شغفه في الإيقاع وعشقه للموسيقا تُرجِمَ على عدة أصعدة منها مشاركاته مع فرق فنية عديدة، وعمله كمدرس لمادة الإيقاع، وكذلك إبداعه في الموسيقا التصويرية، وفي صناعة وصيانة الآلات الإيقاعية.

"مدونة الموسيقا" التقت الموسيقي "سيمون مريش" مدير مكتب الفرق الموسيقية بدار الأوبرا والذي تحدث عن بداياته وأبرز محطاته الفنية بقوله: «بدأت رحلتي مع الموسيقا في الكشّاف في مدرسة "بسام حمشو" تعلمت الصولفيج على يد المدرس "عمر ظاظا" وتتلمذت على يد موسيقيين منهم "ناصر سقيرق"، "جحدر يعقوب" ثم بدأت العمل بمفردي أثناء دراستي للأدب الإنكليزي، وعندما افتتح المعهد العالي للموسيقا أبوابه قررت الانتساب له عام 1995، وتخرجت منه عام 2000 باختصاص الإيقاع وبدأت التدريس في المعهد رسمياً منذ تخرجي وقبل ذلك أثناء دراستي كانت لي تجارب في تدريس مادة الإيقاع لطلاب القسم الإضافي بترشيح من قبل الموسيقار "صلحي الوادي".

إيقاع غربي!

يقول "مريش": «ارتبط اسمي بعزف الإيقاع الغربي تبعاً لطبيعة مشاركاتي، أعزف على آلات تصنف بأنها غربية ومنها الدرامز وهي الآلة المحببة بالنسبة لي، الكونغا، "الأفريكان درامز" تشبه هذه الآلات الإيقاعية بعضها البعض من حيث نوعية الآلة، طريقة العزف، التصنيف الخاص بها، والصوت الذي تصدره، أعزف على الآلات التي تصنف على أنها طبول وتلك التي تعزف بالعصي أو بمضربين أو أربعة مضارب».

1- فنان الإيقاع الأستاذ سيمون مريش

فيما يتعلق بدراسة الموسيقا يقول: «يدرس العازف الموسيقا لسنوات طويلة منذ الطفولة حتى دخوله المعهد العالي للموسيقا لمدة خمس سنوات تتطور فيها سويته من ناحية قراءة النوتة الموسيقية والعزف على الآلة الموسيقية والتحليل الخاص بها، دراسة التكنيك والتعرف إلى الوجه التعبيري للمادة اللحنية وكل هذه التفاصيل تحتاج إلى وقت طويل».

فرق موسيقية

حول دوافعه لتأسيس والمشاركة مع فرق موسيقية عديدة يقول: «أشعر بمتعة كبيرة بالوقوف على المسرح والتعاطي مع الجمهور ومشاركته انفعالاته وردود أفعاله التي تجعل أدائي يتغير، وتصبح فيه جرعة عالية من المتعة سواء بالعزف مع الفرقة السيمفونية الوطنية أو مع الفرق الأخرى، لدي الكثير من الشغف بالموسيقا وبالأنماط الموسيقية المتنوعة التي لا نؤديها مثل الجاز أو موسيقا "الفيوجن" التي تخلط بين الشرقي والغربي، وكان لدينا عدة طاقات لم تسمح لها الفرصة بالدخول إلى المعهد لذلك عملت مع عدة موسيقيين من داخله وخارجه، ومن الفرق التي شاركت معها فرقة "كلنا سوا"، وفرقة "مرمر"، وفرقة "زركشة"، فرقة "كن فيوجن" التي تتألف بالإضافة لي على درامز من "جورج مالك" على الغيتار، "أحمد اسكندراني" على الناي، و"طارق مسكي" يعزف بيس غيتار، وكلمة "كن فيوجن" باللغة الإنكليزية تعني الاضطراب أو الخلل وهي دعوة لتقبل الآخر وكانت لها مشاركة مميزة عام 2019 في "الهند".

2- الأستاذ سيمون مريش في مكتبه بالمعهد العالي للموسيقا بدمشق

ويوضح "مريش" أن هناك تجارب على سوية عالية تستحق أن تصل للعالم ويكمل بقوله: «نحاول تقديم فن مختلط والتمرن عليه منذ ثلاث سنوات وهو نوع من الموسيقا الروحانية بأساليب حديثة وتقدم التراث بطريقة معاصرة، وهي تجربة مشابهة لتجربة "ظافر يوسف" الذي قدم "إلكتريك صوفي" مع فنانين غربيين وموسيقيين يقدمون موسيقا شعوبية مع الكلام الصوفي المناجاة والتقديس للحياة»

فرقة "فيوجن" في "إكسبو"

ويقول عن مشاركة فرقة "فيوجن" في معرض إكسبو "دبي" بتاريخ 14 تشرين الثاني 2021: «نقدم مادة موسيقية مهمة هي مزيج من الموسيقا الصوفية مع الموسيقا الغربية نقدم فيها لوحة من أشعار "الحلاج" و"جلال الدين الرومي" بطريقة "ميكس آرت" أي خلط الفنون مع بعضها بحضور "ميلوي" يتحرك على الموسيقا بشكل جديد، حيث تم اختيار الفرقة من قبل "الأمانة السورية للتنمية" إلى جانب عروض فنية أخرى تصدر الوجه الحضاري لسورية».

