تميّز المجتمع السلموني بتأليف أغاني للأطفال تناسب تلك المرحلة على شكل هدهدات بسيطة، وذلك قبل انتشار الإذاعة، ولا تزال ذاكرة كبار السن تحتفظ بهذا الموروث الشعبي، لدوره الراسخ قي سعادتهم، وتنمية حسهم الموسيقي في تلك المرحلة.

يحدثنا الأستاذ "علي قنوع" 1944 إجازة في الحقوق 1988 عن أغاني طفولته قائلاً: «ارتبطت الأغاني بالمناسبات فكنا نغني ما علّمنا إياه الأجداد قبل أن تكون انتشار الراديو وأغاني الإذاعة:

"سلمية" ياست البلادي...فيكِ عين فوق العين وادي

1- المعمّرة فطيم حمدي

فيكِ طاحون بتطحن ألف مدّي..وفيكِ تربوا هليتي وجدادي

وغنّى الأجداد:

ويارايح "سلمية" سلّم على أمي وبي.. وقلن بعدا عبالي أيام الغندورية.

2- المربّي علي قنوع
3- السيدة سعاد شاهين

ونلاحظ من مفردات الأغاني أنها تناولت فخر الأجداد بميزات "سلمية" (عيون الماء الغزيرة وأشهرها الغندورية، والطواحين) وأغاني تقال في حفلات طهور.

الذكوروالأعراس:

لمين هالمنسب اللي يكرج على حروفه

هادا منسف بوعلي ونحن اليوم ضيوفه

ومن أغاني العيد وركوب الآراجيح قالوا أيضاً :

عمي الحاج أحمد... يويو، لشد وإركب... يويو

على إسكندر.. يويو، واسكندر مات.. يويو

خلّف بنات.. يويو، بناته سود.. يويو

طقس البارود.. يويو، والـ عنده وزّه... يويو

تنقر الرزة.. يويو، والرز غالي..يويو

بأربع مصاري..يويو، يا بنت خالي..يويو

واشغلتي بالي..يويو، طلعت لبرّة..يويو

شافها عبدالله..يويو، أحمد شاهين..يويو

وفي المساء كنا نتحلق حول جدتي لنسمع حكاياتها وتلعب معنا لعبة (حدي مدي، قرون جدي، حلفت لي معلمتي لـتعلقني بالسجر والسجر مليان فلوس بالنقطة وبالدهب وبالفلوس) وهذه أغنية تقال ونحن نمد أقدامنا، وأغنية ولعبة الأكف للأطفال (باح يا باح يا ورق التفاح يا ديّات علي يا كيسات يا ملاح) وتفتح الجده كفه لتكمل (إجا العصفور ليشرب كسر أبريق الفضة) وتكمل على أصابعه ابتداء من إصبعه البنصروتطويها لداخل الكف(مسكيته، دبحيته، نتفيته، طبخيته، طعميته) ثم تقول: وهون سوار سوار سوار.... وتقوم بكركرته في إبطه ليضحك.

وأغاني كنا نغنيها في أيام الشتاء وانحباس المطر: شتي يادنيا شتي...شتي ع حقلة ستي

ومن أغاني المدرسة: طاق طاق طاقية.. طاقتين بعليّة

وأغنية كنا نغنيها في الحارات بشكل جماعي وقبل دخول المدارس:

من فوق التل احدرناهم عشرة والضابط وياهم

والضابط مكسورة حصانو يرمح حدّو لهنانو

وأيضاً أضافت فنانة التراث "نجلاء جبر" وتبلغ 76عاماً: "طيارة طارت بكير.. نشرت محارم حرير.. يا بياع التنانير بدي منك تنورة، وصل الخبر لباريس.. إنه فرنسا مكسورة.. يا عرصا يا إبن الكلب..مين قلّك تنزل عالحرب...لما شفت السوريين...صرت تعوّي متل الكلب".

وتضيف المربية "سعاد شاهين" عن ذكريات تربية أطفالها قائلةً: «تعلمت من أمي وجدتي ما كانوا يغنونه لأخوتي الصغار وأنا من بعدهم، فعندما يولد الطفل درجت العادة وحتى يبلغ الشهر الأول، نقوم بوضعه فيما يسمى باللفلوفة وشده بالقماط، وعندما نحلّ هذا الرباط نغني له: " داخل داخل دخيلو، وداخل كلشي من جيلو، وداخل "أحمد" و"محمد" وياللي هزّه بسريرو".

وعندما يخطو الطفل بخطواته الأولى نشجعه ونردد : "دادي شطة بطة.. دادي لحمل قطّة.. دادي ياالله يمشي..دادي لأدبح كبشي".

وأيضاً هدهدات النوم للأطفال كانت: "نيمتك بالمرجوحة وخفت عليك من الشوحة..

وهزّيلا يا صلوحة.. بلكت عَ صوتك بتنام.. نيّمتا بسرير جديد وخفت عليها من العبيد..

وهزّيلا يا أم سعيد بلكت عَ صوتك بتنام.. ونيمتها بالعليّة وخفت عليها من الحيّة..

وهزيلا يا مهديّة بلكت عَ صوتك بتنام ».

وأضافت المعمرة "فطيم حمدي" البالغة من العمر93 عاماً لـ"مدونة الموسيقا" قائلة: «عندما تظهر أسنان الطفل نقوم بتحضير ما يسمى السليقة وتتكون من عدة أنواع الحبوب ويوضع الطفل في ساحة الدار، ويهزالحبوب فوق رأس الطفل ليجتمع حوله الدجاج ويأكل منه، ونقوم بهذا الطقس، بالأهازيج والتصفيق والهلاهيل، ومن ثم نوزع من السليقة لإطعام الأطفال الصغار أبناء الحارة ».