بجهود ذاتية تحاول فرقة "نبض" السير بالاتجاه الصحيح للتراث من حيث توضيح الكلمة التراثية التي كُرّرت في الغالب من دون فهم للمعنى، وتشجيع الشباب على اقتفاء أثر الكلمة واللحن الجميل وتطوير مواهبهم الغنائية والموسيقية.
يتحدث "إيهاب المحيثاوي" المخرج المسرحي المهتم بالغناء التراثي مؤسس الفرقة لـ"مدونة الموسيقا: «إن الطريق للفن الأصيل غير معبد وليس من السهولة اختيار هذا الطريق، لكن لابد من المحاولة والعمل لإعادة توضيح الكلمة التراثية، وهنا لا يقصد إعادة الصياغة لجانب غني من تراث المنطقة بل التوضيح ودراسة الكلمة وما تناقل من أغان وقصائد فيها كثير من الأخطاء باللفظ وأيضاً المعنى. هذا المشروع هو ما اختارته فرقة "نبض" التي أسسها بالتعاون مع مهتمين بهذا المشروع الثقافي وغير الربحي».
ويضيف: «فرقة نبض لا تعمل على تجديد التراث لكنها تحاول تقديم التراث بطريقة أوضح والاهتمام بالكلمة التي نال منها التكرار وعتم على الكثير من المعاني وحرفت وأصبحت غير واضحة برسالتها، لذلك اتجهنا إلى الحالة القصصية والمشهدية التراثية بواسطة الأغنية التي نقلت حالة وطنية يجدر البناء عليها. نتعامل مع كل ما هو تراثي بطريقة جديدة ونحاول توضيح المفردة والالتزام بالمعنى الحقيقي وشرح الكلمة».
ووفق "المحيثاوي" التراث الذي نمتلكه مخزون كبير لكل أنواع المعرفة والحالات الاجتماعية والوطنية الاجتماعية وحالة الغزل والعشق التي تظهر في تراثنا، وكان لأهلنا نهجهم الخاص في كتابة الشعر بإيقاع وكلمة مغناة، وعندما تطرقوا للحصاد والمطر والحب وكل الحالات الإنسانية لذا يدرب الأطفال والشباب في فرقته على التفاعل مع الكلمة واللحن لتحمل للمستمع روح كاتبها وزمنها التراثي الجميل.
ويضيف: «إعادة الأغاني التراثية كتكرار واستنساخ اللحن من دون التماهي مع الكلمة وفهم معانيها تكرار عقيم، لكننا في "نبض" نحاول تعريف الشباب بما قصد كتاب الكلمات التراثية والتبحر بها وفهمها وتصحيح ما نالها من تشويه وهذا بحد ذاته قد يخلق علاقة قوية للشباب مع تراثهم كمخزون معرفي فني جميل نحرص على حمايته واعادة تقديمه بروحية الحصاد والمزارع الإنسان ابن البيئة الحدوتة والحكاية على سبيل المثال:
"وردت على اليبنبوع تروي الصاميلة" القصيدة التي تعاد بتشويه واضح لكلمة الصاميلة ومنهم من يقول الصاويل أي القمح عند غسله، في حين الكلمة الصحيحية هي"الصاميلة" أي جرة الماء.. والقائمة طويلة يطول شرحها».
أَعمَالُ الفِرقَةِ
قدمت الفرقة ثلاث أغان من تأليفها، واختارت خطاً ثقافياً فنياً لتمول نفسها بنفسها مع العلم أنها مشروع غير ربحي بهدف تقديم حالة فنية كل المشاركين فيها متطوعين للعمل الفني.
