من دون سابق إنذار وشهرة تسبقه، وضع المنشد "عبد القادر التنجي" نفسه محط أنظار أهل الفن والإنشاد بما يقدمه من أداء صوتي باهر بمجرد نشر المحبين والمتابعين له وعلى وسائل التواصل الاجتماعي عدة فيديوهات وهو يقوم بالإنشاد والأذان بصوته العذب والجميل بعيداً عن آلة موسيقية.

موقع "مدونة موسيقا" تواصل مع المنشد "عبد القادر التنجي" خلال تواجده في "القاهرة" ومنتظراً وصوله لبلده "سورية" ومدينته "حلب" من أجل لقائه وسماع الكثير عن حياته الفنية في الإنشاد والمدائح والموشحات.

في البداية سألناه عن سبب ظهوره فجأة بين الأوساط الفنية ونشر عدة تسجيلات ملفتة له على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يؤديها من دون موسيقا فأجاب قائلاً: «أنا من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٦٨ وبطبعي لا أحب الشهرة ولا أسعى لها، والفن بالنسبة لي منذ الصغر هو هواية ليس أكثر. عملت وأنا صغير في سوق المدينة بمحل والدي بتجارة الأقمشة وكنت أذهب معه لصلاة الظهر والعصر في مسجد حارتنا "أسامة بن زيد" بحي "اقيول" وأثناء تواجدي بالسوق أذهب معه إلى الجامع الكبير وأثناء ذهابي وعودتي من الصلاة كان يلفت نظري براعة القصائد والموالد التي ينشدها الكفيفون داخل حرم الجامع بأصواتهم العذبة والجميلة، ومن هنا جاءت فكرة حبي وتعلقي وحفظي للقصائد، ولكن بقي الأمر ضمن حدود ضيقة وغير معلنة، حيث كان مثل ذلك غير المسموح عند والدي، وفي نظره إن المطلوب مني هو الاهتمام بدراستي وعملي فقط ولا يجوز السهر والعودة متأخراً للمنزل، ومع ذلك كنت أشارك بالحفلات المدرسية والمناسبات وداخل المساجد بإنشاد بعض القصائد مثل (بيضاء لا كدر يشوب صفاءها، وأحمد يا حبيبي، وعلى طيبة يالله نروح) وغيرها مما كنت أحفظ من قصائد المنشد الكبير الراحل "أديب الدايخ" الذي تأثرت به كثيراً وكذلك بالمنشد الراحل "حسن الحفار" وبعمر ١٥ عاماً ومن دون علم والدي انتسبت لنادي شباب "العروبة" لدراسة الموشحات والقدود والأوزان والنغمات على يد الراحل "عبد القادر حجار"، واتبعت ذلك بمرافقة المنشد "محمود فارس" في كافة حفلاته ولمدة عام كامل، وأعطتني هذه الفرصة والمشاركة الكثير من الفائدة في غناء القصائد والموالد".

1- المنشد والمطرب عبد القادر التنجي

الاِنطِلَاقُ نَحوَ الفَنِّ

2- المطرب عمار قلعة جي

ويتابع المنشد "التنجي" سيرة حياته: وبعد عودتي من أداء خدمة العلم وبعمر ٢٣ عاماً تزوجت وأصبحت أقطن في منزل مستقل، وخفت قيود والدي عني لشعوره أنني أصحبت مسؤولاً عن نفسي وعائلتي، أضافة لاستقلاليتي بالعمل ضمن سوق المدينة، وعدت لممارسة وإحياء حفلات الإنشاد في "حلب" مثل (يا غصين البان- حرت في أمري- سبحان من صور) وأقمت خلال تلك المرحلة أكثر من ٢٠ حفلة ولم أكن أتقاضى أكثر من ١٠٠٠ ليرة كأجر عن كل حفلة، وسافرت من جديد في عام ١٩٩٩ مع المنشد "محمود فارس" وزميلي "أحمد المهندس" إلى "ألمانيا" لإحياء ثلاث حفلات هناك، والفرصة الكبرى لي كانت بمرافقة منشد حلب الكبير "صبري مدلل" في عدة حفلات وكانت استفادتنا الفنية كبيرة جداً، وفي عام ٢٠٠٠ تلقيت دعوة لإحياء حفلة على الهواء مباشرة ولمدة ثلاث ساعات من قناة الصوفية الأردنية.