3- بوستر مشاركة فرقته في معرض إكسبو دبي

ويتابع حول الصعوبات التي تمنع استمرارية بعض الفرق الموسيقية قائلاً: «شاركت مع فرق عديدة لكنها لم تستمر مثل كثير من المشاريع الأخرى بسبب سفر كثير من العازفين إلى خارج البلد، وعدم توفر التمويل لتسجيل الألبومات، وعدم وجود دعم كافي لتصل هذه الموسيقا لشريحة أكبر وهذه الصعوبات إلى ازدياد بسبب التكاليف الضخمة حاليا».

الموسيقا نعمة

حول مكانة الموسيقا بالنسبة له يتابع بقوله: «مهنتي ومتعتي بالحياة هي في مكان واحد، الموسيقا نعمة لأنها تزرع الحب والسعادة لدى الناس وهي دوماً مرافقة لجميع الأحداث التي نعيشها في الحياة، نلجأ لها عند الفرح والحزن، هي التي تقلب المزاج وتشعر المرء بالسعادة، وأشكر الله على هذه النعمة».

الإيقاع مكون موسيقي

وفيما يتعلق بأهمية الإيقاع في الفرقة الموسيقية يقول "مريش": «يتألف الجسد أو التكوين الموسيقي من عناصر أساسية هي اللحن الذي تتحرك وفقه النوتات الموسيقية، النسيج الهارموني الذي يحقق الانسجام الموسيقي، وتضاف لهم الكلمة عند الغناء والتي تحمل رسالة أو قصة يتفاعل معها المتلقي ويعيشها حسب مشاعره ورؤيته، ونضيف لهم عنصر رابع في الموسيقا الشرقية هو التحميل الذي يقدم جملة موسيقية بحيث يعزفها كل عازف على آلته بطريقته الخاصة مثل السماعي وهو يشبه الارتجال في الموسيقا الغربية (الجاز)، والإيقاع هو واحد من المكونات الأساسية إما أن يكون منتظم مثل الأغنية الشعبية "الدلعونة" أو يكون فيه تواتر معين عندما يكون على شكل "قصائد" وأفضل عزف كل أنواع الإيقاع واستمتع بالعمل الموسيقي الذي يتطلب جهداً أكبر».

تجربة التدريس

عن علاقته بالطلاب يقول "مريش": «أدرس في المعهد العالي للموسيقا مادة الإيقاع كمادة أساسية وبالنسبة لي التدريس هو نوع من الحفاظ على المعرفة عند نقلها للأجيال وهو من أكثر الأشياء التي أستمتع بها، كما أدرس الإيقاع لطلاب المعهد المسرحي ومدرسة الباليه من ناحية إيقاع الجسد أو الكلام الذي يأخذ المتلقي باتجاهات مختلفة وهو ركن أساسي من أركان الموسيقا وكل الفنون الأخرى، وأدرس مادة أخرى تعنى بكتابة وتوزيع النوتات على الكمبيوتر وإدخال التقنيات بالتعلم الموسيقي لمواكبة ما يجري في العالم».

موسيقا الشعوب

فيما يخص التوزيع والتأليف الموسيقي يقول "مريش" كاتب متتالية موسيقية بعنوان "حول العالم في ثمانين إيقاع": «قدمنا عدة حفلات كلاسيكية "كارمينا بورانا" مع "نوري رحيباني"، وقطع موسيقية أخرى مع "فيكتور بابنكو"، ولدي عدة تجارب مع الفنان "معتز ملاطيه لي"، وموسيقا تصويرية لأعمال مسرحية مع الفنان "جهاد سعد"، د."تامر العربيد"، "ممدوح الأطرش"، و"زهير قنوع"، بالإضافة لعمل "سولو" مع "جمال شقير" وهو عمل موسيقا مسرحية "ستاتيكو" التي فازت بثلاث جوائز في مهرجان "قرطاج"، ومشاركة أخرى في مسرحية "حكاية علاء الدين"، وجولات موسيقية مع جوقة "الفرح" جولة في "أميركا" و"فرنسا"، ومع "كلنا سوا" في "أميركا"، ومع "آرا كيفوركيان" في "حلب"، ومجموعة من المشاركات مع "عابد عزرية"، وأخرى مع "رعد خلف" بأوركسترا "ماري" وأوركسترا "زرياب" في "باكستان"، وقمت بإعداد الموسيقا لحفل إطلاق الباخرة الفينيقية وإعداد الموسيقا الخاصة بفرقة "بيركيومانيا" الإيقاعية».

صناعة الآلات

لمريش تجربة هامة في إصلاح الآلات الموسيقية وصيانتها وحول ذلك يقول: «أعدت صناعة الآلات القديمة الفخار ووضعت له جلوداً وهذه الآلات موجودة في الآن "هولندا"، وفي العرض الأخير للمايسترو "رعد خلف" صنعت آلات وصممتها في حفل "قصر العظم" بعنوان "اذهب وانظر" وهي طبول معدنية لها شكل براميل ويعزف عليها بمضارب مختلفة، كما أعمل مستشاراً لعدة ورشات تصنيع وصيانة الآلات الإيقاعية بالإضافة إلى تصنيعها وصيانتها بنفسي».

نشير إلى أن "سيمون مريش" من مواليد عام 1972 تخرج من المعهد العالي للموسيقا اختصاص إيقاع عام 2000 عضو لجنة تحكيم مهرجان الآلات الإيقاعية 1000 بيت لعام 2017 المقام في "إيطاليا"، له عدة مشاركات مع الفرقة السيمفونية الوطنية، أوركسترا "ماري"، أوركسترا "زرياب"، أوركسترا "أورفيوس"، وهو عضو في فرقة "آفرو سيريا" مع "رواد عبد المسيح"، وفرقة "توتال فيوجن"، وغيرها، له عدة تسجيلات موسيقية في المسرح والدراما.