اعتبر الملحن والموسيقي وعازف العود "إياد قطيش" أن الموسيقا حياة وتجدد لذهنية العقل، فمنذ أن بدأ يطل على الحياة الشبابية تأثر بالموسيقا، وحصراً "آلة العود"، التي باتت جزءاً من حياته وقوته اليومي، درس الموسيقا على يد الأستاذ "حمد آشتي"، وحين اشتد عوده عاش في عالم الموسيقار فريد الاطرش، وخياله الإبداعي.
رشاقة الجملة اللحنية
اعتنى الموسيقي "إياد قطيش" بالجملة الموسيقية، فأتقن الرشاقة والمرونة بالعزف، ونهل من مدارس متنوعة، ولكن الأكثر قرباً إليه كان أسلوب الموسيقار "فريد الأطرش" بالعزف على آلة العود، حيث استفاد من استخدام الريشة المقلوبة لآلة العود منه، وتأثر بأستاذه "حمد آشتي" الذي أحب التطريب الكلاسيكي وقدم ألحاناً شعبية مهمة في تاريخ جبل العرب، وكان قد نهل علمه الموسيقي من القاهرة قبل عقود خلت، وهو المعروف بتقانة عزفه على آلة "الكمان".
واستطاع "إياد قطيش" أن يجعل من التنوع المقامي والإيقاعي في الموسيقا الشرقية فسحة له، للتعبير عما يختلج فؤاده من مشاعر وأحاسيس، فقدّم "مقدمة موسيقية" رشيقة ومتنوعة باستخدام العزف بالريشة "ريشة العود بأنواعها"، حملت التنوع المقامي لأغنية "الحياة حلوة" للموسيقار "فريد الاطرش"، وأضاف من خلالها لنفسه قيمة مضافة، للحن الأصلي.
السِّيرة وَالتَّأثُّر
تحدث الموسيقي "إياد قطيش" إلى "مدونة الموسيقا" عن مسيرته، قائلاً: «كانت البداية مع الموسيقي "حمد آشتي" الذي علّمني قراءة الإيقاع والصولفيج وأنا في الثالثة من عمري، أما العزف فكنت قد تعلمت العلامات الموسيقية على آلة "العود" قبل سنة، وأصول ومبادئ الموسيقا، ثم بدأت أعتمد على نفسي في تطوير عزفي لغاية الشهادة الثانوية، حيث ذهبت الى المعهد العالي للموسيقا وتم قبولي، لكن لم أستطع الدراسة فيه بسبب الظرف المادي. وبحكم وجود الأستاذ "حمد" خريج القاهرة، تأثرت بالفن والطرب المصري الثقيل، وخاصة ما قدمه الموسيقار "فريد الأطرش"، فعشقت عزفه وموسيقاه، وسلكت نهج مدرسته، حتى ظهرت عندي موهبة التلحين بفترة مُبكرة في حياتي».
وتابع قائلاً: «سافرت إلى الإمارات العربية المتحدة، ودرست الموسيقا وأصول العزف بشكل احترافي، لمدة أربع سنوات في معهد الرايات للموسيقا والفنون وهو معهد له تاريخه العريق بين المعاهد الموسيقية العلمية، ثم أوفدت من المعهد إلى المدرسة البريطانية في الشارقة لتعليم الموسيقا، وعلّمت الموسيقا باللغة الإنكليزية، وحصلت على شهادة خبرة بريطانية بذلك».
تعليم وتلحين
وأشار إلى أنه بعد عودته إلى سورية مارس مهنة التعليم الموسيقي، يقول: «أحدثت مكتباً لتعليم الموسيقا عزفاً وغناء، وشاركت في مسابقة "أفضل عازف عود عن مدرسة الموسيقار فريد الأطرش" عبر المنصة الافتراضية "أون لاين" بتاريخ "2 تموز 2021" في مصر، وحصلت على المركز الأول في الوطن العربي، وكرّمت بالدعوة إلى دار الاوبرا المصرية».
وفيما يتعلق بالتلحين يؤكد الموسيقي "إياد قطيش" في حديثه لـ "مدونة الموسيقا" أنه لحّن عملاً بعنوان "ديمو" كلمات "حسن مملوك" وغناء المطربة "مي حسن علي"، التي شاركت بالأغنية ضمن مسابقة "الصوت الذهبي" في مصر العام الحالي ونالت الدرجة الثانية على مصر بين المطربين، والأولى بين المطربات، وفق تصنيف دار الأوبرا المصرية. يقول: «لدي أيضاً عشرة ألحان قيد الإنجاز، منها لحنان من كلمات "عدنان كرباج" وغناء "إيهاب فهد بلان"، وهناك عمل من ألحاني وكلماتي للمغني الشاب مازن منصور نصر الدين».
ويُكمل قائلاً: «من الصدف الرائعة أنه عندما استمع إليَّ الشاعر المصري "حسن مملوك" عبر "الأون لاين" أعطاني كلمات أغنية سبق وقدمها للراحل "فريد الأطرش"، وكان من المقرر أن يتم تلحينها وغناؤها في فيلم من إخراج "هنري بركات" الذي أخرج لفريد العديد من الأفلام، ولكن يد المنون طالت الموسيقار الكبير قبل إتمام العمل، فقمت بتلحينها، ومن المقرر أن تغنيها مطربة مصرية، تجيد الأداء ضمن الدوحة الفنية لمدرسة فريد، لأن طبيعة اللحن أيضاً من المدرسة التطريبية نفسها».
زمن الطّرب الأصيل
«من يستمع الى عزف وألحان الموسيقي "إياد قطيش" يشعر أنه يعيش زمن الطرب الأصيل».. هذا ما أكده الموسيقي "بسمان حرب"، ويتابع قائلاً: «كثيراً ما تراه يستخدم التقاسيم الحرة باختيار مقام، ويجول بخبرة فنية بين المقامات، دلالة امتلاكه خيالاً موسيقياً وثقافة، ويقدم صورة إبداعية في الأنغام مستقطباً المتلقي طرباً، ولعل المدرسة الأقرب إلى قلبه هي المدرسة العاطفية التي أتقنها الموسيقار "فريد الأطرش" وتأثر بها "قطيش" إلى حد استخدم التكنيك الموسيقي بالعزف المنفرد، وفي الجملة اللحنية التي يقدمها».
ونوّه إلى أننا نفتقر اليوم إلى الطرب الأصيل، ذي الجمل التطريبية الطويلة متنوعة المقامات، لأننا في عصر السرعة والصورة الخاطفة، واللحن الفقير لتعدد الجمل اللحنية.
أما الموسيقي "سلام بشر" فأكد أن الملحن والموسيقي "إياد قطيش" من القلائل الذين أجادوا العزف التطريبي على آلة "العود" بتقانة ورشاقة ومرونة، فتشعر بدفء ألحانه وأحاسيسه المرهف، والبعد الإنساني في جملته اللحنية.