يوجد داخل كل شاب موهوب بذرة تحتاج للرعاية لتنمو وتعطي ثمارها، وكانت "أوركسترا الشباب السوري" هي التربة الحاضنة التي ساعدت المواهب الشابة السورية على النمو والإزهار، لتقدم ثمارها الموسيقية على المسارح وتنال إعجاب كل من سمع ألحانها.
بِدَايَةُ تَأسِيسِ الأُوركِسترَا
كانت أوركسترا الشباب السوري مجرد فكرة تحولت مع العمل والجهد إلى واقع، وعن مسيرة تأسيسها يتحدث المايسترو "علي أحمد" مؤسس وقائد الأوركسترا: «بدأت أوركسترا الشباب السوري فعلياً بعد أن حصلت على توصيف قائد أوركسترا بشكل رسمي من نقابة الفنانين، وبدأت بالتعاون مع معهد الأسد للموسيقا كونه عمل على تقديم اللوجستيات اللازمة للأوركسترا من تأمين مكان التدريب والعازفين، فالعمل الناجح والضخم يحتاج إلى تعاون العديد من الجهات لضمان نجاحه، فكانت البداية بتدريب مجموعة من العازفين بالإضافة إلى كوادر من المعهد لتشكيل فرقة كانت الأساس الذي انطلقت وتشكلت منه الأوركسترا التي ضمت عازفين هواة لديهم شغف وحبّ للموسيقا، ولديهم الإمكانية على تقديم الموسيقا بطريقة أكاديمية إضافة إلى مجموعة من العازفين من معهد الأسد للموسيقا».
البَرنَامَجُ الفَنِّيُّ لِلأُوركِسترا
يعتبر اختيار البرنامج الفني من الأسس المهمة التي تساعد على تحديد مسار العمل، وعنه يقول المايسترو "علي": «إن وضع خطة عمل فنية ضروري للوصول إلى الهدف المنشود، وبعد عمل وتدريب لأكثر من عام أستطيع القول أن الأوركسترا حققت تقدماً على الصعيد التقني للعازفين الذين حققوا تطوراً ملحوظاً، وعلى الصعيد الفني والجماهيري كان اختيار البرامج الفنية مساعداً لبناء جمهور كبير وبوقت قصير، وما زال العمل والتدريب مستمراً، فكل تطور شخصي للعازفين يرافقه تطور في الأداء الفني، وحسب برنامجنا بدأنا حالياً بالموسيقا الكلاسيكية، ونعمل على تقديم حفلات كلاسيكية لهدف تقني بحت يتعلق بتطوير السوية للأوركسترا».
عازفي الأوركسترا
ازداد الإقبال للانضمام إلى الأوركسترا بعد الحفلة الأولى، ويتحدث المايسترو "علي" عن انتقاء العازفين: «بعد الحفلة الأولى للأوركسترا طلب الكثير من العازفين الانضمام إلى صفوفها، وكانت الفئة العمرية بين 15– 35 سنة هي الفئة المستهدفة، لذا عملنا على إحداث أوركسترا بديلة تتكون من العازفين المنضمين حديثاً، وتم تدريبهم على القطع الموسيقية التي تقوم الأوركسترا بعزفها، ليتم ضمّ المتمكنين من العزف لصفوفها، في حين ألتحق الباقي بالأوركسترا البديلة للتدريب أكثر على المقطوعات والوصول إلى سوية زملائهم، وأصبحت الأوركسترا تضم ما يقارب 80 عازفاً، 45 عازفاً يعزف ضمن الأوركسترا و35– 40 عازفاً يتدربون للالتحاق بزملائهم في حال تواجد عمل فني كبير أو في حال وجود أي طارئ لأحد أفراد الأوركسترا الأساسيين».
الأَهدَافُ المُستَقبَلِيَّةُ لِلأُوركِسترا
يتابع المايسترو "علي" الحديث عن مستقبل الأوركسترا: «تسير الأوركسترا وفق خط فني تم وضعه منذ تأسيسيها وقد نفذنا جزءاً كبيراً منه، وسنعمل في الفترات القادمة على عدّة برامج أحدها تقديم حفلة موسيقا كلاسيكية يسبقها حفلتان سيتم تقديمها على المسرح لنصل إلى السوية الفنية المطلوبة لتقديم الحفل الكلاسيكي، أما من ناحية الجمهور فالعمل جاري على اختيار برامج محددة تجذب أكبر شريحة لمتابعة الأوركسترا لأنها تستحق كل الدعم لأنها ستكون الرديف للموسيقا وللساحة الثقافية السورية».
مِن عَازِفِي الأَوركِسترا
يتحدث "عامر خضور" عازف كمان عن الفرصة التي منحته إياها الأوركسترا: «كان الانضمام إلى الأوركسترا فرصة مهمة ومفيدة بالنسبة لي من عدّة نواحي، فأنا خريج كلية التربية الموسيقية في حمص منذ عام 2017 اختصاص كمان، لكن عزفت على آلة الفيولا مع الأوركسترا لفترة وجيزة ثم عدت للعزف على الكمان، والفائدة الأخرى ازدادت معرفتي في مجال التوزيع الأوركسترالي، فقد وزعت سابقاً عدّة أعمال لكن بعد انضمامي للأوركسترا قمت بتوزيع أكثر من عشرة أعمال لمؤلفين كبار وموسيقا أفلام، وفي الحقيقة أن الأوركسترا أتاحت لي فرصة استمرارية العزف خاصة بعد انتقالي إلى دمشق للالتحاق بخدمة العلم فكان المايسترو "علي" وما زال المرشد والناصح والأخ الكبير الذي استفدت من خبرته، وسأواظب العمل لتقديم موسيقا نخبوية وجيدة».
فيما قالت "نور البياتي" عازفة تشيللو ضمن الأروكسترا: «أوركسترا الشباب السوري مشروع بُنيتُه الأولى تتعشق الشغف الأصيل لأجل رسالة تضم نُبلاً حقيقاً بفنٍ أصيل، والهدف الأسمى له هو رفد الجيل بموسيقيين أكاديميين هذا الذي كنا على دراية من به منذ بدأ المايسترو علي معنا بالتدريبات خلال خطة مدروسة وبدقة، التحقت بأوركسترا الشباب منذ تأسيسها كعازفة تشيللو، وفي كل جلسة للتمرين ومع كل برنامج حفل استكشف وأبدأ باكتساب خبرات جديدة وغزيرة تُضاف الى الشخص الموسيقي داخلي برفقة التشيللو، غير أن المايسترو علي يقوم بإيضاح الكثير المعلومات الموسيقية النظرية والعملية، وغالباً ما تحدث نقاشات عن الكثير من الأمور الموسيقية التي نكسب منها الكثير من المعرفة ناهيك عما يضيف عليها من خبرته خلال مسيرته الفنية، وأوركسترا الشباب السوري ليست مجرد مشروع جماعي، إنما هي مدرسة موسيقية من الطراز الرفيع لكل أعضائها فهي أضافت لكل عازف خبرة موسيقية استثنائية، وما يميز الأوركسترا هو ما زرعه المايسترو علي داخلنا من شغف من خلال إيمانه بقدراتنا وثقته بنا».