بامتلاكه خامة صوتية جميلة وقدرته على أداء اللون الطربي والقدود وإحياء الأغاني التراثية، استطاع الفنان الشاب "محمود الحداد" أن يطرب مستمعيه في حفلاته ومشاركاته المتنوعة.

تَعزِيزُ المَوهِبَةِ

"مدونة الموسيقا" تواصلت معه فحدثنا عن موهبته بقوله: «سرت خطوات صحيحة على درب تطوير الموهبة من دون أن أشعر بذلك، منذ الصغر بدأت الاستماع إلى أغاني الفن الطربي الأصيل كالموشحات وأغاني الطرب الأصيل، ما أسس موهبتي على قاعدة صلبة، كنت في الصف السابع عندما استمعت لشرائط الكاسيت للسيدة أم كلثوم وعندها اكتشف والدي صوتي، وفي عام 2008 أخذت الموضوع على محمل الجد وبدأت أغني لنفسي وأمام أصدقائي وفي عام 2013 درست الغناء على يد الأستاذ "باسم صالح" وكان آنذاك مدرب الصوت في المعهد العالي للموسيقا، وساعدني جداً على تطوير أدائي الغنائي وتعلمت مخارج الصوت المناسبة حسب الكلمة والحالة الطربية».

الطَّرَبُ أَوَّلَاً

حول ميله للون الطربي يقول: «لم اختر اللون الطربي بل هو الذي اختار صوتي، وشجعني الآخرون من حولي على أدائه، كنت أحفظ اللحن على الفور وأميل دوماً للطرب العربي والجمل العربية التي أحفظها وأوديها على أتم وجه، ويختلف الطرب الشرقي العربي بدوره عن الغناء الغربي والأوبرالي من حيث احتوائه على ربع ونص تون، وتعداد المقامات الموسيقية وهو أوسع بكثير».

1- الفنان محمود الحداد

رُؤيَتُهُ لِلمَعَاهِدِ المُوسِيقِيَّةِ وَبَرَامِجِ المَوَاهِبِ

2- الفنان الشاب محمود الحداد في إحدى إطلالاته

حول دور معاهد التعليم الموسيقي الموجودة في "سورية" يقول "الحداد" لمدونة الموسيقا: «تلعب المعاهد الموسيقية دوراً مهماً في إعداد الكوادر، إذ يتخرج الطالب منها وهو موسيقي يستطيع كتابة أغنيته بيده، قادر على قراءة النوتة الموسيقية وعزف آلة موسيقية، رغم أن أفضل معلم في العالم يقدم للطالب 25% من التعليم و75 % تكون عبر التعلم الذاتي والاجتهاد الشخصي، منوهاً إلى عدم وجود معاهد متخصصة بتعليم الغناء بمفرده».

وحول برامج المسابقات يكمل بقوله: «هناك جانب جيد في برامج المسابقات ولا مانع عندي في المشاركة بأحدها، فهي تساعد على تحقيق الشهرة وإظهار المواهب بسرعة خيالية للجمهور ويقطع فيها المشترك مرحلة البناء وهي مرحلة طويلة ومتعبة ولها احتياجات مادية وعبء معنوي واجتماعي، كل ذلك يختصره البرنامج».

دَورُ المُحِيطِ

يعود الفضل بتكوين شخصية "الحداد" الموسيقية إلى والده رحمه الله، وحول ذلك يقول: «كنت استمتع معه بسماع الأغنيات الطربية، وكان يلفت انتباهي لأداء المطرب عند نقاط معينة، أصابه المرض عند أول ظهور لي على مسرح الأوبرا، وكنت أستعين برأيه في اختيار الأغاني، وكانت نصائحه دوماً واضحة، وأضاء على بعض التفاصيل التي لا تزال عالقة في ذهني، وكذلك أستعين برأي أخي الكبير الذي علمني المقامات وبعض الأصدقاء الذين لهم باع طويل بالمجال الموسيقي وأولهم صديقي "بسام"».

