ارتبط اسم الموسيقي "أغيد منصور" بآلة الأورغن الموجودة في دار الأوبرا ارتباطاً وثيقاً منذ أن كان طالباً لهذه الآلة في المعهد العالي للموسيقا، قدم العديد من الأعمال الموسيقية على هذه الآلة مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية إضافة إلى حفلات منفردة أخرى.

"مدونة الموسيقا" زارتْ الموسيقي "أغيد منصور" في مكتبه الذي يعمل حالياً مدرساً لمادة البيانو الإلزامي في المعهد العالي للموسيقا ورئيس قسم البيانو والأورغن والهاربسيكورد وخبير آلة الأورغن بدار "الأسد للثقافة والفنون" ليحدثنا حول البدايات بقوله: «انتسبت إلى المعهد العالي للموسيقا كطالب بيانو عام ألفين، وبعد شهر تم افتتاح صف لآلة الأورغن، وفي عام ألفين وواحد حضر خبراء من "ألمانيا" وتم تكليفي من قبل الموسيقار الراحل "صلحي الوادي" لمتابعة أعمال البناء مع الخبراء وكنت معهم لتجهيز الآلة كي تصبح قابلة للعزف. تم اختياري حينها مع أشخاص آخرين، لكنني أحببت هذه الآلة أكثر من غيري لأنني أفضل التفاصيل التقنية وبقيت مع الخبراء وتعلمت منهم وأحسست أن هذه الآلة تشبه شيئاً في شخصيتي».

صيانةُ الآلات

ويتابع منصور حول خبرته المكتسبة بقوله: «لمست ميلي لصيانة الآلات منذ الطفولة، عندما كنت أفكك وأركب قطع الآلات الكهربائية وأسعى لتطوير موهبتي في إصلاح الأورغن والبيانو باستمرار حيث تم إيفادي لألمانيا عام 2009 من قبل وزارة الثقافة لتعلم صيانة الأورغن، وهناك قمت بصيانة آلات وتركيب قطع آلة الأورغن مع الخبراء، وتوجد في "سورية" ثلاث آلات بايب أورغن (تلك التي يصدر منها الصوت عن طريق الهواء) وتعمل عن طريق محرك مهمتنا أن نقوم بفتح صمامات تحت الأنابيب وتوجد آلة واحدة في دار "الأسد للثقافة والفنون"، وثانية في كنيسة اللاتين بـ"الصالحية"، وثالثة في كنيسة "اللاتين في "حلب" حيث ساهمت بإحضار خبير لإصلاحها، وأقوم بالتواصل مع الخبراء عن طريق الشابكة وقمت بصيانة آلتي أورغن في "سورية" وفي "ألمانيا" قمت بصيانة ستة آلات موجودة في كنائسها، مارست صيانة الآلات منذ عام 2001 وحتى عام 2009 بمفردي، وحضر خلال هذه الفترة خبراء من "فرنسا"، "ألمانيا"، "إيطاليا" استفاد أحدهم من خبرتي في إصلاح الآلة».

1- عازف الأورغن أغيد منصور في المعهد العالي للموسيقا بدمشق

الدراسة الأكاديمية

2- أغيد منصور في إحدى حفلات دار الأوبرا السورية

حول موهبته في العزف والموسيقا يقول "منصور": «عندما كنت في عمر أربع سنوات سمعت لحناً وقمت بتكراره على آلة بسيطة، والدتي كانت تحب العزف، وأخي يعزف الغيتار، في البداية لم استطع دراسة الموسيقا أكاديمياً وتعلمتها بمجهود ذاتي عن طريق مساعدة أختي وأخي بالكتب، والتسجيلات حتى انتسبت للمعهد العالي للموسيقا وكان أول درس أكاديمي عام 1999، تم قبولي رغم عدم وجود شهادة خبرة حضرت قبل فترة من الامتحان من "حمص" والتقيت الراحل "صلحي الوادي" وزوجته "سنتيا الوادي" التي نصحتني بتنويع البرنامج ويعود الفضل للموسيقار "صلحي الوادي" بوجودي في هذا المكان، كان متواضعاً معي، لدي مكانة خاصة كأحد طلابه إذ أعطاني مفتاح آلة البايب أورغن وسمح لي بالدخول إلى دار الأوبرا التي كان يمنع الدخول إليها في فترة الاستلام والتسليم بين الإسكان العسكري ووزارة الثقافة، قدم لي العديد من الكتب الموجود حالياً في مكتبي، هو الذي شجعني لتعلم هذه الآلة وقال لي حينها (يا ابني هناك الكثير من عازفي البيانو لكن هل يوجد عازفي أورغن؟... عليك أن تستغل هذه الفرصة!) حيث كنت أول طالب تم نقله من صف البيانو إلى صف الأورغن عند افتتاحه وأعتبر أول خريجي قسم آلة أورغن».

