بدأ العازف طارق صالحية مسيرته الفنية بالعزف السماعي بعيداً عن الأساتذة، وذلك بعد تجربة غير ناجحة في المعاهد الموسيقية بسبب أسلوب الأساتذة اللئيم -كما يقول- ما دفعه لتركها وشق طريقه الموسيقي بشكل شخصي والاستفادة من خبرات الآخرين ممن لديهم معلومات.

ثم في عمر السادسة عشرة بدأ مرحلة مهمة بحياته وهي الدراسة مع الأستاذ (ماهر رحال) من حلب والذي يعدّه السبب الرئيس بتطويره لعزف الموسيقا الشرقية التي أصبحت مهنته الدائمة في سبيل العيش حيث أقدم على رعايته ودعمه من دون مقابل.

يقول صالحية لـ "مدونة الموسيقا": "منذ الصغر كنت دائم الاجتهاد وأبحث عن المعلومات في كل مكان، وكان هذا الأمر شديد الصعوبة فلم نكن نملك كهذه الأيام الإنترنيت واليوتيوب كي نتلقى المعلومات بالمشاهدة والتعليم بالتقليد".

1- عازف الغيتار طارق صالحية

توقف عن الدراسة في الصف التاسع وقدم البكالوريا بالدراسة الحرة وبالأصرار والتصميم بعد رسوب سنتين تمكن في السنة الثالثة من الحصول على الشهادة الثانوية وتقدم للمعهد العالي للموسيقا ولاقى القبول سنة 1994:

"سنة الـ1994 هي سنة مميزة لي. قُبلت بنقابة الفنانين بعد تقديمي الفحص وأصبحت عضواً متمرناً وحصلت على الهوية إضافة إلى قبولي بالمعهد العالي للموسيقا وقبلها حصولي على الشهادة الثانوية".

2- عازف الغيتار طارق صالحية مع أطفال أحد مراكز الايواء أثناء الحرب على سوريا

درس الغناء بشكل خاص في المعهد العالي إلى جانب دراسته لعزف الغيتار، حيث درس الإيقاع بشكل احترافي؛ عثر على نفسه في المعهد العالي للموسيقا وثابر على العمل، فكان من المميزين والأوائل على دفعته، وكوفئ بدورات لغة على حساب المعهد، ونال أعلى العلامات في القسم العملي وتخرج بمعدل ممتاز.

وإضافة إلى ذلك قام بورشات عمل ودرس مع أساتذة داخل البلاد وأساتذة أجانب خارجها من أميركيين وأوربيين وروس وعرب على أعلى مستوى منهم (Carmelo Martinez, Marco Socias, أيمن جرجور، خلدون الخطيب).

3- عازف الساز آري جان سرحان

أَعمَالُهُ

ألف أغاني للأطفال تحمل أهداف مهمة وخاصة بفترة الحرب على سورية عام 2011 وحتى يومنا هذا، بدأ بتدريس الموسيقا والغيتار منذ سنة 1996 رسمياً في (معهد صلح الوادي) ودرس الغيتار لطلاب المعهد العالي منذ تخرجه عام2000 حتى السنة الماضية 2021.

كان ضمن فريق (أوتار) مع مجموعة من الشباب والفتيات الذين اتجهوا لتعليم الموسيقا للأطفال في مراكز الإيواء، وكانت الأغاني التي عمل على صناعتها تحمل طابع التربية وتدعو لتعزيز النفس والمحبة والأمل.

وعن مؤلفاته الخاصة أكمل صالحية حديثه لـ"مدونة الموسيقا": "لدي الكثير من الأغاني الخاصة التي أحتفظ بها لنفسي، فأنا لا أتعامل مع المطربين بسبب عدم التوافق، فإن التوجه العام السخيف الحالي برأيي دون المستوى فلا أنا أعجبهم لأني لا أشبههم، ولا هم يعجبونني"!

قدم الكثير من أعمال الصولو الخاصة وأغاني ومعزوفات للغيتار ويسعى في حفلاته القادمة لتقديم المقطوعات الخاصة به فقط، وهو الآن مدرس لدى معهد "أوتار" للموسيقا، ولدى مدرسة البشائر، إضافة إلى تدريسه الخاص للعديد من الطلاب.

مُشَارَكَات عَالَمِيَّةٌ

عزف بعدة مهرجانات داخل سورية وخارجها، حيث بدأ حفلاته في سورية وشارك في أغلب المهرجانات التي أقيمت، ثم اتجه إلى أمريكا وأوروبا، ونذكر من المهرجانات التي شارك بها:

-مهرجان تطوان للموسيقا العربية.

-مهرجان قرطبة في إسبانيا.

