لم تجد نفسها كمعلمة لغة عربية، فتركت الفنانة "وسام عبيد" دراستها في السنة الثالثة من الكلية، وبعد استشارة طبيبها نصحها بدراسة الموسيقا كمطلب روحي لها، وتعلمت الموسيقا عن طريق دورات أكاديمية في كنيسة قريبة من مصياف، وافتتحت معهد "البديل" لتعليم الهواة بفرعين في "مصياف" و"دمشق"، وشكلت عدة فرق موسيقية، وأوركسترا الكمان، وهي أول مدربة موسيقا على التواصل الاجتماعي، ذاع صيتها وبرع تلامذتها وحققوا تطوراً مبهراً خلال فترة تدريب قصيرة.
طُفُولَتُهَا وَدِرَاسَتُهَا
التقت "مدونة الموسيقا" الفنانة "وسام الشيخ عبيد" لتحدثنا عن طفولتها ودراستها قائلةً: «في طفولتي كانت والدتي تصحبني معها لمدينة "حمص" وكنا نمر دوماً من جانب الكنيسة، والتي كانت تشدني أصوات الآلات الموسيقية الجماعية المنبعثة من داخلها أثناء التراتيل، ومرت الأيام وبقيت روحي معلقة هناك عندما كانت أمي تسحبني بيدها لمتابعة الطريق، وعندما بلغت الحادية عشرة من عمري؛ فزت كرائدة طليعية بالغناء والفصاحة، ولكنني رفضت الغناء على المسرح رغم فوزي بالريادة؛ ولم أستطع تفسير السبب آنذاك، ولكني اكتشفته لاحقاً عندما تأخرت يوماً عن حصة الموسيقا في معهدي البديل في "مصياف"، وكنت أحضر لحفلة وأعمل بجهد كبير وقد جمعت الآلات الموسيقية لأقوم بتدريبات الحفلة، وعندما وصلت كان الطلاب قد سبقوني وبدؤوا دوزان آلاتهم، يومها وقفت أمام المعهد أسمع عزف آلاتهم المتنوعة، حملتني روحي لتلك اللحظة أمام الكنيسة وأنا أسمع موسيقا تراتيل الكنيسة بـ"حمص"؛ وأدركت سبب رفضي للغناء بعد فوزي بالريادة على مستوى القطر، إنها أمنية اللاوعي حققته الآن (أنا مايسترو يقود أوركسترا، ولست مغنية)».
تَحقِيقُ الذَّاتِ
«وإيماناً مني أن لكل إنسان رسالته في الحياة، وعندما بلغت 27 من عمري التحقت بدورات أكاديمية بكنيسة قريبة من "مصياف"؛ والبداية كانت على آلة الفلوت والصولفيج، وفي 2007 افتتحت المعهد وزودته بأساتذه اختصاص وبقيت مديرة للمعهد ومشرفة على جميع الآلات الموسيقية حتى 2017، ونتيجة ما مرّ به الوطن من ظروف انقطع الأساتذة عن المعهد، فبدأت تعلم العزف على آلة الكمان عند أعلى مرجعية للموسيقا في المعهد العالي للموسيقا بـ"دمشق"، أسبوعياً ولمدة عام ونصف؛ أتعلم وأعلّم في المعهد، وفي 2019 أسست أوركسترا الكمان، وبدأت 2022 مع "Julia Bushkova" خبيرة الكمان في العالم وما زلت».
وتتابع الفنانة "عبيد": «أعلّم الهواة من عمر 3 سنوات وما بعد من دون سقف، لأن الجميع قادر على تعلم الموسيقا، ووصل الهواة لمستوى الاحتراف والأغلبية درسوا أكاديمية الموسيقا في "حمص" والمعهد العالي للموسيقا وتخرجوا أساتذة فيها يدرسون أجيالاً أخرى وأكبر مثال عازف الفلوت "طارق عبيد" الذي التحق بجامعة "هامبورغ" الألمانية وهي من أصعب الجامعات قبولاً في العالم، إن الموسيقا غذاء الروح للجميع ولكنها هبة من الله وكالصلاة لا يمارسها إلا من كان له صلة مع الله».
