نشأ "ناقد رحمه" في عائلة فنية لأبوين مغنيان، وتعلق منذ طفولته بخاله المطرب الشعبي الراحل "محمد المغربية"، وتعلم منه صناعة الربابة والمجوز والعزف عليهما، شارك في مهرجانات محلية وأشعل حلقات الدبكة الشعبية حماساً، ويعد العازف الوحيد للمجوز في بلدته.

نَشْأَتُهُ

في بلدة "برّي الشرقي" التي تبعد عن "سلمية" 15 كيلو متراً شرقاً، والمكتنزة بالتراث الشعبي، ولد الفنان الشعبي "ناقد يوسف رحمه" لعائلة فنية، فأمُّهُ "مديحة عثمان" التي امتلكت صوتاً جميلاً وحنوناً دافئاً، كانت تغني في تشييع الأموات كما درجت العادات قديماً منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ووالده يغني الشعبي بألوانه، ولم يتم دراسته بسبب التصاقه بخاله المطرب الشعبي الراحل "محمد المغربية" الذي تعلم منه صناعة الربابة والمجوز(الأرغول) والعزف عليهما فبعد إنهاء دراسته الإبتدائية كان يرافق خاله في الحفلات التي تقام في قريته أو القرى المجاورة.

بِدَايَاتُهُ فِي صُنعِ آلاتٍ شَعبيّة

صنَعَ أول ربابة في السادسة عشرة من عمره، لكنه عزف عليها قبل بلوغه هذه المرحلة، وكما أضاف الفنان "ناقد رحمه" أنها مكونه من هيكل خشبي يشد عليه جلد الماعز بعد وضعه بالماء ليكون طرياً ويثبت بمسامير وقطعة ثانية تدعى قوساً يشدّ عليها مجموعة من شعر ذيل الخيل وتمشط بمادة تسمى (القلفونة) لتعطي الصوت الجميل عندما يعزف عليها.

1- عازف المجوز و الربابة ناقد رحمة

وأضاف "ناقد" قائلاً: «صنعت المجوزمذ كنت في الخامسة عشرة من عمري ويسمى المجوزبـ (الأرغول) ويتألف من ثلاثة أنواع: الخشن والناعم والأنعم (النحلة، الزمر، والوسط بينهما) ويتميز كل منهما بصوت معين، وهو مصنوع من القصب الطرابلسي ولا يصلح منه إلا الذي نضج بلونه الذهبي الأصفر، وكان يابساً في الأرض، فيقطع ويصنع منه ست قطع متباينة في العرض وتدمج مزدوجة تربط بخيط قوي، ثم توصل الأجزاءالثلاثة فيما بينها بمادة شمع النحل حتى تمنع خروج الهواء منها أثناء النفخ، والقطعتان الأوائل تسمى (الأمهات) والأصغر تسمى (البنيات) والصغيرة تسمى (الزموحة) وهي الآلة الوحيدة التي تستعمل في الأعراس حيث يرافق المزمار رجلاً يغني أو إحدى النساء بـ"المولية السلمونية":

"وِنْ هجرتني لأهجرك ون رميتني لرميك

وشمّتتْ بيّا العدا يشمت قليبي فيك

لو كنت خاتم دهب من إصبعي لرميك

2- أستاذ الفلسفة بدر الدين مرّة

وألبس بدالك تنك يا مزغزغ النيّة"

أو يغنى الدلعونة، أو الهوارة، ويتنامى الحماس في نفوس المتراصفين للدبكة والمنافسة بينهم، ويمتد الفرح لمدة أسبوع.

3- أستاذ التاريخ أحمد جمول

لم تتوقف حفلات "المجوز" رغم ندرة الطلب على إحياء حفلات الأفراح بها بعد دخول الآلات الحديثة كالأورغ، ومع ذلك هناك طلب لزفة العروس على (الأرغول) عند البعض كون هذه الآلة تراثية.

شَهاداتٌ بالفنان "ناقد رحمه"

يضيف "بدر الدين مرة" أستاذ الفلسفة والمهتم بالتراث السلموني قائلاً:«لقد ولد الفنان "ناقد" في أسرة فنية فوالديه مغنيان شعبيان، وهو جارنا الطيب، وبرغم صغر سني ومع أني لم أعاصر مرحلة الأفراح التي كانت تقام على موسيقى (الزمر) إلا أني أحب عزف الفنان "ناقد رحمه"، وقد حضرت له أكثر من مشاركة كان يشعل جو حلقات الدبكة طرباً وفرحاً وحماساً، وذلك في "خيمة وطن" بحضور جماهير شعبية ورسمية، وفي عام 2006 في مهرجان ملتقى التراث "السويداء" و"بري الشرقي" كان مشاركاً وعزف لفرقة "إنانا" وكان ماهراً وأسعد الجميع بتلوين العزف وأشعل جو الراقصين بالحماس والسعادة، كما ويشارك في مهرجان سباق الخيول في "بري الشرقي" كل عام».

المربي "أحمد جمول" أستاذ التاريخ أضاف عن الفنان الشعبي "ناقد" قائلاً: «هو شخص موهوب حافظ على إرث أجدادنا ومتفرد في قريتنا، أعرفه من خلال احتفالات المدرسة والمناسبات العائلية في القرية، يعرف كيف يفرحنا أويحزننا بعزفه على ألتي الربابة والأرغول بأجمل الأغاني الشعبية التي تربينا عليها وسمعناها منذ نعومة أظافرنا كالمولية والدلعونة، يليق بهذا الفنان أن يكرم ولو من خلال ذكرنا له، لأن الإنسان الموهوب هو القادر أن يعطي قيمة مثلى للحياة».