اعتادت منذ طفولتها أن تمسك الكمان بيد وقلم الدراسة باليد الأخرى، ولم تفكر يوماً أن تتخلى عن أحدهما، وقد تساوى شغفُها الموسيقي مع شغفها العلمي، فجاهدت على تنظيم حياتها ووقتها لتتخرج من جامعة دمشق فرع الطب البشري ومن المعهد العالي للموسيقا.
البِدَايَةُ مَع المُوسِيقَا
بدأت "ديمة خير بيك" العزف على آلة الكمان منذ عمر خمس سنوات عندما سمعت صوت الآلة، وتقول عن بدايتها: «سمعت صوت آلة الكمان وأحببته كثيراً، وبعد أن تعرفت على شكل الآلة التي أحببت صوتها، بدأت بالتدريب على العزف عليها والتحقت في عمر الخمس سنوات بالمعهد العربي للموسيقا (صلحي الوادي حالياً) وواظبت على التدريب حتى حصلت على الشهادة الثانوية العامة، ولأن العزف كان مرافقاً للدراسة منذ الطفولة لم أفكر يوماً بأن أفضّل أحدهما على الآخر، وقررت دراسة الطب في جامعة دمشق إلى جانب الموسيقا في المعهد العالي للموسيقا، وتخرجت من الجامعة باختصاص أمراض جلدية وتجميل، ومن المعهد العالي باختصاص آلة كمان كآلة أساسية وبيانو كآلة ثانية».
الصُّعُوبَاتُ أَثنَاءَ الدِّرَاسَةِ
من المعروف أن دراسة الطب تحتاج إلى الكثير من الالتزام، وكذلك يتطلب النجاح بالمعهد العالي للموسيقا الالتزام بالدوام، وبالرغم من الضغوطات التي واجهت "ديمة" إلا أنها تمكنت من الحصول على الشهادتين، وتتحدث عن تلك المرحلة: «أحبّ الموسيقا منذ الطفولة ولم أفكر يوماً بالتخلي عنها لأجل الدراسة، أو دراستها على حساب حلمي في دراسة الطب، ودائماً كنت أنظر إلى أن الموسيقا والدراسة مترابطان مع بعضهما، ولكن لا يمكن إنكار أنني واجهت صعوبة في التوفيق بين دراسة الطب والموسيقا، ففي الكلية محاضرات ودروس عملية من الواجب الالتزام بها للنجاح، وفي المعهد كذلك الأمر بالنسبة للدروس، وكانت أصعب اللحظات عندما يكون الامتحان في التوقيت ذاته في الجامعة والمعهد معاً، وهنا اضطر إلى تفضيل أحدها على الآخر، ولكن تمكنت من ترتيب الأولويات والنجاح في الجامعة والمعهد».
أَهَمُّ المَحَطَّاتِ
يمرّ العازف بالعديد من المحطات التي تعتبر لحظات مميزة ترك أثره فيها، كما تعتبر تجارب أكتسب منها الخبرة والمهارة لتقديم الأفضل في المستقبل، وعن هذه المحطات تتحدث "ديمة": «أهم محطة في الطفولة كانت أول ظهور لي على مسرح مكتبة الأسد عام 1998 مع كورال الأستاذ حسام الدين بريمو، تلتها حفلات المعهد العربي للموسيقا والتي كانت تُقام بشكل دوري للطلاب، أما بعد التحاقي بالمعهد العالي للموسيقا كانت لدي الكثير من المشاركات والورشات التي أعطتني الكثير من الخبرة، فقد شاركت في العديد من الأمسيات الموسيقية في سورية ودول العالم كعازفة كمان في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، وكنت مع أوركسترا ماري السيمفونية النسائية السورية بقيادة المايسترو رعد خلف منذ تأسيسها عام 2006، ومع الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله، وأوركسترا أورفيوس بقيادة المايسترو أندريه المعلولي، وفرقة عازفو دمشق لموسيقا الباروك مع الدكتور نبيل الأسود وعازف الكلافيسان الايطالي ماركو فيتالي، عزفت مع فرقة Viola d'amour لموسيقا الباروك مع الأستاذ أغيد منصور وعازف الأورغن الإيطالي كوزيمو برونتيرا، والفرقة الموسيقية Rock band مع الفنان رواد عبد المسيح، Orchestra Giovanile Internazionale مع المايسترو ستيفانو كامبولوتشي في أوروبا، أوركسترا ندى مع الأستاذ حسام الدين بريمو في مشروع لونا للغناء الجماعي، وشاركت في ورشات عمل مع خبراء من (لبنان- مصر- فرنسا- ألمانيا- إيطاليا- روسيا- إسبانيا- الولايات المتحدة الأمريكية)، ومؤخراً شاركت في الرابسودي السوري الذي أقيم في الإمارات العربية المتحدة على مسرح اليوبيل مع الفنان إياد الريماوي ضمن فعاليات إكسبو دبي 2020، بالإضافة إلى مشاركتي في أمسيات موسيقية مع كبار الفنانين في الوطن العربي والعالم (مروان محفوظ- غسان صليبا- حسين نازك- سمير كويفاتي- ميادة بسيليس- طاهر ماملي- ميس حرب- صفوان بهلوان- هاني شاكر- Cosimo Prontera - walter Ríos - Mariel Dupetit - فرقة كادانس الأرمنية- غي مانوكيان - Rob diggins - gerardo estrada Martínez - silvio celeghin)، وعملت في تدريس مادة تدريب الأذن في المعهد العالي للموسيقا بين الأعوام 2016 – 2019، وتدريس مادة الموسيقا في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الرقص، كما أنني أستاذة صف الكمان في الملحقية الثقافية البلغارية بدمشق».
المَسَارِحُ المَحَلِّيَّةُ وَالعَرَبِيَّةُ وَالعَالَمِيَّةُ
تختلف المسارح المحلية عن غيرها من العربية والعالمية، وعن هذه المسارح ورهبة الوقوف على المسرح تقول "ديمة": «تختلف المسارح عن بعضها فقط من ناحية الجمهور المستمع، والفرق بينها هو طبيعة الناس وما تحب سماعه، فمثلاً في سورية الجمهور الذي يفضل سماع الفرقة السمفونية الوطنية ليس بالضرورة أن يكون نفسه الذي يسمع الفرقة العربية، وقد تجد جمهور يحب نمطاً موسيقياً محدداً، ولا يحب نمطاً آخر غيره، فالفكرة تكمن بالجمهور المستمع وليس بالمسرح في حدّ ذاته، أما بالنسبة إلى رهبة المسرح بالنسبة لي فكانت في البدايات عندما صعدت للمرة الأولى على المسرح عندما كنت صغيرة وشعرت بالخوف لدرجة أنني لم أنظر باتجاه الجمهور، ومع تكرار الحفلات تختفي هذه الرهبة ويصبح الإحساس فقط أنك صعدت على مسرح جديد لا أكثر، وقد تخلصت من هذا الخوف بفضل العديد من الحفلات التي تُقام أسبوعياً في بعض الأحيان في دار الأوبرا السورية».