ظهرت موسيقا الجاز في سورية في عام 2005 واستمر الاحتفال بـ"يوم الجاز العالمي" الذي يصادف 30 نيسان حتى عام 2011 لكن النشاط الموسيقي تأثر بسبب الحرب كحال بقية الأنشطة، إلا أن الشغف بالموسيقا وحبّ الجاز لدى مجموعة من الشباب دفعهم إلى إعادة إحياء هذه الموسيقا في عام 2018 بتشكيل ما سموه: "فرقة دمشق لموسيقا الجاز"!
عَن مُوسِيقَا الجَازِ
نشأت موسيقا الجاز في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في المجتمعات الأمريكية من الأصول الإفريقية، تميزت بالتمايل في الإيقاع والأداء، وغناء النداء والاستجابة، وتعدد الإيقاع، والارتجال.
مع انتشار موسيقا الجاز في جميع أنحاء العالم ظهرت في سورية عام 2005 بعد إقامة ورشة عمل لمجموعة من الموسيقيين والموسيقيات، ليكون من نتائجه مهرجان الجاز الذي تضمن مشاركة العديد من الفرق العربية والأجنبية، وليصبح تقليداً سنوياً في "يوم الجاز العالمي"، ولكن في عام 2011 توقف هذا التقليد بسبب الحرب التي حدثت في البلاد، وفي 2018 ظهرت فرقة من الشباب تهتم بهذا النمط الموسيقي وأعادت لاحتفال اليوم العالمي بالجاز الحياة، لتعود موسيقا الجاز وتُعزف على المسارح.
"فِرقَةُ دِمَشقَ لِمُوسِيقَا الجَازِ"
تأسست "فرقة دمشق لموسيقا الجاز" عام 2018 واحتضنت العديد من المواهب الشابة إضافة للمواهب التي كانت ضمن "أوركسترا الجاز السوري" التي برزت بين عامي 2005– 2011، وعن نشأة الفرقة يتحدث "دلامة شهاب" قائد الفرقة لـ"مدونة الموسيقا": «تأسست فرقة دمشق للجاز عام 2018 وتضم خيرة عازفي الآلات النفخية وآلات الموسيقا الغربية في سورية، إضافة للعازفين الذين بقوا في البلاد من أوركسترا الجاز السورية، معهم مجموعة من طلابي الصغار الذين أدرسهم في معهد صلحي الوادي، إضافة إلى طلابي الذين التحقوا وتخرجوا من المعهد العالي للموسيقا، كان قوام الفرقة في البداية حوالي 15 عازفاً، ووصلنا اليوم إلى حوالي الـ 40 عازفاً على المسرح، والفكرة من زيادة عدد أعضاء الفرقة هو إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الشباب ليكونوا معنا ويتعرفوا عن كثب على موسيقا الجاز، خاصةً أن أغلب الفرق المتواجدة في البلاد تتجه نحو الموسيقا الكلاسيكية كونها الموسيقا التي تدّرس في المعهد العالي للموسيقا، أو الموسيقا العربية كوننا في بلد عربي، لذا أسعى لتنشئة جيل يعمل في المستقبل على إقامة مشاريعه وتجاربه الخاصة سواء بالموسيقا الحديثة أو موسيقا الجاز أو أي موسيقا لها علاقة بتشكيلات غربية أو شرقية أو غربية وشرقية معاً، وأستطيع القول إنني أسعى لتكون فرقة دمشق مؤسسة تضم الكبار والصغار من المحبين لموسيقا الجاز».
وتتميز موسيقا الجاز بإعطاء مساحة حرة للعازف يمكنه ارتجال الألحان، فيقول "دلامة": «تسمح موسيقا الجاز للعازف بالتعبير عن شخصيته أكثر على عكس الموسيقا الكلاسيكية التي عليك الالتزام حرفياً بالنوتة الموسيقية، حيث يمكن للعازف الارتجال لمدة 30 ثانية ضمن سياق معين عند أداء الأغنية، الأمر الذي يخلق شخصية جديدة عند الشباب لارتجال موسيقا جديدة قد تكون لحنيةً أكثر أو إيقاعيةً أكثر كلٌ حسب شخصيته».