نَشَاطَاتٌ
«شكلت أوركسترا الكمان وأحيينا عدة حفلات بالمعهد، وشاركت ضمن لجنة عالمية في "تايلاند" لتقييم المواهب الموسيقية، وقدمنا عملاً مشتركاً، وأنا أول مدربة كمان "أون لاين" في الوطن العربي، ولدي طلاب في "أمريكا" و"ألمانيا" و"مصر" و"العراق"».
أون لاين!
وأضافت "عبيد": «تواصل معي طبيب عربي يتابعني معجب بنشاطي وشجعني لتعليم الأون لاين، ورفضت الموضوع في البداية، ولكن بعد 2017 زادت الطلبات من عدة أشخاص، فقمت بتجربتي الأولى مع أحد الطلاب، وكانت النتيجة رائعة وتطورت بشكل سريع، واستطعت توصيل المعلومة عبر الإنترنت، ساعدني ابني "طارق" الموجود في "ألمانيا" فصار يعطي الطلاب صولفيج وأنا أعلمهم العزف، وعندما يكون طالب على آلة الفلوت نتبادل الأدوار، ومع عرض نتائج الطلاب، أصبحت المجموعة ضخمة، وذاع صيتي كأول امرأة عربية مدربة موسيقا، فتجربة الأون لاين تجربة ناجحة عرفتني على ثقافات شعوب أخرى، وهو سفر عبر الإنترنت، إن طالب الأون لاين طالب جاد، أي أن درسه مصيري وهو ملتزم ومتمرن، شرط اختبار الطالب قبل قبوله، بينما طالب الحضور يحتاج 3 معلمين (صولفيج، بيانو، كمان)».
شَهَادَاتُ أَولِيَاءِ أُمُورِ الهُوَاةِ
الدكتور "إياد الشقفه" والد الطفل الموهوب "جواد" يقول: «ولد "جواد" في 2016، وعندما كان بعمر ثلاثة أيام، كنت وزملائي الدكتور "طرفة بغدادي" والدكتور "طوني حصني" نعزف على أعوادنا على مسمع "جواد" فقد اتخذت من بيتي صالوناً موسيقياً مع أصدقائي نتذوق الموسيقا والألحان الأصيلة، دوراً في تغذية مواهب وروح الطفل"جواد" وأنا شخصياً هاو أعزف على آلات الكمان والأورغ والعود، ومازلت أتعلم مع المدربة "وسام"، واكتشف موهبة ولدي "جواد" صديقي المايسترو "ناصر مورلي " الذي ابتاع له أول كمان ونصحني بالمدربة "وسام" وطفلي بعمر الرابعة وسبعة أشهر، لأنه طفل موهوب فقد ختم جزء عم ونصف جزء قرآن كريم ونال شهادة حفظ، وهو لاعب جمباز وسلة وقدم وسباح منذ بلوغه الخامسة من عمره والآن يتبع دورة رسم ويحضر دورة في الروبوت والشطرنج، وبدأ بالتدريب عند المدربة "وسام عبيد" في الحادي عشر من الشهر الأول عام 2020 على آلة الكمان كما تعلم العزف على آلة البيانو والصولفيج وأصول الغناء وأصول الإيقاع لأنها مختصة بتعليم الأطفال ولها قدرة على استيعابهم وضبطهم وتحفيزهم وأهم ما يميزها تنمية شغفهم لآلاتهم الموسيقية باستمرار ومراعاة أدق التفاصيل خاصة صعوبة آلة الكمان للأطفال ومراعاة الجانب الحركي الجسدي بين الآلة والعازف فهي لا تكتفي بتدريبهم في المعهد بل تتابعهم في البيت بإرسال مقاطع فيديو لمتابعة الأخطاء أولاً، وتطوير عزف الطفل وتطوير أذنه النظيفة إضافة لمراعاتها الجانب التعليمي والأخلاقي والثقافي السلوكي للمتدرب».
