هي العازفة الوحيدة حالياً لآلة كونتراباصون في سورية، بعد سفر قلة آخرين من العازفين على هذه الآلة الفريدة، وهي واحدة من ثلاث عازفين على آلة الباصون، لمعت موهبتها منذ الطفولة وطورتها بالدراسة الأكاديمية والسعي نحو التميز.

نُضُوجُ المَوهِبَةِ

للتعرف على سبب اختيارها لهذه الآلة الغريبة، التقينا الموسيقية والعازفة "سعده الحكيم" وحول بداياتها، تقول لـ"مدونة الموسيقا": "بدأت تعلم الموسيقا في الثالثة من العمر، حيث تدربت على عزف البيانو مع الموسيقي "فؤاد خوري"، وبعدها تدربت على آلة العود مع الموسيقي "ألبير خوري"، ومع الموسيقي "أسعد ليلى" حيث تعلمت العزف على آلة الكمان الشرقي في محافظة "حمص"، حينها بدأت المشاركة في الحفلات المدرسية، وعندما بدأت أنضج أكثر أخذت أبحث عن كل ما هو مميز، لم أشأ أن أعزف على الغيتار أو الكمان بل أردت آلة فريدة، فاخترت "الباصون" بمساعدة مدرب روسي "ألكسندر" وبإشراف المايسترو "حسام الدين بريمو" في المعهد العالي للموسيقا، حيث يعود الفضل في تنمية موهبتي الموسيقية إلى والدي "حذيفة الحكيم" والمايسترو "بريمو" والموسيقي "أسعد ليلى".

آلَةٌ فَرِيدَةٌ

الموسيقيّة "سعده" التي بدأت العزف على آلة الباصون منذ عشر سنوات اختارت هذه الآلة، لأنها وجدت نفسها فيها، واستهوتها نغماتُها رغم أنها غريبة عن ثقافتنا الموسيقية الشرقية، وهي من الآلات النفخية ذات الصوت الأعمق بين أفراد عائلتها من الآلات الشبيهة، وتُصنَعُ من الخشب والمعدن، طولها حوالي 134 سم، وهي من أصعب الآلات في العزف، أما آلة "الكونتراباصون" -حسب "الحكيم"- هي آلة موسيقية نفخية، لها أنش أو ريشة خشبية، تصنع خارج "سورية"، لأن لها قياسات محددة، وهي بحاجة إلى نَفَسٍ قويّ كما أنها كبيرة الحجم، صوتها "بيس" وبدأت بالعزف عليها منذ ثلاث سنوات لأنها أحبتها جداً، وبعد أن تابعت التدرب على عزفها بإشراف الموسيقيين "أندريه معلولي" و"ميساك باغبودريان" اللذين ساعداها على التطور في عزفها، وتابعت تعلمها عن طريق "سكايب" بمساعدة أساتذة من "روسيا" و"لبنان".

1- عازفة الباصون سعده الحكيم

وحول مشاركاتها تكمل قائلةً: في عام 2010 شاركت في كورال المعهد العالي للموسيقا بإشراف مدرب روسي، وفي عام 2011 شاركت في أوركسترا المعهد العالي للموسيقا، وفي عامي 2013 و2014 شاركت مع الفرقة السيمفونية الوطنية ومع فرقة الموسيقا العربية بالإضافة إلى عدة مشاركات أخرى مع وزارة التربية، ومع أوركسترا ماري في الأعوام 2013، 2014، 2015، كما شاركت في حفلات "المجلس الإسماعيلي" مجاناً واتّبعت ورشاتِ عمل مع "يس أكاديمي" في "لبنان".

تَدرِيبٌ مُستَمرٌّ

وتوضح الموسيقية "الحكيم" في حديثها لـ"مدونة الموسيقا" أنها تتدرب باستمرار مع الاستعانة بكتب أحضرها المايسترو "ميساك باغبوديان" من "إيطاليا" لتستطيع العزف على هذه الآلة التي تُعدُّ مكلفة جداً، إذ لايمكن استقدامها بسهولة، لأن ثمنها باهظ جداً، وبالتالي لا يستطيع الجميع العزف عليها، وربما عند انتهاء الأزمة ستصبح هناك مِنحٌ من أجل ذلك، وبالتالي يصبح من الممكن تعلّمها.

