بروح المحبة والفرح والسلام والإخاء وبمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة تنطلق في كل كنائس العالم وبصوت واحد تراتيل الصلاة التي تدعو الله أن يعم الخير والسلام والمحبة على سائر أنحاء البلاد، وتحتفل كل كنسية بهاتين المناسبتين وفق طقوس خاصة تؤديها مجموعة من الشباب والشابات.

"مدونة الموسيقا" التقى المايسترو وعازف البيانو "شادي نجار" الذي حدثنا عن أصول وتاريخ وانطلاقة حفلات أعياد وأهم التراتيل التي تنشد بهاتين المناسبتين فقال: «في كل كنائس العالم تبدأ التحضيرات والاحتفالات لأعياد الميلاد ورأس السنة في بعض الدول العربية والأوربية قبل أسبوعين وربما شهرين، ويقال أن مثل هذه الطقوس والاحتفالات إنطلقت قبل أكثر من ٢٠٠٠ عام (عيد ميلاد السيد المسيح) وكل التراث الموسيقي لهذه المناسبة يتجسد من فكرة تحضير وغناء الكلمة المناسبة من حيث البساطة واللحن بطابعها الغربي والشرقي أو دمج الاثنين معاً، وبعدها تتبع كل كنسية نمط التراتيل التي تتوافق وتنجسم مع غنائها. والكنائس البيزنطية الميلادية تؤدي تراتيلها وفق المقامات الثمانية، فيما نجد في الكنائس السريانية الألحان الشرقية. أما في الكنائس الغربية (اللاتين) نجد الموسيقا الغربية.

ويتابع "نجار" شرحه فيقول: ولكي نعرف كيف وصلت هذه الالحان إلينا يجب أن نبحث في التاريخ الموسيقي لكل كنيسة ، فمثلاً الكنائس الغربية نجد الطابع "الغريغورياني" وهو النمط الأكثر انتشاراً في تاريخ الكنائس اللاتينية مع تطور العصور ، و بسبب تصادم الشعوب في الحروب انتقلت الموسيقا من أوروبا إلى إفريقيا وبالعكس، فأصبح لدينا نماذج موسيقية خليطة ومتنوعة اندمجت وأخذت من بعضها الألحان والنغمات والمقامات ما بين الافريقية والغربية حتى وصلت إلينا مجموعة كبيرة من المقامات والنغمات التي تردد في أعياد الميلاد، ولو دققنا بكلمات هذه التراتيل لوجدناها أغلبها يحثّ على المحبة والإخاء والسلام والتواضع، علماً أن هذه التراتيل تخضع وبشكل دائم لمحاولات التجديد سواء في الكلمات أو الالحان أو الأداء وتغنى بعدة لغات مثل اليونانية والانكليزية والفرنسية والعربية والايطالية.

1- المايسترو وعازف البيانو شادي نجار

وحسبما يقول "نجار": «بالنسبة لي، أنا أومن بنهج الانفتاح على الثقافات الموسيقية الذي يخلق الأرضية المناسبة لولادة موسيقا ونمط متحضر جديد، وكل ذلك يعطينا مجالاً للابداع والتأليف والالحان وبشكل جديد».

الفرقة والتراتيل

تؤدي التراتيل داخل الكنيسة بمناسبة الاعياد جوقة فرقة تسمى الكورال وهي مؤلفة ما بين ١٠و ٤٠ شخصاً مرتلاً، ومن الجنسين يقودهم مايسترو على النمط الهرموني بالصوت الواحد وكل هذه الأصوات الهدف منها تمجيد اسم الله، يبدأ التحضير لهذه التراتيل قبل فترة من الأعياد بحضور بروفات وتجهيزات صوتية ولوجستية وموسيقية بتوزيع جديد وأهم تلك التراتيل: "ليلة الميلاد" و"يا رعاة خبرونا".

2- الدكتور الجراح سامر نسطة

وفي الوطن العربي غنى كبار الفنانين العرب وأنشدوا تراتيل أعياد الميلاد داخل الكنسية مثل السيدة "فيروز" وشقيقتها "هدى حداد" والمطرب الكبير "وديع الصافي" والسيدة "ماجدة الرومي" وغيرهم كثر وأغلب هذه التراتيل كانت على الطريقة الهارمونية .

طقوس حلبية جميلة

وللأعياد في مدينة "حلب" ومنذ الآلاف العصور طقوس ونكهة وطعم مختلف مليئ بالفرح والاحتفالات من خلال السهرات المنزلية الخاصة أو بالاجتماع في المطاعم أو حضور الاحتفالات داخل الكنسية بشكل جماعي وتستمر تلك الاحتفالات حتى مطلع الصباح مع التمنى بقدوم عام جديد يحمل الخير وبشائر والسلام والبركة يرافق تلك الاحتفالات والتراتيل الغناء وتقديم التهاني بين جميع الطوائف وأبناء المجتمع الحلبي، وحول شجرة عيد الميلاد التي نصبت هذا العام في منطقة "الفيلات" شاهدنا الجميع يلتف حولها ويحتفلون ويرقصون.

3- المايسترو شادي نجار

وقال الدكتور الجراح "سامر نسطة" لـ"مدونة الموسيقا": «الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة لها معانٍ وقيم إنسانية بين جميع أطياف المجتمع وفي جميع أنحاء العالم حيث يقدمون لبعضهم المباركات والتمنيات بحلول الفرح والسعادة والسلام والأمان، وبالنسبة لي منذ صغري كانت هذه الأعياد تشعرني بالسعادة وكنا في عائلتنا مثل بقية العوائل نستعد لها وننتظر قدومها بشوق وفرح من خلال حضور التراتيل وحضور الحفلات الخاصة والعامة التي تمجد تلك الأعياد وكانت والدتي تقوم بتحضير وصنع الحلويات المنزلية لتبدأ بعدها مراسيم الزيارات لتقديم التهاني بين الاهل والاصدقاء والجيران ومن جميل عاداتنا في المجتمع السوري والحلبي أنه في كل الاعياد كانت المباركات تضم أصدقائنا من كافة اطياف المجتمع وأعراقه».

قيما حدثتنا الزميلة الصحفية "بيانكا ماضية" من صحيفة "الجماهير" الحلبية وقالت: "عيد ميلاد سيدنا ورسول المحبة والسلام يسوع المسيح هي دعوة متجددة للعيش في ظل المحبة التي دعا إليها السيد المسيح، وفي ظل التواضع حيث ولد في مغارة بيت لحم دون بهرجة ولا أنوار سوى نوره الذي كان يشع ضياءً، فهو حقيقة الشمس التي لا تقهر، وهو الوجود الأزلي للكون، بهذه المعاني السامية ومن خلال الأنوار تتلألأ في الكنائس والشوارع والبيوت يشكل هذا العيد فرصة للقاء الأقارب والأصدقاء على أضواء هذه المعاني التي تزرع البهجة والفرح في النفوس، وبهذه المناسبة نتمنى أن يعم الأمن والسلام في بلادنا وأن يمنحها الرخاء وأن يسبغ على الجميع الكرم والطمأنينة.. ولد السيد المسيح ليحارب الكراهية والبغض والشر المزروع في النفوس الضعيفة، فبميلاده فرح العالم والملائكة فأنشدوا "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة" وبهذا كان للميلاد فاعلية في حياة المؤمنين لأنه ميلاد للتواضع والمحبة والسلام في العالم. وكل عام والسوريون وكل العالم بألف خير، أعاده الله باليمن والخير والبركات.

4- الصحفية بيانكا ماضية