العملُ مع خبراء أجانب

فيما يتعلق بورشات العمل يقول "منصور": «اتبعت العديد من ورشات العمل منها مع "غيورغ آمون" و"كارين كليمانت" الذين حضروا بناء على طلب الموسيقار "صلحي الوادي" عام 2001 حيث أغنى "غيورغ" أغنى مكتبة المعهد بمؤلفات موسيقية لآلة الأورغن، وقدمنا حينها أول حفل بدار الأوبرا عام 2001 عزفت فيها مع طلاب آخرين، ثم اتبعت وورشات عمل أخرى مع خبراء من "إيطاليا" و"النمسا" وأخرى مع الموسيقي وعازف الأورغن "ناجي حكيم" وهو لبناني فرنسي من أصول فلسطينية يعمل حالياً أستاذ التحليل والتأليف والكونتربوان بالكونسرفتوار في "فرنسا" حيث قمت بصيانة ودوزان آلة الأورغن له في "بيروت" عام 2005 حيث طلب مني أن أرافقه في الحفل لأشاهده كيف يعمل وتعلمت منه، وأصبح في كل مرة يزور فيها "لبنان" يطلبني شخصياً لدوزان الآلة ويستمع لقطعة موسيقية ويوجهني لشيء معين، وكان مرشداً لي ساعدني في هذا المجال وأهداني مؤلفات له».

3- وهو يعزف على الأورغن الموجود في دار الأوبرا بدمشق

خصوصيةُ الآلة

وبحسب "منصور" تتم صيانة آلة الأورغن بفحص عمل الهواء "الصمامات" التي يمكن أن تتلف بسبب الزمن فهذه الآلة تتأثر مع مرور الزمن مثل الإنسان وبحاجة لمراعاتها في مكان وجودها من الظروف المناخية التي تشكل الخطر الأكبر عليها كالبرد والحرّ، وبسبب حجمها الكبير تكون معرضة للقوارض والحشرات كونها مصنوعة من الخشب والمعدن الشديد التأثر.

عمل "منصور" مدرساً في معهد "صلحي الوادي" لمدة عامين حيث كان طالباً عندما بدأ التدريس وحول ذلك يقول: «كان يتم اختيار الطالب المتميز القادر على التدريس، كنت في الثالثة والعشرين وأعمل في صيانة الآلات، ففي فترة الصيف يعود الخبراء الروس لبلدهم وبالتالي أبقى بمفردي لصيانة الآلات مما جعل موهبتي في صيانة الآلات تبرز بشكل أكبر وذلك دفع مدير معهد "صلحي الوادي" آنذاك "أثيل حمدان" لطلبي للقيام بصيانة آلات البيانو، ثم بسبب حاجتهم لمدرس عملت في تدريس للبيانو للأطفال لمدة سنتين ثم اضطررت لترك التدريس في معهد بسبب الارتباط بالعمل كعازف في أحد الفنادق، لكن استمر بصيانة آلات البيانو فيه حتى اليوم».

تجربة التدريس

وفيما يتعلق بتجربته في التدريس في المعهد العالي للموسيقا يقول: «بدأت كمرافق بيانو قبل تخرجي في مادة "قيادة جوقات" التي يدرسها الموسيقي "فوزي الجيرودي"، وكنت أرافق الطلاب بالعزف وأساعده بتدريس المادة بعد تخرجي بقيت أرافقه كمساعد وحالياً أدَرس البيانو الإلزامي وأحضر الطلاب لدخول قسم البيانو، وأدرس مادة "كونتربوان" أو "كونترابوينت" والتي تدرس لمدة سنتين ومنهاجها صعب الفهم قليلاً وبالتالي هناك بعض المصطلحات أو المعلومات الأجنبية التي يصعب إيصالها للطلاب ولكنني أعتمد مراجع إنكليزية، بالإضافة إلى تأثير مستوى الطلاب ونوع الآلة فمن الصعب إيصالها للطلاب الذين يعزفون آلة ذات صوت واحد وإجمالاً نبدأ بالنظري، ثم ننتقل للعملي ليتعلم الطلاب كيفية الكتابة بأسلوب كونتربوان».

نشير إلى أن الموسيقي "أغيد منصور" من مواليد "حمص" عام 1978

له عدة حفلات منها أمسية كلاسيكية في دار الأوبرا إلى جانب "مروان أبو جهجاه" و"رزان قصار" عام 2019، وأمسية عزف منفرد على آلة البايب أورغن في 1 آب 2021 ومشاركة عزف منفرد في 17 حزيران بأمسية "منك وإليك سورية" مع الفرقة السيمفونية الوطنية وغيرها، حاصل على شهادة توزيع موسيقي في مهرجان الأغنية الإنسانية "قيثارة الروح" عام 2001، وجائزة أفضل عمل متكامل عن توزيعه أغنية أخرى.