أحب الموسيقي بسمان حرب آلة الكمان، واتخذ من خلالها طريقاً ليركب مركب التأليف لمقطوعات موسيقية ضمن قوالب الموسيقا الشرقية، بألحان اختارها لنفسه بنفسه وقدم أغاني شعبية إضافة إلى اللونغا والسماعيات وغيرهما.

حول تميّزه بالقانون والموسيقا، يشير الموسيقي "بسمان حرب" في حديثه مع "مدونة الموسيقا": لقد كان تطويراً ذاتياً قائماً فنياً على الوعي الثقافي التي تمتعت به البيئة الاجتماعية التي ولدت بها مع بداية السبعينيات، حيث جسدت في عمقي الانتماء للقيم المجتمعية والعشق للتراث الشعبي، والموسيقا والفن والجمال، إذ بعد أن أنهيت المرحلة الابتدائية دفعتني طفولتي نحو التجربة، بعد أن رأيت والدي يبني جداراً استنادياً مستخدماً الخيوط الوترية في خلق التوازن والاستقامة في البناء والتعمير، فأقدمت بشيطنة الطفل المتمرد على قطع بعض الخيوط الوترية ووضعتها على خشبة كانت مرمية على الأرض وصنعت منها آلة وترية، وبدأت مشواري مع الأنغام والموسيقا والعزف بعفوية طفولية من دون معرفة قواعد الموسيقا وأصولها، وزاد تعلقي أكثر بعد أن قمت بتجربة ذاتية ربما كانت من عوامل الانتقال إلى مرحلة جديدة في أنغام كؤوس الماء، لكن نصيبي كان وافراً من العقاب أكثر من فرحي بالعزف لكسري عدداً كبيراً من الكؤوس الزجاجية.

ويذكر الموسيقي بسمان حرب: كنت أملأ سبعة كؤوس بالماء، وبالملعقة أقوم بتجربة الأنغام، وبالفعل كانت مرحلة تكسير للكؤوس الزجاجية لمعرفة العلامات الموسيقية، إضافة إلى وجود آلة تراثية في المنزل وهي "شبّابة" إذ لم أكن أخفي محاولة العزف عليها كونها آلة نفخية، لكنها لم تأخذ مني جل الاهتمام لأنني أتقنت حينها إلى حدّ كبير العزف على آلة الكمان، ولعل الدافع الأهم لي للاستمرار والتعلّم على آلة الكمان حينما قدمتها لي هدية شقيقتي الكبرى "غروب حرب" بعد نجاحي بالإعدادية، فهي معلمة رسم وتعي معنى الفن، ولمست الإتقان في عزفي.

1- بسمان حرب وآلته المفضلة

وفي المرحلة الثانوية عزفت مع الفرق الموسيقية كأصغر عازف كمان ضمن الشبيبة، وخلالها حصلت على الشهادة الثانوية عام 1990، لأدخل مرحلة مختلفة في حياتي، وأخوض التجربة الجامعية في كلية الحقوق.

التَّحصِيلُ العِلمِيُّ

أوضح الموسيقي "بسمان حرب" قائلاً: "لم تبعدني الموسيقا عن التحصيل العلمي؛ إذ كان هدفي نيل الشهادة الجامعية، وبالفعل وبعد معرفتي بقواعد الموسيقا وقوانينها، كانت رغبتي أكثر بمتابعة دراسة الحقوق، وكان ذلك الحافز المهم لأنال بالفعل إجازة جامعية من جامعة "دمشق" وأعمل بشهادتي إضافة للموسيقا واليوم أجمع بينهما بقانون لكل منهما، لأن الموسيقا هي قوانين كما الإدارة قوانين، علماً حينما كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية تقدمت إلى المعهد العالي للموسيقا، وأثناء دراستي في المعهد الذي لم أستطع إتمام سنواته، تمّ اختياري لإعداد دورات للتدريب على الآلات النحاسية في دار المعلمين الثاني.

2- المخرج المسرحي رفعت الهادي

ولكن بعد أن تعرّفت على الموسيقي "سامر السمان" درست النوتة بصحبة الموسيقي "رعد خلف" عامين في المعهد العالي للموسيقا، وأيضاً "رياض سكر"، وقبلت كعضو في نقابة الفنانين بعد اختبار صعب جداً، وعملت مع فرق كبيرة، مثل الأوركسترا الوطنية للموسيقا الشرقية، وفرقة الموسيقا العربية، وقمت بتقديم مجموعة من الألحان الموسيقية التي تنتمي إلى قوالب التأليف الموسيقي، مثل: "لونغا، والسماعيات"، وإضافة إلى الموسيقا التصويرية قدمت مجموعة من المسرحيات زادت عن خمس مسرحيات نالت جوائز، وكذلك موسيقا تصويرية للفيلم السينمائي "أبو صابر" للمخرج "وليد العاقل"، واليوم أعمل بشغف في الألحان التراثية الفلكلورية عبر توزيعها، ومن خلال تشكيلي فرقة موسيقية تتبع إلى مديرية الثقافة بالسويداء بدأت أقدم العديد من الألحان والأغاني عبر الكورال المميز فنياً والمحب للتعلم والابداع، ومن تجاربي أنني قمت بتوزيع عدداً من أغاني الراحل الكبير فهد بلان وفريد الأطرش وفيروز ووديع الصافي وغيرهم.

عَلَاقَتُهُ بِالتُّرَاثِ

يذكر المخرج المسرحي "رفعت الهادي" رئيس دائرة المسرح القومي في مديرية الثقافة بالسويداء أن الفنان "بسمان حرب" يعد واحداً من الموسيقيين الذين عملوا على توزيع التراث والفلكلور بطريقة جميلة، وهو اليوم يعدّ عاملاً مهماً في نشر ثقافة الموسيقا الثقافية من خلال معهده الذي يخرّج فيه طلاباً يجيدون العزف على آلات موسيقية متعددة، وهو واحد من عازفي آلة الكمان المميزين، واستطاع أن يجمع بين الموسيقا ودراسة القانون، ويعمل بهما معاً.. وهو اليوم يقدم على المسارح الثقافية والفنية عبر الكورال الذي شكله أغاني وألحاناً من تأليفه إضافة إلى مقطوعات موسيقية لكبار الفنانين بأحياء تراثهم الفني مثل الراحل مطرب الرجولة فهد بلان والموسيقار الخالد فريد الأطرش وكوكب الشرق أم كلثوم، وفيروز وغيرهم الكثير.. كما يعمل على الأخذ بأيدي الشباب المبدعين، وشارك في يوم الموسيقا العالمي الذي أقامته ثقافة السويداء بفرقته التي أسسها لدار الثقافة وقدم خلالها أعمالاً فنية تستحق الوقوف عندها.