الغِنَاءُ في دَارِ الأُوبِرَا المِصرِيَّةِ

وأهم الفرص التي أتيحت لي -كما يقول المنشد "التنجي"- كانت دعوتي لإحياء حفلة دينية على مسرح "دار الأوبرا" في "القاهرة" في عام ٢٠١٣ بدعوة من مديرتها "رتيبة الحفناوي" ولاقت تلك الحفلة صيتاً وشهرة واسعة لي في أوساط الإنشاد.

3- حمدي قواف مهتم بالتراث الحلبي والموسيقا

الإِقَامَةُ بِـ "مِصرَ" وَزِيَارَةُ "حَلَب"

ويتابع المنشد "التنجي" سيرة حياته مع الفن والإنشاد فيقول: (في عام ٢٠١٥ ولظروف خاصة نقلت مقر عملي بتجارة الأقمشة إلى "القاهرة" ومع عملي الخاص عدت لمزاولة إقامة حفلات الإنشاد مع تقديم أغانٍ من التراث الحلبي الخالص وبالتعاون مع فرقة مصرية- سورية مشتركة وأدخلنا ولأول مرة آلات جديدة لم تكن في السابق مثل العود والكمان والقانون، وقدمنا مقطوعات من التراثين المصري والسوري القديم مثل "عيون القلب" "لنجاة" و"أنساك" "لأم كلثوم" و"أفكرك" "لهدى سلطان" و"أوعدك" "لسعاد محمد" و"يا مال الشام" و"أول عشرة محبوبي" و"ابعتلي جواب" وموشح "أيها الساقي إليك المشتكى" من التراث السوري ولاقت حفلاتنا الإعجاب والحضور الكثيف من الجالية السورية والعربية في "القاهرة" وبقيت كلما سنحت لي المناسبة والفرصة أتردد لزيارة بلدي ومسقط رأسي مدينة "حلب" لتقديم حفلات ولقاء الأهل والأحبة).

الإِنشَادُ وَالغِنَاءُ مِن دُونِ مُوسِيقَا

وعن الفيديوهات التي نشرت له على مواقع التواصل الاجتماعي ولاقت التفاعل والإعجاب وهو يؤدي عدة مقاطع من دون موسيقا قال: "هذه ميزة من الله أحبها كثيراً لإظهار مقدرتي وجمال صوتي"، وتابع: "لدي نفس إمكانية الغناء والعطاء سواء مع الموسيقا أو من دونها وأستطيع المحافظة على الوزن والمقام والموشح والدور وتقديمه بقالبه الأصلي".

شهادات

المطرب "عمار قلعة جي" وصف زميله المنشد "عبد القادر التنحي" بالقول" نعم هو مثل الذهب العتيق كلما غنى ازداد تألقاً وتوهجاً يملك حنجرة وخامة صوتية قوية وعذبة تمكنه من أداء أصعب القصائد الأدوار والموشحات والأغاني التراثية ويمكن التعويل عليه وتقديمه كمشروع مستقبلي للتراث الفني.

"حمدي قواف" مهتم بالتراث الحلبي قال لـ"مدونة الموسيقا": استغرب لماذا هذا التجاهل والإهمال الإعلامي لفنان ومنشد صاحب صوت شجي وجميل بقيمة "عبد القادر التنجي"، ولماذا هو بعيد عن الأضواء والشهرة وهو يملك هذا الصوت الجميل في غناء التراث والقصائد والموالد، ومما يلفت النظر تلك المقدرة التي يتمتع بها الغناء من دون موسيقا، المنشد "التنجي" يأتي في طليعة المنشدين المحليين والعرب بصوته وأدائه وكل ما يحتاجه رعاية إعلامية حقيقية لتسجيل وبث ما يؤديه لإضافته لمكتبة الغناء والإنشاد المحلي والعربي.