تلعب الموسيقا الدينية دوراً في تفعيل وتأجيج مشاعر الناس نحو مناسبة العيد ومعانيها ومنها موسيقا عيد الميلاد التي غالباً ما تحمل ألحانها فرح الولادة الجديدة بالحب والاهتمام بالأخر خصوصاً من هم بحاجة أكثر.

مَكانَةُ الموسيقا الدينيّة

للحديث عن دور موسيقا الأعياد في حياة الإنسان "مدونة الموسيقا" تواصلت مع "فادي توما" موسيقي وقائد جوقة كنيسة "سيدة فاطمة" الذي يقول: «تعدُّ الموسيقا على مختلف أنواعها الطريقة الأفضل للتعبير عن مشاعر الإنسان وأحاسيسه، والتي تمكننا من إيصال أي رسالة بشكل مباشر أو غير مباشر عند عدم تمكننا من قول ما نريد بشكل واضح ومباشر، من هنا اكتسبت الموسيقا الدينية مكانتها في جميع الأديان السماوية منها وغير السماوية، والمعتقدات بجميع أنواعها، لأنها تلهب قلب الإنسان وتؤجج مشاعره وترتفع به إلى مقامات مختلفة أخرى».

دَغدَغَةُ المَشاعِر الإنسانيّة

يوضح "توما" أن ألحان موسيقا كل مناسبة دينية أو غير دينية تختلف بحسب مفهوم المناسبة وزمانها والمفردات المستخدمة في إحيائها، وأن ألحان موسيقا عيد الميلاد هي الأكثر شيوعاً وتأثيراً لدى عامة الناس ومصدرها الغرب لكن تم وضع كلمات مناسبة لها باللغة العربية وباتت جزءاً من التقليد الشعبي.

1- أ طفال جوقة قوس قزح بقيادة حسام بريمو

تميزها

2- فادي توما عازف وقائد جوقة كنيسة سيدة فاطمة

وحول اختلاف موسيقا الأعياد عن الموسيقا السريانية الكنسية أو عن باقي التراتيل يقول "توما": «الموسيقا الكنسية السريانية، البيزنطية، القبطية، اللاتينية والغريغورية هي موسيقة طقسية ترتبط باللغة والطقس والشعائر الدينية التي تعود لكل طائفة بحد ذاتها ومفهومها لعيش المناسبة وهي غالباً تراثية تتناقلها الأجيال منذ مئات السنين وتمررها من جيل إلى جيل دون تغيير يذكر لأنها تحمل في طياتها تراث وتاريخ كل طائفة وما مرت به من أحداث ومجريات عبر الزمن، وقد يحدث أن تصير إحدى التراتيل أو لحنها عابرة للطوائف عندما يكون اللحن أو الكلمات مؤثرة ومحببة لأذن وقلب المؤمن، وهذا أمر مقبول بشكل عام».

مقطوعاتٌ سائدة

حول أهم من ألفّ مقطوعات بالنسبة للألحان الميلادية الحديثة (غير الطقسية التراثية) يقول "توما": «أرى أن الموسيقي "مروان نخلة" هو أفضل من كتب كلمات ووضع ألحان لمناسبة عيد الميلاد ووزعها موسيقاً حيث أصدر ألبوم تراتيل ميلادية بعنوان "ضلَك ضوّي" عام ألف وتسعمئة واثنين وتسعين».

3- المايسترو حسام الدين بريمو

أغلب التراتيل تؤدى جماعياً لمناسبة عيد الميلاد لما تحمله المناسبة من فكر عام للصالح العام والدافع الأكبر إنسانياً، لكن هذا لا يمنع التنويع وتأديتها إفرادياً أو نتناوب بين الحالتين.

يبيّن "توما" أننا يجب أن نميز بين مناسبتي الميلاد ورأس السنة وحول ذلك يقول: «عيد الميلاد هو تقليد ديني مسيحي صرف، بينما رأس السنة هو تقليد شعبي لا علاقة خاصة أو مباشرة له بالدين المسيحي وبالتالي أبرز المقطوعات إضافةً إلى ألبوم "ضلَك ضوي" هي الألحان التقليدية الرائجة والمعربة عن الألحان الغربية مثل "ليلة عيد"، "كناّ نزينّ سجرة صغيرة"، "عيَد الليل"، "كل الكون اليوم يشرق"».

الموسيقا السريانية

وتحدثنا المغنية "سناء بركات" عن اختلاف موسيقا الميلاد عن الموسيقا السريانية بقولها: «موسيقا الميلاد هي موسيقا ترتبط بمناسبات وألحان خاصة بها وتختلف عن الموسيقا السريانية التي تشكل أحد أصول الموسيقا وموسيقا الطقس السرياني هي الأقدم وتشير إلى أن بعض المؤلفين باشروا الكتابة لموسيقا الميلاد مؤخراً بشكل أكبر».

من الصعب تحديد أصلها

من جهته المايسترو "حسام الدين بريمو" قائد جوقة "لونا" للغناء الجماعي يقول: «تنتشر موسيقا عيد الميلاد في كل بلاد العالم، فكل بلد ألّف موسيقا تناسب ذوقه الخاص وتناسب ذوق المؤمنين فيه، البحث عن أول موسيقا قضية صعبة لأنها تعود لألفي عام لكن اليوم أصبح هناك تبني لكل أغاني وتراتيل عيد الميلاد واختلطت مع بعضها البعض، البحث في التاريخ مسألة صعبة لاسيما أن الموسيقا السريانية الكنسية لا تشبه الموسيقا السريانية الشعبية التي نغنيها اليوم في عيد الميلاد، وهي على مقام "عجم" يختلف عن "عجم" الكنيسة، هناك موسيقا سريانية تمارس في الكنيسة في الطقوس الدينية وموسيقا بيزنطية تمارس في الكنيسة الأرثودوكيسة "الروم" وأخرى لدى الروم الكاثوليك ضمن طقوس في القداس، أما الأغاني اختلطت ببعضها البعض وأصبح الجميع يقولها باللغات المستطاعة».

أغاني الميلاد منتشرة عالمياً

ويبين الموسيقار "بريمو" أن عيد الميلاد تحول من عيد ميلاد مسيحي له علاقة بالجغرافية أو القومية لعيد ميلاد عالمي ففي كل أنحاء العالم يغنون "ليلة عيد أو جنغل بيلز" ولم يعد لها لغة ثابتة فالميلاد في الكنيسة السريانية يختلف عن البيزنطية يختلف عن الأرمنية وعن تلك القبطية ولكل من هذه الطقوس طابعاً خاصاً وهذه ترانيم تقال في الكنيسة أثناء القداس أما أغاني عيد الميلاد فهي عالمية ليس لها جغرافية ولا قومية.

ويوضح الموسيقار "بريمو" أنه من الصعب تحديد أول من وضعها ويذكر أن "البطرك العبسي" كتب في أحد محاضراته أن كل التراتيل اليونانية التي ترتل في اليونان باللغة يونانية تم تلحينها في "اللاذقية".