"سهى نمرة"، موظفة، والدة الطفلة عازفة الكمان "جودي خضور" أضافت قائلة: «ولدت ابنتي عام 2009، ومنذ طفولتها كانت تسكت الجميع لتسمع أغنية أو موسيقا على التلفزيون ويشدها حركة الأصابع بداية تعلم "جودي" على آلة الكمان عند مدربة الموسيقا "وسام"، كانت بعمر ثمان سنوات، وخلال شهور أبدعت، بتشجيع وبفضل متابعة المدربة، وبدأت مشاركاتها بحفلات المدرسة، وبالمراكز الثقافية وعلى مسرح قصر "العظم" بدمشق ومسابقات الرواد في 2019، و2020، و2021، على مستوى المحافظة، وفي السهرات العائلية حتى أنها تعلم أختها الأصغر منها».
شَهَادَةٌ عَن مَسِيرَةِ الفَنَّانَةِ "عبيد"
"طارق عيد" أكاديمي عازف على آلة الكمان، عن مسيرة الفنانة "عبيد" يحدثنا قائلاً: «مشروعها متفرد رغم الصعوبات فقد كانت حريصة على توفير الكوادر المتميزة لتنطلق في مشروعها معهد "البديل"، وبجهد وصبر خرّجت أجيالاً أكاديمية من هذا المعهد كان لهم دور في الساحة الموسيقية المحلية وفي المهرجانات العالمية، وفضل في رفع مستوى الثقافة الموسيقية في "مصياف"، لتنطلق بعدها لمركز آخر في دمشق" وتوفر الأكاديمين فيها لتعليم الكمان، لاسيما وأنها كانت حريصة على دقة تعليم في الكمان عبر التواصل مع خبراء عالميين أكاديميين، ولها كورسات في ذلك، و"عبيد" تتمتع بشخصية صبورة وطاقة إيجابية محببة لهواة الموسيقا من طلابها، وكسر الملل لدى الطالب، وتفردت في تعليم أون لاين على مساحة الوطن العربي لتشمل العالم الأوروبي كأول معلمة للموسيقا، وكان لي تجربة في قيادة فرقة من تدريب الفنانة "وسام" في مهرجان بـ"مصياف"».
"عمر المنصور" 1996 من "العراق" هاوي موسيقا حدثنا عن تجربة تعلم الموسيقا أون لاين قائلاً: «منذ عام بدأت التدرب عند المدربة "وسام" ولمدة ستة شهور وتركت لظروف خاصة ثم عدت، فأنا من عشاق آلة الكمان وعندما اقتنيت واحدة بدأت دخول مجموعات على الإنترنت حتى وجدت صفحة "معهد البديل"، وبدأت بمتابعة الفيديوهات وأعجبت بطريقة التعليم، لقد منحتني الطمأنينة والراحة، وبعد التواصل على كيفية الاشتراك وعدد الدروس، بدأت من الصفر ومن الإمساك بالقوس والآلة برغم البعد وضعف الإنترنت، وبعد كل تمرين كانت مهاراتي تتطور بالمناهج العالمية التي تعلمت بها وبعد شهرين أصبحت أقرأ نوتة وعزفت مقطوعة وبدأت أعزف أغاني كاملة للسيدة "فيروز"».
"طارق عبيد" عازف الفلوت ابن الفنانة "وسام عبيد" أضاف قائلاً: «تجربتي في تعليم الأون لاين هي رد جميل لمعهد البديل، ففيه تعلمت الموسيقا على مستوى عال من مدربي موسيقا كبار رغم صعوبة الإمكانيات، فأنا في "ألمانيا" أدرس في أكبر جامعة فيها، وتجربة الأون لاين زادت خبرتي في تعليم الموسيقا ودفعتني خطوة للأمام، ويعد معهد البديل الأول في "سورية" بتعليم الأون لاين، والتعليم أكاديمي، آلة ونوتة».