يكمل المحيثاوي: «تأسست "نبض" كفرقة تعتني بالمواهب من الأطفال والشباب منذ عامين بهدف استقطاب الأصوات الجميلة وتدريبها، لتكون مؤهلة للغناء وكانت البداية بالتدريب على الغناء الفردي وبالفعل استقبلنا مواهب جميلة، وقدمت من الريف أصوات نقية صافية تغني بالفطرة وعلينا تقع مسؤولية تدريبها وتقديمها على المسرح بشكل علمي وفني مدروس ليدرس المؤدي الصولفيج ونسير معه بمراحل تطوير الموهبة حتى الوصول لأداء يناسب خامة الصوت وما يختزن من جماليات، نقدمها من خلال فرقتي كورال للأطفال والشباب التي تحولنا إليها من الغناء الفردي في محاولة لتقديم عدد جيد من المواهب التي انتسبت للفرقة بشكل طوعي من طلاب جامعين أو أطفال».
"المحيثاوي" بيّن أن حفلات الفرقة ومشاركاتها تندرج تحت مسمى التجربة، وهم اليوم بطور الإعداد للتجربة السادسة بعد أن قدمت الفرقة عدة تجارب على مسرح مديرية الثقافة يشارك مع الفرقة من 12 إلى 16 من الموسيقيين، وتتألف فرقة الشباب من 18شاب وشابة وفرقة الأطفال 24 طفلاً وطفلة.
مُدَرِّبَةُ الكُورَالِ
فيما تقودُ الكورالَ المدرّسةُ "سناء الزيلع" (وهي خريجة المعهد الموسيقي ومدربة موسيقا ومن مؤسسي الفرقة فرقتي) حيث ساهمت بدعوة الطلاب للمشاركة بالفرقة بهدف رعاية مواهبهم المتميزة، وتجد أن للفرقة فائدة كبيرة في إيجاد فرصة مناسبة للشباب للتدريب، وتقديم مواهبهم على المسرح بعد تلقي التدريب المميز.
وتضيف: «تضم الفرقة مواهب متميزة حرصنا على تدريبها لتأخذ فرصتها خاصة في أعمار مبكرة وهذه المواهب تحتاج لجهود كبيرة لتكون مؤهلة للظهور على المسارح وقد تمكنا خلال عاميين من النجاح في إنجاز مراحل، وتشكيل فرقة حققت نجاح وتميز في الحفلات التي قدمت وهذه مرحلة أولى».
المدربة الزيلع تشعر بمتعة كبيرة في تدريب الشباب والأطفال وتجد ألا حدود لحلم نبض الفني رغم قلة الإمكانيات، لكن ما امتلكت الفرقة من مواهب وخامات تم تأهيلها تعتبر أحد أهم مقومات النجاح والاستمرار.
آَرَاءٌ
"نور عريج" طالبة صف سابع تدربت من خلال الفرقة التي حققت حلمها بالظهور على المسرح، تقول: «بدأت مع الفرقة منذ عامين، واهتمت بتدريبي المدربة "سناء" وشعرت بأهمية ما تعلمته وهذا ما يشجعني على الاستمرار».
كما يخبرنا "إياد الشوفي" (طالب في الحادي عشر علمي): أن البداية كانت بالغناء الإفرادي، ثم مع الكورال امتلك ثقة الغناء على المسرح خاصة ضمن مشروع نبض التراثي الذي وجده مختلفاً ومتميزاً من حيث طريقة التعامل مع التراث والمفردة التراثية وأهمية ذلك بالتعريف بتراث بلدنا».
أخيراً يتابع عازف الأورغ "بسيم الشحف" أعمال الفرقة التي استطاعت ترك بصمات مميزة من خلال عدة حفلات تحت مسمى تجارب تمت بتمويل ذاتي وبمجهود فكري وموسيقي كبير من أعضاء الفرقة وكوادرها الإدارية، ويقول: «الفرقة قدمت بجهد متميز حفلات ناجحة ولاقت استحسان الجمهور بمستوى جديد من التعامل المتوازن مع التراث، وإظهار ملامح التميز لكن هذا النمط من المشاريع الفنية غير الربحية يحتاج للدعم والرعاية خاصة في هذه الفترة لضمان الاستمرار لهذه المواهب من الشباب والأطفال التي دربت بشكل جيد جداً يؤهلها لمستقل جميل».