2- عازفة الباصون سعده الحكيم

العازفة -التي تعرضت لأزمة صحية، استطاعت تجاوزها من خلال الدعم المعنوي الذي تلقته من الأب "إلياس زحلاوي"، وزوجها المحامي "لؤي عزام" وأفراد عائلتها- ترى أن الموسيقا هي نحن، تعبر عما نريده في هذه الحياة.. وتقول: كلٌّ منا يبحث عن ذاته ويبحث عن متنفس بالنسبة له، الموسيقا تتكون من جهد شخصي وجهد خارجي يحصل عليه الموسيقي من محيطه، وكمدرِّسة أُعلّمُ الأطفالَ الموسيقا لكي يفرحوا، لأنهم عندما يعزفون ويتلقون التحفيز الكافي سيخطون خطواتهم الأولى في مستقبلهم الموسيقي".

مَحطَّةٌ مُهمَّةٌ

الموسيقار "نزيه أسعد" الذي لديه عدة تجارب بتطعيم فرقة الموسيقا الشرقية بآلات نفخية خشبية ونحاسية وفقاً لبرنامج الحفل الذي يستدعي أحياناً وجود آلات نفخية كالأناشيد والموسيقا الكلاسيكية، يقول عن الموسيقية "سعده الحكيم": أعرفها منذ دراستها في السنة الأولى بالمعهد العالي للموسيقا، كوني مدرساً لمادة "نظريات الموسيقا العربية"، وحينذاك كنت أدرس مادة "تاريخ الموسيقا العربية" وبعد تخرجها عملتْ مساعد مدرس في محاضرات المعهد العالي للموسيقا، وواكبتْ كل الدروس النظرية، كانت محطة مهمة لها برفقتي في تدريس المادتين في المعهد العالي، حينها عرفتها عن قرب أكثر، بعد أن كنت أستاذها في سنوات الدراسة، وأصبحت زميلتي في التدريس، لديها شغف كبير لآلية أداء الطلاب، قدمت مقترحات مهمة للطلبة أثناء عملنا معاً، كانت متابعة للمادتين ولديها محبة للموسيقا الشرقية ورغبة كبيرة بتعلم المزيد؛ رغم أن اختصاصها كلاسيك، لكنها أحبت أن تتعلم الموسيقا الشرقية في حال طُلب منها العمل مع فرقة موسيقا شرقية لتعرف ماذا تعزف.

ويتابع: كعازفة "كونتراباصون" تتميز بخصوصية وحب للمعرفة والتطور، وأتمنى أن تحافظ عليها وتُخرِّج عازفات أخريات على هذه الآلة بنفس الإحساس لآلتي "الباصون" و"الكونتراباصون"، وأشدُّ على أيدي العازفات للآلات النفخية كـ"الترومبيت والترمبون" وغيرها، لأنها بداية مسيرة تلك الآلات، حيث تُعتبر آلتا "الباصون" و"كونتراباصون" مهمتين جداً، تضيفان لوناً جميلاً جداً في العمل الأوركسترالي".

تَجَارُب مُمَيَّزَةٌ

ويقول الأسعد: شاركت معنا ببعض الحفلات وعزفت في أوركسترا الموسيقا الشرقية، حيث أردتُ تطعيماً بآلات نفخية خشبية ونحاسية للحصول على توزيع معين، وكان الحفل ناجحاً جداً بألوان صوتية جميلة بوجود آلات نفخية متعددة، حيث شاركت "الحكيم" على آلة "الباصون" واستخدمت حينها آلتي "الباصون" و"الكونتراباصون" وكان لديها شغف وحب معرفة للمجال الصوتي الذي ستعمل به ضمن فرقة الموسيقا الشرقية، وأرادت أن تتعرف على ماهية عملها كعازفة لآلة نفخية مع أوركسترا شرقية وتكررت التجربة معها.

نُشير إلى أن الموسيقية "سعده الحكيم" من مواليد مدينة حمص، حي "الحميدية"، تلقت دراسة "الباصون" لدى خبير روسي قبل دخولها إلى المعهد، وتخرجت من المعهد العالي للموسيقا عام 2016، عملت فيه أستاذاً مساعداً لمادتين مع المايسترو "نزيه أسعد"، تعمل مُدرِّسة منذ ست سنوات في معهد "صلحي الوادي" للموسيقا، وتشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمناء في مؤسسة "كيان" حيث تُدرِّس الصولفيج لمختلف الأعمار