-مسرح كندي سينتر في واشنطن.

-أقام حفلة للجالية السورية في فنلندا وألقى محاضرة عن تجربته باستخدام الغيتار في الموسيقا الشرقية وحصل على شهادة.

-أعمال مع زياد الرحباني والسيدة فيروز.

لِمَاذَا اختَارَ آَلَةَ الغِيتَار؟

عن سبب اختياره لآلة الغيتار قال: "لم أختر الغيتار بل هو الذي اختارني، منذ الصغر أهداني والدي لعبة الغيتار وكأن الدنيا بأكملها تآمرت لأصبح عازف غيتار.. بعد سفر أختي لروسيا أحضرت لي غيتاراً، ابن جيراننا يعزف الغيتار، خطيب أختي عازف غيتار، فالغيتار كان حولي كل الوقت أينما ذهبت. لو كان لدي الوعي في الصغر وكنت أدرك الاختيار لاخترت التشيللو والبيانو، وهذا ليس بمعناه أني لا أحب الغيتار لكن الشخص عندما يدرس ويتعرف ويدخل في التفاصيل يختار بطريقة مختلفة".

أَنوَاعُ الغِيتَارَات

الأساسي منها الكلاسيك أوتاره نايلون يعزف عليه نمطان بالأصابع، ويتشابه مع غيتار الفلامينكو، وهناك غيتار الأكوستيك والإليكتريك أوتارهما معدن يُعزف عليهما بالريشة، والبيس غيتار.

صَقلُ المَوَاهِبِ

يرى طارق صالحية أن الطلاب متنوعون في المعاهد، منهم من يمتلك الموهبة بالفطرة ويتمرن، ومنهم من لا يمتلك الموهبة ويتمرن ليصل إلى مرحلة لا بأس بها، ومنهم من لا يمتلك الموهبة ولا يتمرن، ومن وجهة نظره يرى أن أفضل الطلاب هو الموهوب بالفطرة ويأتي للمعاهد للدراسة بشكل أكاديمي ويجتهد ويتمرن وتكون البيئة المحيطة به مشجعة لموهبته ويحظى بالدعم من الأهل.

عَن المُوسِيقَا

لا يعد صالحية أن الموسيقا هي مهنته فقط، بل هي هوايته لذلك لا يعمل مع أي كان ما لم يحب الشيء الذي يفعله، لذلك أغلب أوقاته كانت للتدريس لأنه يرى به شيئاً قيماً وفيه رسالة مهمة، فالموسيقا عندما لا تكون لخدمة الناس فهي ناقصة.

وفي حديثه لنا عن موهبته الموسيقية قال: "بعد الدراسات العديدة مع موسيقيين عرب وأجانب، ولأسلوب العزف الشرقي والكلاسيك أصبح لدي أسلوبي الخاص في العزف، فالإنسان يجب أن يكون له أسلوبه من دون تقليد أحد، حتى لو كان عظيماً وأنا بعد دراسة وتقليد أشخاص أجانب أصبحت لدي طريقتي بالعزف وبتأليف الموسيقا، وعندما أعزف أحب أن تظهر شخصيتي الموسيقية ويظهر التكنيك بما فيه الجمل والأفكار الموسيقية.. الآن وأنا في عمر الـ49 وصلت لمرحلة إدراك ما أريده من الموسيقا فأنا أحب تدريس الموسيقا وأحب العزف، ولكن عزف ما أحبه ولا أعزف شيئاً ليس لدي قناعة به، فالقصة ليست مهنة إنما قصة مزاج، ويبقى التدريس هو شيء أساسي"!

شَهَادَةٌ

الدكتور جوان قرجولي دكتور في الموسيقا ومدير دار الأوبرا سابقاً يقول: طارق صالحية بالنسبة لي هو عازف الغيتار الأول في البلد، عازف غيتار من الطراز الرفيع جداً، محترف بكل معنى الكلمة متميز بأدائه وحبه وشغه لهذه الآلة خصوصاً أنه يعزف الستايلين/النمطين الغربي والشرقي، ولديه صوت جميل جداً يستثمره في بعض المقطوعاته أو في تدريسه، وشارك معي أنا شخصياً في غناء أحد المقطوعات. هو موسيقي محترف متميز وجريء على المسرح وهذا مهم جداً، اما بالنسبة للتدريس فهو أستاذ بكل معنى الكلمة يعشق التدريس، وطلابه يحبونه جداً سواء الكبار أو الصغار وله تأثير كبير عليهم لذلك نرى أن كل طلابه ناجحون سواء الأطفال أو حتى المحترفين".

طارق صالحية من مواليد دمشق، فلسطيني الأصل والده الفنان محمد صالحية.