أَعضَاءُ الفِرقَةِ
يتابع "دلامة" الحديث عن أعضاء الفرقة والآلات الموسيقية المتواجدة: «تعتبر موسيقا الجاز من الموسيقا التي تتجه نحو الصخب لذا نجد فيها الآلات النفخية والدرامز والغيتار والبيانو، وكونها لا تحتمل الهدوء لا نجد الآلات الشرقية فيها، أما بالنسبة لأعمار أعضاء الفرقة ففيها من عمر عشر سنوات حتى عمر الستين وهي عازفة البيانو، وبالرغم من تفاوت الأعمار إلا أن هناك تناغماً بالعمل بين العازفين لأن كل واحد يؤدي المقطع المطلوب منه، فكل شخص لديه أوراقه التي يجب التعامل معها وفق الاتفاق ووفق قدراته وإمكانياته الموسيقية، وبالنسبة إلى العازفين صغار السن حتى لو قام بأداء 50% من العمل إلا أنه شكل لديه شخصية لديها شغف تجاه الجاز ويمكن استثمارها في المستقبل».
عَلَى الَمسَارِحِ
تعزف موسيقا الجاز بشكل عام في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة كالمطاعم وحفلات الكوكتيل، ولكن للمسرح قواعد وقيود يجب الالتزام بها، وعن انتقاء الموسيقا المناسبة للمكان يقول "دلامة": «اختار البرنامج وفقاً للخيارات المتاحة لي وما الذي يفضله الناس ويناسب العزفين بالفرقة، بالإضافة إلى الأغاني التي تناسب المغنين أيضاً، ولا يمكنني أن أفرض نوعية أغاني محددة على المغنين فهم ضيوف الفرقة، لكن بشكل عام مغني الجاز أو المغني الغربي على المسرح يختلف كلياً عن المغني الموجود في البار أو المطعم، فالجو والناس تختلف من مكان لآخر، ففي المسرح المستمع قادم ليستمع إلى الموسيقا والغناء لذا يكون مهتماً بما يقدمه للناس ويقدم أفضل ما لديه، أما في مكان آخر قد لا يهتم لما يقدمه لأن الناس قد لا تستمع إلى ما يقدمه، وبالنهاية الناس قادمة إلى المسرح لتستمتع بموسيقا الجاز الجادة، وهذا الذي تعمل الفرقة على تقديمه بالرغم من أن الموسيقا ارتجالية وفيها مساحات للعازف إلا أنها وفق قواعد لها علاقة بالمسرح وبطريقة تأديتها».
عَن الفِرقَةِ
تتحدث "ميسون إسحاق" عازفة ترومبيت ضمن الفرقة عن موسيقا الجاز وعن فرقة دمشق للجاز: «تعرفت على موسيقا الجاز في عام 2005 بعد أن شاركت بورشة عمل مع مجموعة موسيقيين جاؤوا إلى سورية من سويسرا وهولندا وأمريكا، وكانت ختام الورشة حفلة لموسيقا الجاز أقمناها في قلعة دمشق، وأحببت هذه الموسيقا لأنها تعبر عن الذات وتعطيك الحرية في الإبداع بالعزف على عكس الموسيقا الكلاسيكية الواجب الالتزام بالنوتة الموجودة أمامك، وانضممت إلى فرقة دمشق للجاز بعد أن عرفت أن الأستاذ دلامة شهاب يعمل على إعادة الحياة إلى هذه الموسيقا، والذي شجعني أكثر أن الجاز فيه طاقة أكبر ولأن لآلتي "الترومبيت" دوراً كبيراً في العزف، خاصة وأن حيز الآلات النفخية في الجاز أكبر من الكلاسيك، وأغلب الآلات المتواجدة في الفرقة آلات نفخية».