لم يتخل العازف "أسامة الإمام" عن تحقيق حلمه في التلحين والعزف، وبالرغم أن مدينته سابقاً (الزبداني) لم يجد فيها ما يشبع شغفه الموسيقي، إلا أنه رفض أن يظل في مكانه، وصمم على تنفيذ حلمه ومشروعه عبر انتسابه للمعهد العالي ما ساعده لاحقاً لتعزيز هذا الحلم اهتمامه بزرع محبة الموسيقا في نفوس طلابه وزملائه، والمواظبة على تحقيق كل مشاريعه المستقبلية في هذا المجال.
صُعُوبَاتٌ تَعلِيمِيَّةٌ
كان الاهتمام بالعزف منذ الصغر والعائلة كانت مهتمة بموضوع الموسيقا، يقول العازف "أسامة الإمام" لـ"مدونة الموسيقا" ويتابع: "أجواء عائلتي موسيقية بامتياز، وهي موجودة بالأساس ليس بشكل أكاديمي بل كهواية، على الصعيد الشخصي تأخرت قليلاً بموضوع العزف، وذلك يعود لعدم وجود أي معهد أو مدرسة لتعليم الموسيقا أو أساتذة في منطقتي الزبداني على ما أذكر، وكان النشاط الموسيقي لصقل الموهبة وتنمية إبداع أي شخص لديه اهتمامات موسيقية في تلك المرحلة شبه معدوم ويقتصر فقط على النشاطات والفعاليات التي تقام في المركز الثقافي، ومنذ المرحلة الابتدائية أحببت أن أبتكر ألحاناً للقصائد المكتوبة في الكتب المدرسية، وكنت أستمتع في تلحينها لوحدي أضع لها نغمات من عندي حتى أحفظها بسهولة، بالإضافة إلى سماعي للكثير من الموسيقا بشكل يومي كالطرب مثلاً والأغاني الشرقية الجميلة بكل تفاصيلها، وكانت تشدني تفاصيل أي أغنية وتتراكم في مخيلتي جمل لحنية هائلة لايمكن نسيانها، فصممت أن أتعلم الموسيقا والعزف أكاديمياً رغم تأجيل الموضوع بسبب تلك الظروف الصعبة، لكن الاهتمام كان موجود مسبقاً عندي ولدي محاولات كثيرة للغناء سماعياً بالبداية، حيث كان أخي المشجع الرئيسي لي ببداياتي عام 2016، وقتها سمحت لي الفرصة للتعرف على المدرس "محمد عثمان" في سن 17، عندما بدأت فعلياً أتعلم الموسيقا بشكل تنظيمي ونظري أكثر، ثم انتقلت لمرحلة التطبيق على آلة البزق وأصبحت أقرأ النوتات، وبالنسبة لهذه الآلة بالتحديد لها ما يميزها بكونها قريبة تعبر عن الموسيقا في سورية تحديداً، وأخذت طابعاً محلياً بالانتشار بشكل كبير، سمعت الكثير عن الآلات الموسيقية وصممت أن يكون البزق الذي أحب ورفيق دربي أكاديمياً وعملياً، تدريس آلة البزق هي حالة خصوصية عندي، وهذا الموضوع يسعدني لأقدم مساعدة لأي طالب يود كسر الحواجز بينه وبين الآلة من خلال إعطائه مفاتيح الاستمرارية والتطور، وتحفيزه يومياً على مواصلة العزف وسماع الموسيقا، كما ساعدت بعض الطلاب على نيلهم المركز الأول بمسابقة الرواد على مستوى القطر، وفخور بهم لأني دربتهم بشكل جيد، وما يسعدني أكثر أن المعاهد التي كنت أتدرب بها أصبحتُ مدرّساً فيها مثل معهدي "نينوى وهارموني" في منطقة جرمانا وهي بالفعل حالة جميلة أتمنى أن تستمر".
