حرصاً منا على مصداقية العمل وقياس ما تم إنجازه خلال سنة من العمل، استطلعت "مدونة الموسيقا" في عيدها الأول عدة آراء تنوعت بين موسيقيين وفنانين وباحثين وجاءت على النحو التالي.
آَرَاءُ المُوسِيقِيِين
المايسترو "عدنان فتح الله" عميد المعهد العالي للموسيقا في "سورية" يقول: "أتابع عمل مدونة الموسيقا باستمرار فهي تسلط الضوء على المشاريع الموسيقية ونحن بحاجة لذلك، لكن هناك جانبان أريد الإشارة لهما، الأول هو الجانب الفني من ناحية الخيارات أقترح أن تتم استشارة موسيقيين مخضرمين عند انتقاء الضيوف للقاءات التي من المهم أن تكون مع موسيقيين لديهم تجربة أطول وأكبر في مجال الموسيقا ليستفيد جميع القراء من تجاربهم والاستماع لمشاريعهم وأعمالهم، فهناك عازفون مهمون جداً يمكن الإضاءة على تجاربهم، كما أتمنى دراسة موضوع طرح بعض الخريجين الجدد بشكل أكبر، الجانب الثاني لوجستي متعلق بالافتقار لموضوع التجهيزات مثل الكاميرات، مكبرات الصوت، المونتاج هذه أمور لم يعد بالإمكان تجاهلها لاسيما مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، يجب أن تقدم "مدونة الموسيقا" فيديوهات ذات جودة عالية من ناحية الصوت، الصورة والإخراج لشد المتابعين والتنافس مع المنصات الأخرى التي تستخدم تقنيات متطورة".
من جهته الموسيقي "بريام سويد" مدير مديرية المعاهد الموسيقية والباليه المكلف بإدارة معهد "صلحي الوادي" يقول: "مدونة الموسيقا هي شكل متطور من الصحافة يمتاز كوادرها بالمتابعة والرصد والديناميكية في العمل، وهي متنفس مقابل اللغة الخشبية والتقليدية في كثير من وسائل الإعلام الأخرى، وتشكل فرصة للانتشار على وسائل التواصل الاجتماعين ولكن لاحظت أن بعض المقابلات قد تحتوي معلومات غير صحيحة في بعض الأحيان، وباعتقادي يجب التنويه في نهاية كل مقال أو لقاء بأن المعلومات الواردة على مسؤولية أصحابها، وأن المدونة لا تتبنى آراء ضيوفها لأنه في كثير من الأحيان يصعب التأكد من المعلومات بسبب قلة أو عدم وجود مراجع موسيقية".
رَأيٌ فَنِّيٌّ
أما الفنان "سومر نجار" مطرب وأستاذ الغناء الشرقي في معهد "صلحي الوادي" للموسيقا يقول: "يلفتني في مدونة الموسيقا موضوع التقسيمات أو الأبواب وتنوعها بين الحوارات، الأبحاث والدراسات، الموسيقيين، وزاوية التراث التي تسلط الضوء على مدارس فنية مهمة وأعلام في الموسيقا والتعريف بهم وبتجاربهم ومؤلفاتهم، وأتمنى سرد مؤلفات كل عَلَم من هذه الأعلام والتبحر أكثر في التراث الذي تركوه من القدود، الموشحات والقصائد، وأتمنى كمطرب وموسيقي أن يتم تناول موضوعات مقترحة منها: صناعة الأغنية من حيث الكلمة، اللحن، التوزيع والتنفيذ الموسيقي ضمن الاستديو، وتسليط الضوء على الاستوديوهات الموجودة في "سورية" وتحديداً في "دمشق" من حيث العدد، التجهيزات الموجودة فيها، أرشيفها وأعمالها والألبومات التي أنتجها للتعريف عن مكون أساسي من مكونات صناعة الأغنية".
مُقتَرَحَاتٌ
ومن المقترحات الأخرى للمطرب "نجار" وجوب الإضاءة على شركات الإنتاج بمعنى: هل توجد شركات إنتاج في "سورية" تصنع محتوى غنائياً وموسيقياً؟ وما المعوقات التي تعوق عملها أو وجودها؟ بحيث يصبح منبر مدونة الموسيقا بعد فترة من الحوارات والمواد الإعلامية وسيلة تواصل وربط بين الشاعر والموسيقي والملحن والاستوديو والمطرب لتحقيق فرصة لإيجاد مشاريع حقيقة على أرض الواقع، ويتساءل "نجار" قائلاً: «ما الذي يمنع أن تكون هناك مدونة موسيقية سورية تحقق علاقات ربط بين صناع المحتوى الموسيقي والثقافي والغنائي تحت عنوان الحفاظ على التراث وإحيائه وربطه بالحداثة، بهدف تفعيل دور الإنتاج لإيجاد نتاجات فنية غنائية موسيقية بالفترة القريبة".
