود الفضل في التطور إلى السهرات التراثية التي كنت أشارك بها في القرية، على أنغام "الحداء، والهجيني"، بألحانه المتعددة و"الشروقي" الذي ألفت منه لحناً خاصاً به عرف بين شعراء الجبل قاطبةً بل في سورية بلون أطلق عليه اسم "الباسلي"، وهو لحن معروف لكني أضفت إليه نغمة خاصة جعله يستقل به عن شعراء الربابة، ذلك من خلال العزف والأداء باستخدامي المد الصوتي بقصد توضيح الكلمة المغناة، وكذلك "الجوفية، والهولية، وقصائد الفن"، والأغاني الشعبية، حتى استطعت أن أتخذ من آلة الربابة آلة يمكن لها أن تقدم مقطوعات موسيقية وهي ذات وتر واحد كأغاني المطرب الراحل "فهد بلان" الشعبية و"سميرة توفيق"، ناهيك على أنني أحسن تحريك المشاعر في إبداع معزوفات صالحة للدبكة».
ويقول الشاعر الشعبي "فهد الحسين": «تطورت بالعزف بتشجيع أهلي، وسهرات المضافة لما للمضافة من مكانة في خلق إبداعات فنية ووطنية، إذ منها ظهر الشاعر، والمقاوم، والفلاح، والمثقف، والباحث، عدا الحلول الاجتماعية الناجعة التي تقدمها آدابها وثقافتها، ولهذا لم أقلد أحداً على الإطلاق في عزفي، وكذلك لم أستفد من نمط أحد، وخاصة لون "الباسلي، والشروقي، والعتابا، والهجيني، والحداء والجوفية"، حتى إنني سجلت في التلفزيون وطلبت إلى دول الخليج، وشاركت في العديد من المناسبات الوطنية والقومية، وتقدمت إلى نقابة الفنانين، وعندما استمع إلى عزفي نقيب الفنانين آنذاك الفنان "صباح فخري" بحضور الموسيقيين "عدنان أبو الشامات، وسليم سروة، وأمين الخياط" أبدوا إعجابهم بالأنغام ودقة المقامات ونجحت في الامتحان».
وتابع بالقول: «لقد عدلت في الربابة بعزف الشعر الفصيح للدكتور "مانع سعيد العتيبة"، وقد عزفت مشتركاً مع العازف المخضرم "نواف أبو شهدة" الذي يعد من أهم شعراء الجبل في إتقانه على العزف، بتوافق هارموني موسيقي، بصوت مشترك، لكن ما قدمته ظل ضمن أدب البادية».
ولدى سؤاله عن أعماله ومحاولة تعليم جيل الشباب قال: «لم أسجل ألبومات خاصة بي، لكنني أسمع أشرطة كاسيت من خلال السهرات التراثية الاجتماعية، أسمع وأرى كاسيتاً كتب عليه مثالاً "فهد الحسين رقم 22" علماً بأنني لم أسجل أعمالاً خاصة بل عبر السهرات يأخذون التسجيلات ويجري تطبيقها وفق الحداثة الحالية، وتم بيعها دون علم مني بها، أما بالنسبة للتعلم على آلة الربابة فيصعب تعليمها إن لم تكن لدى المتلقي هواية، وأنا أهيب بجيل الشباب أن يبقوا على آلة الربابة كآلة تراثية ذات خصوصية في تكريس التراث والألحان الشعبية».
ما إن تستمع إلى اللحن "الباسلي" بمده الصوتي وتعابير كلماته الجميلة المترافقة مع العزف المتميز والصوت الشجي على آلة الربابة حتى تبرق الذاكرة بشخصية الشاعر "فهد الحسين" فهو سليل عائلة لها مع التراث جولات، عملت على المحافظة عليه، وقدمت لإحياء التراث الشعبي الكثير، وجاء هو ليكون أحد أعمدة الشعر الشعبي والناقل الموثق لقيمة معرفية من تراثه، الحديث كان للباحث في التراث "زيد النجم" في شهادة عنه، وتابع قائلاً: «لقد أضاف الشاعر "فهد الحسين" لوناً جديداً في عزفه على الربابة إذ عمد على إظهار مكامن جمالية تلك الآلة بتقديم ألحان شعبية مغناة مع فرقة موسيقية ولمطربين معروفين في الساحة الفنية، كذلك استطاع أن يخرج من إطاره المحلي إلى دول الخليج العربي بألحانه الشعبية والبدوية وخاصة الباسلي، لذا فهو موثق للتراث ومساهم في توثيقه بحفظه له».