نَشَاطٌ مُتَنَوِّعٌ

"الحداد" الذي يعمل مقدماً لبرنامج "أوتار" على تلفزيون "لنا" قدم حفلاً بعنوان "من كل قطر أغنية" عام 2021 ولاقى نجاحاً كبيراً، وكانت له مشاركات واسعة منها كمغني كورال مع فرقة أساتذة معهد "صلحي الوادي" بقيادة المايسترو "عدنان فتح الله"، ومع أوركسترا "أورفيوس" كمغني كورال بقيادة المايسترو "أندريه معلولي"، أقام حفل دعم الأطفال المصابين بالسرطان جمعية "بسمة" على مسرح الأوبرا، كما شارك بمهرجان "بوابة الشمس" وبحفل تسمية القدود ضمن منظمة اليونسكو العالمية على قائمة التراث اللامادي العالمي إلى جانب الفنانين "صفوان العابد" و"ليندا بيطار" و"خالد أبو سمرة"، وهو من اكتشف "محمد نويران" و"يامن خريساني" الطفلين اللذين غنّيا خلف الجامع الأموي، وأشرف على تصويرهما، وكذلك قام بلفتة منه لإظهار المواهب بتصوير بائع الخضار الذي غنى في شارع "خالد بن الوليد" وحقق شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

صُعُوبَاتٌ بِالجُملَةِ

تواجه "الحداد" صعوبات اقتصادية، اجتماعية وإنتاجية وحول تفاصيلها يقول: «هذا العام هو أسوأ الأعوام التي مرت على بلدنا "سورية" رغم أنني اضطررت للسفر لمدة أربعة أعوام منذ عام 2017 حتى 2020 لدفع بدل الخدمة العسكرية، لكنني عدت واخترت البقاء في بلدي، لكن الصعوبات الاقتصادية لا تساعد المغنين الشباب على تحقيق أحلامهم، ونحن كمطربين شباب نعمل بأبسط الإمكانات المادية».

ويضيف: «لم أتعرض لقلة الاحترام، ولكن تعرضت لقلة التقدير لعملي كمطرب، رغم أنني لا أفرق بين الطرب والإنشاد وأعتبر أنهما بنفس القيمة، وأحبهما بقدر متساوٍ لكن هناك صعوبات اجتماعية تتمثل بأنني من مواليد "الشام" وجزء من أهل الشام إلى اليوم لا يقدر عمل المطرب، وكثيراً ما قيل لي (لم لا تختار طريق الإنشاد وتترك الطرب) رغم أنني تعلمت الإنشاد وأؤديه مثلما أؤدي الغناء الطربي وأشارك في الجلسات الصوفية التي تشبع أذني الموسيقية لغناها بالعمل الشرقي السليم والمواهب المميزة».

ويبين "الحداد" أن هناك صعوبات إنتاجية تتعلق بعدم وجود إنتاج غنائي وسوق إنتاجية وأن غناء شارات المسلسلات يعتمد على المحسوبيات، والبعض يؤمن بفكرة عدم الاستعانة بمغنٍ ذي صوت قوي كي لا يغطي على اسمه.

ويختم حديثه لـ"مدونة الموسيقا" بأنه يفضل إنتاج أغانٍ خاصة، لكنه إلى حد اليوم لم يغنِ سوى أغاني التراث والأغنية الطربية والقدود ويخشى ألا يتقبله الجمهور مع الأغاني الخاصة كما حدث مع البعض، مؤكداً أنه يحاول التنويع بحفلاته بين الغناء التراثي، القدود والطرب، إذ بحسب رأيه لابد ولا غنى عن إحياء أغاني التراث التي يحبها ويبدع في غنائها.

نشير إلى أن الفنان الشاب "محمود الحداد" من مواليد "دمشق" عام 1989 حاصل على إجازة في التجارة والاقتصاد من جامعة "دمشق"، درس الموشحات في المعهد العالي للموسيقا السوداني لطلاب السنة الخامسة، وكانت أول مشاركة درامية له مع المايسترو "سمير كويفاتي" موسيقا تصويرية لمسلسل "أيام لا تنسى" وهو عضو كورال أوبريت "حبر الحق" مع الموسيقي "طاهر مامللي".