رَأيٌ بَحثِيٌّ
بدوره "محمد فياض الفياض" باحث في التراث الشعبي يتحدث عن باب تراث فيقول: "أتوجهُ بالشكرِ الجزيل لكم على ما بذلتموه وتبذلونهُ من جهدٍ في التركيزِ على موضوعاتٍ مهمةٍ تمَّ بحثها وتسليط الضوء عليها من خلال مدونتكم الرائدة، والحقيقة الموضوعات المطروقة غاية في البراعةِ وحسن الاختيار، لا سيما تلك المواد البحثية التي تحدثت عن أعلام ومشاهير الموسيقا في سائرِ البيئات السورية، ولعلَّ أبرز الموضوعات تلكَ التي تفردت بالحديثِ عن مدارس الإنشاد الأولى، وكذلك المعاهد الموسيقية الرائدة، بالإضافة إلى أنواعِ الغناء الموسيقي نحو القدود والموشحات والزجل وغير ذلك من معارف موسيقية، وكذلك الشخصيات التي أسست لولادة الموسيقا في الديار الشامية، كما تفردت المدونة في الحديثِ عن الفرقِ الموسيقية التي ولدت في ظلِ بيئات غنية بالرواسب الثقافية، والتي تنوعت وظيفتها من فرقٍ تؤدي غرضاً محدداً، إلى فرقٍ أصيلة أصبحت رائدة بفكرها وبنيتها، وبدأت تسعى هذه الفرق لصونِ التراث الثقافيِّ غير الماديِّ بغية تأصيله وحمايتهِ من الزوال والتلاشي، بالإضافة إلى تأهيليه ليكونَ قابلاً للصمودِ والاستدامة ورافداً قوياً لتراثنا الثقافي أيقونة التنوع".
ويكمل بقوله: "تابعت المدونة الغوص في حنايا التراث الموسيقي وكشفت عن خبايا كنوزه الدفينة، كما تحدثت عن قامات وخامات كان لها الدور الأبرز في وضع الحجر الأساس لأهم مدارس الموسيقا في العالم العربي، ومن هذه الشخصيات "عمر البطش" و"عبد القادر حجَّار"، وغيرهم من قامات وشخصيات تفردت على الساحة السورية في العلومِ الموسيقية
وهنا لابد من الحديثِ أيضاً عن أهمية هذه الموضوعات والأبحاث التي تمحورت حول الموسيقا وأعلامها، وكذلك الفرق الموسيقية المتعددة ومؤسسيها، وتفرد المدونة أيضاً في توثيق هذه القضايا بشيءٍ من الدقةِ والرصانة".
ويسرد "الفياض" بعض المقترحات قائلاً: "أودُّ أن أُقدم لكم بعض المقترحات ربما تكون من ضمن خططكم المستقبلية وهي ضرورة التركيز على توثيق الأدوات الموسيقية وأرباب الصنائع من الحرفيين الذين كان لهم قصب السبق في تصنيعِ أجمل الآلات الموسيقية الشرقية، وكذلك الأعلام والرواد الأوائل من الموسيقيين، والفرق الموسيقية المتميزة من خلال إصدارات الطوابع البريدية التوثيقية المستقبلية، إذْ تقوم المؤسسة العامة للبريد في الجمهورية العربية السورية ومنذ زمن بعيد إصدارِ بعض الطوابع التي تحملُ في مضامينها قضايا تراثية مهمة ومحددة، وتعد "سورية" من الدول السباقة في توثيق تراثها الثقافي من خلال هذه الطوابع، كما تفردت أيضاً في توثيق تراثها المادي وغير المادي من خلال إصدارات العملة الورقية وهي كثيرة ومهمة، وبناءً على هذا نأمل التركيز على هذا الغرض من خلال البحث، ثم أرى ضرورة تسليط الضوء على الأبحاث والدراسات الأكاديمية القديمة والحديثة والتي تخصصت في علوم الموسيقا، كما أصبح لدينا اليوم دراسات متخصص في هذا المجال، إذ تم إحداث "ماجستير التأهيل والتخصص في التراث الشعبي" في جامعة دمشق كلية الآداب يتبع لقسم علم الاجتماع، ولي الفخر بأنني أسهمت في تأسيسه، ويركز هذا الماجستير على الموسيقا كجزء مهم من التراث الشعبي، كذلك ضرورة التركيز على طبيعة المناهج التربوية وكيفية تعاملها مع العلوم الموسيقية، لأننا لو قارنا بين المناهج التربوية الموجودة حالياً بين أيدي طلابنا والمناهج التربوية التي تُدرسُ للطلاب في الدول المتقدمة ومنذ سنوات الدراسة الأولى، لوجدنا الفارق الكبير في طريقة التعليم والمادة العلمية الموجودة، وكذلك تأهيل الكوادر التي يقع على عاتقها وكاهلها سياسة التعليم، وأعتقد علينا سبر محتويات هذه المناهج وتطويرها من الإطار الهامشي إلى الإطار المعمق، والعمل على تطوير هذه العلوم من خلال إحداث كليات علمية متخصصة للموسيقا وعلومها على غرارِ كلية الفنون الجميلة، بحيث تكون كلية متخصصة تحت عنوان (كلية العلوم الموسيقية) وربما إحداث هكذا كلية قد يسهم في توثيق التراث الموسيقي السوري وبيئاته وكذلك مدارسه ورواده وأعلامه وأدواته والمعارف والتصورات والعادات والتقاليد المرتبطة بهذا العلم من خلال الأبحاث الأكاديمية المستقبلية".
ويختم "الفياض" حديثه بالشكر الجزيل لـ"مدونة الموسيقا" في عيدها، وعلى براعتها من خلال تفرد كوادرها باختيار موضوعات رائدة ومتميزة للغوص في غمارها، وعلى براعة المدونة في التوثيق المتوازن المدروس والممنهج.