يحرص مؤسس وقائد فرقة "وايت بيوتي" المايسترو "أحمد رحيم"، منذ انطلاقة فرقته عام 1999 على تقديم التراث والطرب الأصيل، بأسلوب موسيقي معاصر يحمل طابعه الخاص وبصمته في التوزيع الموسيقي.
رؤية فنية
ايتميز المايسترو "رحيم" برؤيته الإبداعية وخياراته الفنية، فهو يتجه نحو خامات فنية عالية الأداء، لترافق فرقته، ومن الأعمال المميزة التي قدمها على مستوى التنفيذ والتوزيع الموسيقي "لما بدا يتثنى" غناء الفنان "عاصم سكر"، وتقديم نشيد "موطني" بشكل مختلف، إضافة إلى "يا مسافر وحدك" لـ "محمد عبد الوهاب"، وكل من "حب إيه" و"أنا بانتظارك" للسيدة "أم كلثوم"، ومن أعماله على صعيد التأليف والتوزيع لديه "قصة رقم 1".
قدمت فرقة "وايت بيوتي" العديد من الأمسيات والحفلات الموسيقية والغنائية، منها حفلة "قصر العظم" عام 2022، وحفلة "مسرح الحمراء" عام 2024، وأحدث حفلاتها جاءت بعنوان "فخريات ضمن "أيام الطرب"، وأقيمت على خشبة مسرح الدراما في "دار أوبرا دمشق"، قُدِّم خلالها أعمال مختارة للمطرب الراحل "صباح فخري"، أعادت إلى الأذهان الطرب الأصيل والتراث الغنائي الحلبي بما فيه من قدود وموشحات.
انتقى "رحيم" مجموعة من الخامات الصوتية المميزة وذات القدرات الأداء العالية للمشاركة في الأمسية، حيث شارك معه كل من: الفنانين: "فيصل حلاق" و"خالد أبو سمرا" و"غادة الحاج".
الحفل الذي استمر ما يقارب الساعتين، افتتح بمعزوفة موسيقية من ألحان "رحيم" باسم "دمشق يا آخر الدنيا وأولها" غناها كورال الفرقة، وهي قصيدة من كلمات وزير الثقافة "محمد ياسين صالح"، ومن الأغاني التي قدمت "يا فاتن الغزلان، ابعتلي جواب، خمرة الحب، سيبوني ياناس، أول عشرة محبوبي، قدك المياس، هالأسمر اللون، بالي معاك، لأرسل سلامي لسالم، فوق النخل، حالي حال"، إضافة إلى عدد من الأغاني التراثية بما فيها "يا مال الشام، مالك يا حلوة"، التي جمعت المطربين الثلاثة معاً على خشبة المسرح.
التراث الموسيقي الغني
يتحدث المايسترو "أحمد رحيم" لـ "مدونة الموسيقا" عن خصوصية الحفل، يقول: «سعينا لتسليط الضوء على التراث الموسيقي الغني الذي يعتمد على المقامات الشرقية، فقد ضم البرنامج أعمالاً للفنان الكبير "صباح فخري"، وهي أغانٍ تركت أثرها في قلوب الجميع وتتوارثها الأجيال، من مستحيل أن تموت».
وحول الأسس التي اعتمد عليها في اختيار الفنانين الثلاثة ليقدموا أغنيات الحفل، يقول: «يحتاج هذا اللون من الغناء إلى صوت قدير وثابت، ذو كفاءة عالية، ويمتلك مساحة صوتية واسعة من العلامات ليستطيع أداء أغاني "صباح فخري"، وأن يكون صوت واعٍ ومثقف لفنان مُختمر ومشبع بالفن، لذلك اخترت صوتين رائعين لديهما خبرة تتجاوز الأربعين عاماً في الغناء "فيصل حلاق وخالد أبو سمرا " والفنانة "غادة الحاج"».
وفي حديثه عن فرقة "وايت بيوتي" التي ترجمتها باللغة العربية فرقة "الجمال الأبيض"، يقول: «بدأنا بخمسة عازفين فقط، وتطور العمل مع الأيام، وكان لدي مخطط لتقديم مؤلفاتي من خلال الفرقة، لذلك احتجت إلى عدد أكبر من العازفين لتكون "أوركسترا" كاملة، واستطعنا الوصول إلى مرحلة بتنا فيها ثمانية وثلاثين عازفاً، ولكن نضطر أحياناً إلى اختصار العدد. وقدمنا الكثير من الأعمال الخاصة من مؤلفاتي، إضافة إلى العديد من الأعمال المميزة، منها ذكرى رحيل "ملحم بركات" و"أندلسيات". كما أقمنا حفلاتنا داخل وخارج البلد».
ويشير "رحيم" إلى الإقبال الذي تشهده الحفلات التي تقيمها الفرقة، ففي الحفل الأخير "فخريات" كان الناس ينتظرون فتح شباك التذاكر في "دار الأوبرا" قبل ساعة، ونفذت البطاقات خلال أربعين دقيقة فقط.
الصوت القدير والثابت
الوقفة الثانية لـ "مدونة الموسيقا" كانت مع الفنانين الثلاثة الذين أحيوا الحفلة، والبداية من الفنانة "غادة الحاج" التي أدت عدداً من الأغاني هي "هالأسمر اللون، بالي معاك، لأرسل سلامي لسالم، حالي حال". حول مشاركتها تقول: «هذه ليست المشاركة الأولى لي كمغنية "سولو" مع "وايت بيوتي"، فأنا جزء من فريقها، وهناك أعمال وتسجيلات خاصة وحفلات موسيقية غنائية سابقة، وفيما يتعلق بما قمنا بغنائه ضمن أمسية "فخريات" فهذا النوع من الغناء له أصوله، خاصة أن نمط الفنان "صباح فخري" لا يستطيع أي فنان تقديمه، ولكن من خلال التمرين والبروفات والإصرار على إنجاز ما يرضي الجمهور الذواق، قدمناه في الحفلة».
الفنان "فيصل حلاق" أحد نجوم "ذا فويس سينيور"، والذي سبق أن غنى مع "خوليو إغليسياس" في البرازيل ومع "إبراهيم تاتليس" في السويد، يقول: «أغني منذ أربعين سنة على المسرح، منها سبع سنوات في مدينة حلب، وأقوم بأداء الألوان الغنائية جميعها للفنانين كلهم "صباح فخري، وديع الصافي، ملحم بركات.."، وسبق أن حصلت على الميدالية الذهبية لمدرسة "وديع الصافي"». وحول اختياره للمشاركة في الحفل، يؤكد أنه لو لم يلمسوا امكانيات صوته وقدرته على الغناء للراحل الكبير "صباح فخري" لما اختاروه.
أما الفنان "خالد أبو سمرا" نجم "ذا فويس سينيور"، فيقول: «سبق وخضت تجارب غنائية عديدة مع المايسترو "أحمد رحيم"، وأنا أؤدي اللونين الطربي والجبلي، فأغاني الفنان "صباح فخري" هي لوني المفضل، لأنها تناسب صوتي». ويشدد على أهمية الاستمرار في حفظ التراث وتناقله من جيل إلى آخر. وبالنسبة لحفلة "فخريات" يشير إلى أنه أدى فيها تشكيلة غنائية من موشح "الحجاز" على درجة "الدو"، ووصلة "بيات ونهاوند"، ووصلة على مقام "الرست"، كما ضمت قدوداً وموشحات.