جَمَالِيَّةٌ خَاصَّةٌ لِلبُزُقِ
اكتشفت لاحقاً خصائص للبزق قلائل هم الذين يدركونها، لأنها بقيت محصورة بالنطاق الشعبي فقط، بينما لها بصمة موسيقية خاصة، يكمل العازف "أسامة": "إن أي عمل موسيقي تدخل فيه آلة البزق يكون للقطعة الموسيقية رونق خاص وجمالية بطعم آخر، وعندما قررت أن أتعلم عليها قررت أن أقدم ما لديّ من إمكانيات بغض النظر عن موضوع احتراف العمل الموسيقي، وساعدني تواجدي مع المدرس "محمد عثمان"، لفهم منحى مختلف تماماً عن المتعارف عليه وابتكار أسلوب خاص بالعزف من خلال الاستفادة من طريقته الموسيقية الرائعة، فهو كان ولازال من الأشخاص الذين كان لهم الفضل في تطوير أدائي منذ البدايات حتى انقبلت في المعهد العالي للموسيقا، وهو حالياً أصبح أستاذي في المعهد أيضاً، والموسيقا أصبحت كل وقتي وبعمل شبه متواصل فأصبحت الموسيقا شغلي الشاغل فكنت أعزف بشكل مكثف وبتمارين وصلت لـ8 ساعات في اليوم، ومن أبرز محطات حياتي هي انتسابي للمعهد العالي للموسيقا، وتفاصيل التحاقي بالمعهد بدءاً من المواد التي درستها والتي ساعدتني في صقل موهبتي أكاديمياً انتهاءً بتبادل الأفكار والمشاريع بالمعهد بين الطلاب والأساتذة من خلال البروفات والامتحان، وبالنسبة للنشاطات الموسيقية كان المعهد له فضل علينا في عامي 2019 و2020 شاركت بحفلتين في دار الأوبرا "بدمشق" كانتا من أهم الحفلات من حيث التفاعل مع الجمهور، أما باقي الحفلات الخارجية عبارة عن امتداد لمحبتي وإصراري لتقديم مجموعة أعمال موسيقية حتى يعرفني الناس أكثر ويستمتعون بآلة البزق بشكل أكبر".
أُلبُومٌ قَيد التَّحضِيرِ
بالإضافة لعزفه على البزق بقي يهتم بالغناء من خلال تطوير أسلوبه الغنائي، فالغناء برأيه رديف لا ينفصل عن الموسيقا، يتابع مضيفاً: "الموسيقا الغنائية التي أكتبها بالوقت الحالي أحاول أن تكون بعيدة عن النمط المطروح حالياً "الشعبويّة" مثلاً، عبر توزيعها بطريقة صحيحة وتقديم محتوى موسيقي ليس بجديد عموماً لكنه محلياً ليس متداولاً كثيراً كوني شخصاً يعزف ويألف ويلحن.. سأكرس كل ما لدي عبر طرح ألبوم أغاني أعمل عليه منذ مدة بمساعدة زملائي الموسيقيين، وعندما أتمكن مع الأيام من تحقيق حلمي سأحاول مستقبلاً أن أعود لمنطقتي لأشارك بإعادة نشر وتأهيل الموسيقا فيها من خلال مساعدة الطلاب الشغوفين بالعزف وتحقيق حلمهم للوصول إلى هدفهم المنشود سواء بالغناء أو بالعزف على الآلات التي يحبونها".
وَقتٌ قِيَاسِيٌّ
يقول الطالب في كلية الاقتصاد وبالمعهد العالي للموسيقا العازف على آلة العود "بدر الريشاني" إن زميله "أسامة" صديقه منذ السنة الأولى في المعهد ويضيف: "بالرغم من الصعوبات التي واجهها في البداية إلا أنه تمكن من أن يكون بين المقبولين في المعهد، وتمكن من أن يثبت نفسه كعازف موهوب، وهو من الأشخاص المجتهدين، تمكن بوقت قياسي أن يقدم منظوراً خاصاً، وتطوراً كبيراً في العزف على آلة البزق، إذ ليس أي عازف قادر على تقديم هذا الجهد، بالإضافة إلى أنه شخص محبوب، لا يبخل في أي مساعدة لأي شخص، وفي عام 2021 شاركنا أنا وأسامة سوية في حفل بدار الأوبرا لطلاب الآلات التقليدية بقيادة المايسترو "عدنان فتح الله".